حسن احمد اللوزي -
الارادة الفولاذية الحرة قادرة دائماً على ان تنتج العزائم الكبار لحرث كل الحقول واقتحام الآفاق واثمارها بالكائنات الجديدة التي تضيف رصيداً جديداً لحقيقة الحياة ولدفع حركتها في الاتجاه الصحيح عاماً إثر عام.. وبنوعيات متعددة من الاعمال والمنجزات والمشاريع في عطاء يتنوع بما ينسجم مع ايقاع الحياة وألوانها وتعدد جهاتها في السياسة كما في الاجتماع وفي الاقتصاد كما في الثقافة وفي بناء القوة المعنوية والمادية والعلمية على حدٍ سواء.
والزمن يخضع كوعاء لمحتوى املاء الارادة وفعل الحركة فيه اذاً كيف يمكننا ان نكتشف عاماً مختلفاً او عاماً جديداً او عاماً متطوراً عن الاعوام السابقة مع كل بداية جديدة للسنة الميلادية.. او السنة الهجرية؟؟ كما بالنسبة لبداية كل عقد او قرن؟؟ وهذا هو المدى المتاح للسؤال بالنسبة للإنسان؟؟ فالزمن قابل للقسمة كوقت على افعال الانسان كفرد ومجتمع وهو كمحتوى يبقى قابلاً لأن نصبغه بالألوان التي نريد وان نرسم عليه كلوحة الاشكال التي يمليها ازميلنا كإرادة وعزيمة وكفعل وانتاج واقتحام؟
فلنصنع وجه الزمن الذي نبدع وإلاّ فإن العملية ستظل موصومة بصفات اخرى سلبية اقلها وصف الزمن بالرتابة واخطرها وصفه بالسوء وبالرداءة وهو لا يستحق ذلك الوصف مطلقاً كما لا يستحق اي وصف آخر!! ان ارادتنا وفعلنا في كل لحظة هو الذي يصنع الصفات التي نقدر على ان نمنحها اياه وان نصنعها من اجلنا وحياتنا ومن أجل زمن جديد بعطاءات متنوعة جديدة في كافة الميادين.. ولهذا يبقى الزمن وعاءً واسعاً يستوعب كل ما يمكن ان يقدمه فيه فعل الانسان فهو مثل الحقل القابل للحبل والاستيعاب والاحتفاء بكل اشكال الاستثمار ليحتوي على كل الفرص المتاحة ويساعد على الاستجابة لما تمليه القدرات والامكانات وابداعات الحركة الانسانية »الزمكانية«.
لم يكن الزمن او الوقت مطلقاً عاقراً او جدباً فتلك ليست صفاته كما اشرنا سابقاً اذا استوعبنا ذلك وفي ضوء المتعارف عليه في عد الساعات والايام والشهور والسنين نستطيع ان نجعل من كل يوم يوماً مختلفاً عن الآخر متقدماً او صاعداً الى الأعلى بالمقاييس الايجابية التي نحتكم اليها فيه.
فالزمان ليس مجرد باب مفتوح ولا درباً يفضي لضياع او هاوية وانما هو حقل كامل الاستواء شديد المرونة لا نهاية لا ستيعابه وفيه تترامى الآفاق بعيداً وفيه تتجلى المنجزات والمعجزات شامخة في شواهد قادرة على كسر حدة الانتهاء ونفاد الوقت.
فالانسان والزمن ندان وكلما كان الانسان قادراً على الحركة وكسر حاجز المسافة تجاه احلامه وطموحاته والوصول بإرادته الى غاياتها العظيمة يستطيع ان يتغلب على ما يمثل وهماً في تخيل الزمن فالحركة والتي لا تعني مجرد الحيوية ومجرد الفيض وانما العمل والانتاج والابداع، هذه الحركة هي التي تستطيع كما اسلفنا ان تجعل لكل مساحة زمنية صورة وضاءة ومشرقة في المساحة المكانية وغنية بالحياة ومعطيات الحضارة في محتوى الوجود الانساني بكامله وبالتالي بالحركة ينفصل الانسان عن السبات والتخلف والموت ويدخل في الحالة الايجابية التي لا يمكن معها إلحاق الصفات السالبة للزمن المعاش بمعنى الكلمة!! وبذلك يستطيع ان يلحق بما يعتبر امتداداً للحضارة الحية التي لا تتوقف.
هذا هو التحدي الحقيقي بالنسبة للانسان.. ولكل المجتمعات الحية!!