استطلاع/ فيصل الحزمي - أكد قانونيون أن الدعوة الى المظاهرات والمسيرات والتجمهر دون إذن مسبق من الجهات المختصة تعتبر دعوة صريحة للفوضى وأعمال الشغب والتخريب للمصالح العامة والخاصة وسفك الدماء المعصومة.
مشيرين الى أن اكراه الاشخاص على الامتناع أو منعهم بالقوة عن الانتخابات يعد جريمة انتخابية لا تسقط بالتقادم ويجب ملاحقة ومساءلة من يقومون بتلك الأعمال وتقديمهم للمحاكمة الجنائية.. جاء ذلك في الاستطلاع الذي أجرته «الميثاق» مع عدد من الأكاديميين القانونيين..
يشير الدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين أستاذ الشريعة والقانون بجامعة صنعاء، الى أن هناك قانوناً ينظم المظاهرات والمسيرات العامة ووفق ضوابط سلمية منها.. ضرورة الحصول مسبقاً على إذن من الجهات المختصة عن طريق طلب يتقدم به منظمو المظاهرات والمسيرات ويبين في هذا الطلب الجهة المنظمة والغرض من المظاهرة والمسيرة والعدد المتوقع حشده واتجاه سيره، وذلك حتى تكون الجهات المعنية على علم مسبق بالأمر وتتخذ الإجراءات الكفيلة والمناسبة لذلك بما يضمن عدم تحولها الى فوضى.
وأضاف: أما مسألة الدعوة الى المظاهرات والمسيرات والتجمهر والاعتراض وقطع الطرقات فهي دعوة صريحة للفوضى وأعمال الشغب والتخريب للأموال العامة والخاصة والأهم من ذلك سفك الدماء المعصومة.. وتبعاً لذلك فهذه أعمال إجرامية ما أنزل الله بها من سلطان وشتان بين المظاهرات السلمية التي تخرج طبقاً للقانون وبين الأعمال الفوضوية التي يدعو اليها الأشخاص من غير إذن ولا ضابط.
مؤكداً أنه لا يجوز للأشخاص والمنظمات أو الأحزاب تنظيم مظاهرات دون إذن مسبق لأن ذلك يقود إلى الشغب والفوضى بعينه.
وعما تمارسه أحزاب المشترك بدعوتها لمقاطعة الانتخابات وترهيب المواطنين بالتلويح باستخدام القوة لمنع الانتخابات نوه أستاذ الشريعة والقانون بجامعة صنعاء الى أن الاستحقاق الانتخابي نظمه الدستور وكفله القانون وهو حق شخصي وليس حزبياً.. فالمواطن يمارس هذا الحق بشخصه وبنفسه من غير وكيل أو قيم وتبعاً لذلك فليس لأحد حق الولاية أو تحديد أو تعطيل أو تنصيب نفسه وصياً على الحقوق الشخصية للأفراد.
مؤكداً أن الانتخابات حق لكل مواطن على حدة وله حرية مباشرة هذا الحق من عدمه ولا يجوز الوكالة فيه كما لا يجوز لأي شخص الادعاء بأنه وكيل على المواطنين ودعوة المشترك الى تأجيل الانتخابات أمر مرفوض لأن المواطنين لم يمنحوهم هذا الحق.
التهديد بحد ذاته جريمة
من جانبه أوضح الدكتور محمد سيف مسعود استاذ القانون الدولي بجامعة صنعاء أن تهديدات أحزاب المشترك بالخروج الى الشارع هي قضية ذات شقين الأول يتعلق بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات.. ولم تكن أحزاب المشترك موفقة في هذا الجانب على الاطلاق لعدة اعتبارات قانونية أولاً ليس هناك ما يمنع تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة.. ثانياً أن الدستور قد حدد صلاحيات رئيس الجمهورية على وجه الدقة ومجلس النواب هو من رأى تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة، ومجلس النواب هو سلطة تشريعية منتخبة من قبل الشعب ويتمتع بسلطة تشريعية مطلقة.
وأضاف: ومن ثم فقرار تعيين لجنة الانتخابات من قبل رئيس الجمهورية ليس إلاّ امتداداً للسلطة الممنوحة لمجلس النواب.. ثانياً أحزاب المشترك هي من طالبت بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة ومن ثم فإن خروجها عن هذا المطلب يعد خرقاً لطلبها وخرقاً للاتفاقيات الموقعة بينها وبين حزب المؤتمر ويعد هذا الخروج عن الاتفاقيات والتهديد باللجوء الى الشارع اعلاناً مسبق عن ارتكاب جريمة تتمثل بالفوضى وعدم احترام الدستور الأمر المعاقب عليه قانوناً ولابد في مثل هذه الحالات من مساءلة المحرض والمتسبب في ارتكاب الجريمة مساءلة واحدة حيث لا فرق بين المحرض ومرتكب الفعل وفقاً للنصوص القانونية في قانون العقوبات النافذ.
وأكد خبير القانون الدولي الدكتور محمد مسعود أن التهديدات بحد ذاتها جريمة يعاقب عليها القانون إذا سبب ذلك التهديد خوفاً للمهدد.. ولابد في هذه الحالات أن نتيقن أن التهديد الصادر من أحزاب المشترك بتحريك الشارع قد أحدث خوفاً يتمثل بما يمكن أن يحدث من فوضى تمس أمن المواطن والمجتمع، أي أن التهديد قد حدث أثره ولابد من مساءلة مصدره مساءلة قانونية وإحالته الى النيابة العامة للتحقيق معه وهذه اجراءات قانونية لا يمكن لأحزاب المشترك أن تنكرها.
وقال مسعود إنه كان يجب على أحزاب المشترك قبل أن تصدر مثل هذه التهديدات أن ينتظروا ليعرفوا من هم أعضاء اللجنة العليا للانتخابات لأنهم كانوا سيوقنون حينها أن السلطة كانت موفقة الى درجة كبيرة جداً في اختيارها لأن جميع من شملهم قرار التعيين كانوا في اللجنة العليا للانتخابات مشهوداً لهم بالنزاهة والكفاءة وهو مطلب جماهيري.
أما الشق الثاني المتعلق بتهديد المشترك فهذا يؤكد افلاسهم وعدم تمكنهم من استقطاب الجماهير الى صفوف احزابهم أوعلى أقل تقدير لمناصرتهم حيث لو كانوا يثقون أن الشارع بجانبهم لكانوا أول من يسارع الى طلب اجراء انتخابات بموعدها.. لكن خشيتهم من الفشل جعلتهم يتذرعون كل يوم بحجج واهية فتارة «أخطاء في سجل الناخبين وأخرى بعدم الشفافية والنزاهة» ولذلك يهددون باستخدام بلاطجة لإثارة الفوضى، ليس إلاّ في الشارع.
ولفت مسعود الى أنه كان يجب على حزب المؤتمر ألا يقدم أي تنازلات للمشترك لأنه بما قدمه من تنازلات مستمرة أعطى أحزاب المشترك الحجة تلو الأخرى لتحقيق مكاسب ما كانت لتحصل عليها لو آمنت بالديمقراطية وأن صندوق الانتخابات هو الفيصل.
محكومة من الناحية القانونية
الى ذلك أكد الدكتور عبدالله الفسيل أستاذ القانون وفلسفته بكلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء فشل المعارضة في رهانها على تحريك الشارع قانونياً.. وارتكاب خروقات للدستور والقوانين النافذة معبراً عن ذلك بقوله: لاشك أن الانتخابات استحقاق دستوري وقانوني، ولذلك نصت المادة «43» من دستور الجمهورية اليمنية على أن «للمواطن حق الانتخاب والترشيح وابداء الرأي في الاستفتاء.. الخ»، ويتكئ هذا الاستحقاق على النهج الديمقراطي ذي الوجهين والمتمثل في استخدام الحق الديمقراطي أو عدمه.. وبالتالي إما أن يشارك المواطن في الانتخابات أو يقاطعها.. سيان.. وينطبق ذلك على موقف بعض أحزاب المعارضة وعلى وجه الخصوص الأحزاب المفلسة شعبياً والتي تخشى سقوط مرشحيها في حالة مشاركتها في الانتخابات، فمن حقها المقاطعة وليس لها غير ذلك.. فإذا كان التعبير عن الرأي حقاً مكفولاً بموجب الدستور طبقاً لنص المادة «42» منه والتي جعلت «لكل مواطن حق الاسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والاعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون» إلاّ أنه يتضح من خلال نص المادة المشار اليها أن حق التعبير عن الرأى ليس حقاً مطلقاً يمكن للانسان أن يستخدمه دون قيد أو شرط، وإنما مشروط بأن يتم وفقاً للقانون، والمقصود بذلك قانون تنظيم المظاهرات والمسيرات رقم «29» لسنة 2003م والذي نص في المادة الرابعة على وجوب اتباع الجهة الداعية للمظاهرة أو المسيرة إجراءات وترتيبات سابقة على القيام بها حيث نصت هذه المادة على ما يلي:
أ- يجب على كل من أراد تنظيم مظاهرة أو مسيرة تشكيل لجنة تقوم بتقديم بلاغ الى الجهة المختصة قبل وقت لا يقل عن ثلاثة أيام من تاريخ بدء المظاهرة أو المسيرة على أن يكون البلاغ مكتوباً ومحدداً فيه تاريخ وتوقيت بدء المظاهرة أو المسيرة ومكان تجمعها وانطلاقها وخط سيرها وانهائها وذكر أهدافها وأسبابها وارفاق الشعارات التي سترفع خلالها، على سبيل الاحاطة والعلم، وأن يكون البلاغ موقعاً عليه من اللجنة وموضحاً فيه أسماء رئيس وأعضاء اللجنة ومهنهم وعناوينهم، وفي حالة أن تكون الجهة الداعية حزباً سياسياً أو منظمة جماهيرية أو نقابة مهنية فيجب أن يكون البلاغ موقعاً عليه من الممثل القانوني للحزب أو المنظمة أو النقابة وممهوراً بختمها بالاضافة الى أسماء وتوقيعات اللجنة، وللجهة المختصة التحقق والتأكد من صحة ما جاء في البلاغ المقدم إليها.
ب- على الجهة المختصة عند تقديم البلاغ إعطاء استلام مكتوب يحدد فيه تاريخ وساعة استلامه واسم الشخص المستلم وتوقيعه وختم الجهة المختصة.
كما نصت المادة «5» من نفس القانون على حكم تكميلي مقتضاه أنه يجوز للجهة المختصة متلقية البلاغ التنسيق مع الجهة الداعية للمظاهرة أو المسيرة لاعتبارات أمنية بحتة تعديل موعد بدء المظاهرة أو المسيرة أو نقطة تجمعها وانطلاقها وخط سيرها وانتهائها بما لا يزيد عن أربع وعشرين ساعة، فإذا لم تقتنع الجهة الداعية بمبررات التعديل جاز لها خلال أربع وعشرين ساعة تقديم طعن الى المحكمة المختصة.. وعلى المحكمة نظره بصفة الاستعجال والبت فيه خلال اثنين وسبعين ساعة، ويعتبر قرارها باتاً ونهائياً.. وأنه يستفاد من هذين النصين أن المظاهرة أو المسيرة محكومة من الناحية القانونية بضرورة الابلاغ عنها من منظميها قبل ثلاثة أيام على الأقل سابقة على قيامها، وأن يقدم ذلك البلاغ مكتوباً وأن يقدم الى الجهة المختصة وهي بموجب القانون ادارات الأمن في أمانة العاصمة أو المحافظات أو المديريات وأن من حق هذه الجهة التنسيق مع الجهة الداعية لتعديل موعد بدء المظاهرة أو خط سيرها ويعتبر هذا الاجراء من جانب منظمي المسيرة أو المظاهرة أو الداعين لها اجراءً وجوبياً لمشروعية وقانونية أي مسيرة أو مظاهرة يترتب على مخالفته الحبس مدة لا تزيد على شهرين أوغرامة لا تزيد عن خمسين ألف ريال وذلك طبقاً لأحكام المادة «10» من ذات القانون، ما لم تكن هناك عقوبة أشد منصوص عليها في القوانين النافذة فتطبق هذه الأخيرة بدلاً من العقوبة الواردة في المادة السالفة الذكر.
كما نصت المادة السادسة من نفس القانون المشار اليه أعلاه بإلزام الجهة الداعية واللجنة بذل أقصى جهد للحيلولة دون الاخلال بالسلوك السلمي للمظاهرة أو المسيرة والتعاون مع الجهة الأمنية في منع أي إخلال بالأمن والنظام.
|