الميثاق نت - كشف وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى المتوكّل أن مجلس الوزراء يدرس حالياً إنشاء مجلس لإدارة المخزون الإستراتيجي لمادة القمح على مستوى وزاري ليتمكّن من وضع الآليات للدولة والقطاع الخاص الذي يتداول الجزء الأكبر من القمح والحبوب، في إطار إجراءات وسياسات جادّة خلال العام 2011 لمواجهة أية أزمة غذائية يتوقّع حدوثها في المستقبل.
وقال الوزير المتوكّل في حديث خاص لـ "المؤتمرنت" إن "القطاع الخاص ينبغي أن يكون شريكاً أساسياً في إدارة هذا المخزون الإستراتيجي، كما أن بذور الأزمات الغذائية ما زالت قائمة، وإذا تابعنا التطوّرات الناتجة عن الكوارث الطبيعية والأسواق العالمية فنحن لا بد أن نتوقّع حدوث مثل هذه الأزمات الغذائية مستقبلاً كما حدث في الفترات الماضية وربما تكون أشدّ".
وأشار المتوكّل إلى أن "الاستنتاجات والقرارات التي خرجت بها الحكومة إثر أزمة الغذاء الأخيرة هي قيد المتابعة بشكل حثيث ولم ننسها لأننا ما زلنا قلقين من الإمكانيات الضعيفة لمواجهة الأزمات الغذائية في اليمن نتيجة اعتماده بشكل شبه كلّي على استيراد الغذاء من الخارج باستثناء نسبة قليلة تنتج محلياً، ومع إشكالية عدم إمكانية التوسّع الكبير في إنتاج الغذاء نتيجة شحّة المياه".
ولفت المتوكّل إلى أن رؤية الحكومة ركّزت على جانبين الجانب الأوّل تشجيع المزارعين مع العلم المسبق بعدم إمكانية التوسّع الكبير ولكن على الأقل التركيز من خلال التوسّع الرأسي وزيادة المحصول من المساحة الزراعية ورفع كفاءة الإنتاج. والجانب الآخر تنظيم عملية استيراد السلع والمواد الغذائية من خلال التجارة الخارجية وتحسين عملية التوزيع الداخلي من خلال إزالة أي احتكارات وتشجيع المنافسة، بالإضافة إلى أهمية أن يكون هناك مخزون إستراتيجي.
وقال "نحن نتابع هذه الجوانب ففيما يخص التجارة تحديداً تمكّنت الحكومة من الحصول على قرض لبناء صومعة غلال في ميناء الصليف لإزالة احتكار القطاع الخاص في استقبال المواد الغذائية في الموانئ لأن الحكومة لا يوجد لديها صوامع، وتم الحصول على قرض يتجاوز 20 مليون دولار بالإضافة إلى تمويل محلي واستكمال الدراسات، وفكرة الصومعة أن تبدأ بسعة 100 ألف طن من الحبوب.
كما يحتاج الأمر إلى مخازن في الداخل وتم مناقشة هذا الجانب، ونحن في الوزارة سعينا لتحديث الدراسة التي أعدّت في الثمانينيات، وتم مخاطبة الجهات الحكومية واتّخذ مجلس الوزراء قراراً بتمويل هذه الدراسة والاستعانة بشركة استشارية من الخارج لتحديث الدراسة، ولا زلنا نتابع هذا الوضع لأن هناك جوانب فنية كثيرة وأنواع ووسائل مختلفة للتخزين"
. وفي معرض ردّه على سؤال يتعلّق بالإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي أجاب الوزير المتوكّل بأن "الوزارة وبالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي أعدّت إستراتيجية وطنية للأمن الغذائي في ضوء ما كان موجوداً في الفترة السابقة من وثائق مهمة، وتم الاستعانة بخبرات خارجية.
وأضاف :" لدينا الآن وثيقة تم مناقشتها من قبل لجان مختلفة، وما زال هناك بعض القضايا التي لم تحسم وخاصةً ما يتعلّق بالمخزون الإستراتيجي الذي نعتبره قضية أساسية وربما تعرض إستراتيجية الأمن الغذائي في الفترة القريبة القادمة على مجلس الوزراء لإقرارها، ويجب أن تتوحّد الرؤى وتتحدّد الجهات المختلفة ومسئولياتها، فالأمن الغذائي ليس منحصراً على جهة محدّدة وإنما تشترك فيها العديد من الجهات، ويجب أن يكون واضحاً أنه أولوية للحكومة بشكل مستمر وليس فقط أثناء الأزمات".
ونوّه إلى أنه "من ضمن القضايا التي تم طرحها ونحتاج إلى إعادة تفعيلها من جديد هي عملية الاستثمار في زراعة الحبوب سواء داخل اليمن أو خارجه، حيث تم تشكيل لجان وفرق فنية ذهبت إلى السودان لبحث إمكانية الاستثمار هناك، وتم تحديد بعض المواقع لهذا الغرض، ومطلوب إجراء الدراسات الفنية المتكاملة والجدوى من هذه المشاريع ونأمل أن تقوم الهيئة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي بتنفيذ هذه الدراسة".
ونبّه المتوكّل إلى أن "الوعي الاستهلاكي ما زال منخفض في اليمن ومسئولية الجهات الحكومية ومن ضمنها الوزارة والإعلام ومنظّمات المجتمع المدني مثل جمعية حماية المستهلك أن ترفع من مستوى الوعي الاستهلاكي من خلال برامج إعلامية. ولدينا الآن حوار مع وزارة الإعلام بشأن تحويل القضايا المرتبطة بالأسواق إلى قضايا إعلامية وليس إعلانية. وسنلمس خلال الفترة القادمة هذا التأثير".
وأشار إلى أن هناك أيضاً ترشيد الإنفاق وهو مسألة أساسية، فالحكومة نفسها اتّجهت إلى ترشيد الإنفاق، وينبغي أن يتم هذا الترشيد بالتوازي مع ترشيد المستهلكين للإنفاق مهما تفاوتت دخولهم. طبعاً إمكانية أصحاب الدخول العالية في الترشيد أعلى بكثير من أصحاب الدخول المنخفضة، ولهذا فالدعوة موجّهة بشكل أساسي إلى هؤلاء في ظل استكمال الإصلاحات الاقتصادية التي ينبغي أن تكون الحكومة أكثر جرأة على تنفيذها خلال الفترة القادمة لأن الأسعار ضمن منظومة متكاملة منظومة الاقتصاد الوطني ولا ينبغي أن تقتصر نظرة البعض في معالجة ارتفاع الأسعار على جانب معيّن دون النظر إلى المنظومة كاملة، وهذا لا يعني أن الوزارة أو الحكومة تدافع عن ارتفاع الأسعار بالعكس نريد بالفعل أن تكون الأسعار في متناول الجميع وليس مثلما يدعو البعض بدعم السلع لأنه سيعيدنا إلى المربّع الأول وسنضيّع ما تم تحقيقه خلال الفترة الماضية وإن كان بسيطاً ومحدوداً، كما يتحدّث البعض عن عودة الحكومة إلى القيام بدور تمويني وتوفير السلع مثلما كان يحدث في الماضي، لأن الفلسفة الاقتصادية للدولة اختلفت ولا يوجد منطق في العودة إلى تجربة المجرّب، في نهاية الأمر نحن لا نعيش بمعزل عن الاقتصاد الإقليمي والعالمي ولا يمكن أن تبقى اليمن في أطر لا تساير ولا تتوافق مع الاقتصاد الإقليمي والعالمي.
وفيما يتعلّق بارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية أكّد وزير الصناعة والتجارة أن "ارتفاع الأسعار قضية حقيقية في ظل الصعوبات التي يعاني منها المستهلك والمواطن محدود الدخل، وخاصةً الذي ليس لديه دخل، فنسبة البطالة مرتفعة. أريد أن أبيّن أن ارتفاع الأسعار ليست مسألة منحصرة في بلد معيّن وليست محلية أو إقليمية بل عالمية. وحيثما ذهبنا سنجد أن هناك شكوى من ارتفاع الأسعار لسبب أساسي وهو اقتصادي مرتبط بالعرض والطلب".
وقال المتوكّل "هناك قضية أساسية سنركّز عليها خلال السنوات القادمة، وهي تعزيز التنافسية والحد من الاحتكارات. طبعاً الدول الصناعية والمتقدّمة مستوى التنافسية فيها عالي ومنافذ البيع أساساً هي الحاجز الأوّل لمنع ارتفاع الأسعار. بينما لا يوجد نفس هذا الوضع في البلدان النامية والأقل نموّاً مثل اليمن حيث يتم استغلال شحّة وقلة السلعة في رفع الأسعار، ولهذا لا بد أن نستمر في تعزيز التنافسية وزيادة عدد المنشآت التي تتعامل في أسواق السلع المختلفة. في نفس الوقت لا بد أيضاً من أن يكون للمستهلك دوراً في هذا الجانب بحيث يستطيع أن يختار السلعة المناسبة ويعمل على التأثير سلباً على المحتكرين وفي حالات معيّنة يجب مقاطعة بعض السلع التي تتجاوز مسألة التنافسية ويكون فيها عنصر احتكار عال".
وأوضح المتوكّل أن التعديلات ومشاريع قوانين الصناعة والتجارة سواء التي تم إقرارها أو التي يناقشها مجلس النوّاب حالياً تأتي في إطار إصلاح الجانب التشريعي التجاري المرتبط بانضمام اليمن إلى منظّمة التجارة العالمية بشكل أساسي، والفائدة في النهاية ستعود على الاقتصاد الوطني وهذه يجب أن تكون واضحة للجميع، لأن البعض يعتقد أن هذه التعديلات ستسمح بإغراق السوق المحلي وهذا غير صحيح. |