ابن النيل -
على شاكلة البرنامج التلفزيوني «الكاميرا الخفية».. استحدثت بعض فضائياتنا العربية برامج تلفزيونية مماثلة.. متعددة الألوان والعناوين، تتمحور في معظمها حول استكشاف مستوى الإلمام المعرفي لدى الأجيال الجديدة من بني قومنا هنا أو هناك.
غير أن محاولة الاستكشاف هذه.. جاءت في مجملها مخيبة للآمال، من حيث تعريتها لضحالة ما لدى أجيالنا المستهدفة هذه من معلومات معرفية على كافة الصعد والمستويات، بمن في ذلك تلك الشرائح المجتمعية التي من المفترض أن يكون لديها الحد الأدنى من الإلمام المعرفي على الأقل، بفعل طبيعة ما ينبغي أن تكون عليه اهتماماتها، وأعني هنا شريحة الشباب والطلاب، وهو ما استوقفني إلى حد الدهشة والاستغراب، ذلك أنها الشريحة الأخصب في سائر مجتمعاتنا، وقد اصطلح على تسمية المحسوبين عليها بنصف الحاضر وكل المستقبل.
وعلينا أن نتصور حجم ما أتيح لأجيالنا العربية من مصادر للمعلومات في شتى مناحي الحياة من حولها، خاصة في زمننا هذا، حيث سيل الاستحداثات التقنية المتطورة.. متمثلاً في هذا الكم الهائل مما بين أيدينا من سبل فورية للحصول على ما نبتغيه من معلومات في هذا الشأن أو ذاك، وبأقل جهد ممكن، بالإضافة إلى كل ما يجري توفيره على مدار الساعة عبر شاشات فضائياتنا، في سياق برامجها المتخصصة وغير المتخصصة على حدٍ سواء.
بينما كنا في سالف العصر والأوان.. نبذل كل ما بوسعنا من جهود مضنية.. سعياً للحصول على معلومة ما، ربما نحتاج بعدها إلى ما يؤكد صحتها بالمقابل.
وفوق كل هذا واك.. كنا نسعى إلى التزود بكل ما من شأنه أن يمنحنا قدراً كافياً من الإلمام المعرفي، على ندرة ما كان يلزمنا من مصادر لهذا الغرض، مدركين في ذلك أهمية الارتقاء بسوية وعينا، بقدر ما هو ممكن ومتاح.
أما الأجيال العربية موضوع زاويتي هذه، فيبدو أن الأغلبية الساحقة من بين صفوفها.. قد أدارت ظهرها لكل ماهو معرفي، فضلاً عن عزوفها الجمعي غير المبرر.. عن ممارسة متعة الاطلاع والقراءة، في الوقت الذي تقضي فيه معظم أوقاتها غارقةً في متاهات الشبكة العنكبوتية إياها، لمجرد التسلية، أو بحثاً عن كل ما هو استهلاكي ليس إلاَّ.. وإلى حديثٍ آخر.