موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
مقالات
الثلاثاء, 08-فبراير-2011
الميثاق نت -    محمد حسين العيدروس -
من لا يمارس السياسة من وحي تجارب الماضي فإنه يجعل الوطن مقامرة رخيصة.. ومن يمارس السياسة بغير فهم كامل للحاضر فإنه يغامر بكل المستقبل، فليست السياسة صفقة تجارية تقررها الأرقام، أو فن خطابة تصنعه فصاحة الألفاظ، ولا حتى لساناً سليطاً يتبارى بحدة العبارات، إنما هي فكر والهام وثقافة لا يمكن أن تقل سمواً عن أخلاقيات الجماهير التي تمثل إرادتها.

إن إفراغ السياسة من مضامينها الفكرية وفلسفتها الوطنية هو ما يغري البعض للنظر إلى الدولة على أنها محض كيان مادي مفرغ من أي لوائح دستورية ومؤسسات سيادية، وقيم ديمقراطية تمثل الإرادة الشعبية الكاملة وليست الحزبية، أو القبلية أو المذهبية، الأمر الذي ربما نجده يجعل من مسألة الحكم رهاناً مفتوحاً للأقدر على حشد الفوضى، والأسرع وصولاً إلى الكرسي، والأقوى تسليحاً، والأشد فتكاً والأقرب إلى قلوب الدوائر الخارجية.

إن معيار التفاضل السياسي لا يتحدد بمنطقة الخيار الوحيد لكون ذلك دليل انغلاق فكري وثقافة غير سوية صاحبت عقم أدبياته عن إنتاج أي بدائل أخرى.. كما لا يتحدد بالخيارات المطلقة لأنها تأكيد على العبثية وانعدام الثقة بالنفس والجهل بالغايات الوطنية، وفقدان قدرة الفرز والتمييز، بل إن قوة الوعي السياسية تقاس بالقدرة على صناعة بدائل منطقية لهدف محدد، وبالشفافية في التعاطي مع الملفات الوطنية والقوى السياسية والمدنية، وبقوة الإيمان بالمبدأ، وبعمق الثقة بالنفس وثبات الإرادة.

ومن هنا كانت شجاعة الأخ رئيس الجمهورية في تبني المبادرات التي أعلنها أمام مجلسي النواب والشورى نتاج فكري سياسي خصب .. وثقة عالية بالنفس، وإرادة حكيمة ومدركة لكل إفرازات وتداعيات الواقع اليمني والإقليمي والدولي، وما قد يترتب عنها من انعكاسات وفتن كان البعض يدفع الوطن تجاهها دونما أي وعي بالعواقب الوخيمة، عن أن بديهة الأخ الرئيس ظلت حاضرة لتقطع الطريق على المغامرين برهان الفوضى.

ولأن السياسة فكر وقيم أخلاقية يتحلى بها الأخ الرئيس فإن المتتبع لعهده لا بد أن يلفت أنظاره عمق إيمانه بالحوار الذي تجلى بقوة منذ العام الأول لحكمه حين أطلق أبواب الحوار مع الفصائل التي تقود التخريب في المناطق الوسطى، ثم تشكيل لجنة الحوار من مختلف القوى لصياغة مشروع "الميثاق الوطني" الذي كان نواة تأسيس المؤتمر الشعبي العام في أغسطس 1982م.

وقد حمل فخامة الرئيس مبدأ الحوار رهاناً لجميع المراحل التالية وصولاً إلى المرحلة الراهنة ودعوته للجنة الرباعية للاجتماع والتحضير لمؤتمر حوار وطني شامل .. فالإيمان بثقافة الحوار هو ما جعله أحد مرتكزات الحكم على الصعيدين الداخلي والخارجي .. في حين كان تعاطي بعض القوى مع الحوار بمزاجية انفعالية تقاطعه متى شاءت دليل عدم تمثيله مبدأ ثابتاً في ثقافتها السياسية وذلك لافتقارها للأفق الفكري الرحب والمرن الذي يسمح لها تداول الخيارات السياسية وإنتاج البدائل، وغيرها من المهارات التي تحدد بها مدى عمق أو ضحالة الثقافة السياسية.

فالسياسة كما أسلفنا الذكر ليست فن خطابة يدغدغ عواطف الجمهور أو يؤجج حماسهم بالهتافات وإنما منهج فكري لبناء الدولة، وبمقدار قوتها وعمقها يرتهن مصير الدولة وشعبها وكل الآفاق المستقبلية، لذلك لم تترك قيادة الدولة في جميع أرجاء العالم للمظاهرات والمزايدات ولم يحشد مظاهرة أكبر من الاخرى او للقبيلة او المذهب الاوسع انتشاراً، فتلك كانت حياة الدول في القرون الوسطى التي لولا هول الدماء التي سفكت فيها الخراب الذي طال البلدان لما اتجهت الشعوب للتحول الديمقراطي الذي وضع قيادة الدولة رهن عمليات معقدة ومؤسسات دستورية تشاطر الرئيس صناعة القرار وانتخابات مباشرة تفرض الإرادة الشعبية ولوائح تشريعية تحدد فترات الحكم وآليات التداول السلمي للسلطة وكل صغيرة وكبيرة تتعلق بإدارة الدولة.

ولعل ثقافة تثوير الشارع التي تعمل القوى السياسية على تنميتها في الشارع العربي وغرسها في ثقافة المواطن العربي تعد بادرة خطيرة للغاية ليس في تهديدها للأنظمة السياسية وإنما في ترسيخها للفوضى كثقافة بديلة للعملية الانتخابية في تداول الحكم.. إذ أن تفكير بعض القوى السياسية المختلفة لن يتجه إلى الرهان على كسب ود الساحة الشعبية للحصول على اغلبية برلمانية تكفل قيادة الحكومة بل سيتجه إلى قدرة حشد متظاهرين للتغيير ويخربون وينهبون ويطلقون الخارجين على القانون من السجون، وتلك عملية أقل جهداً وتكلفة من أي منافسة انتخابية قد لا يخرج منها حزب بأكثر من مقاعد برلمانية لاتتجاوز أصابع اليد.. لكنها تعيد ثقافة القرون الوسطى إلى عالمنا.

أخيراً.. علينا جميعاً أن نستلهم خياراتنا وأفعالنا من تجاربنا التاريخية.. ونثق بحكمتنا اليمانية التي سبق وأن انتشلت يمننا الحبيب من الكثير من التحديات الصعبة والخطيرة، فليس على وجه الأرض ما هو أعظم من أن تنعم البشرية بالمودة والإخاء والأمن والسلام.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)