|
|
|
عبده محمد الجندي - أكدت المسيرات الجماهيرية المؤيدة والمعارضة لفخامة الأخ رئيس الجمهورية أن الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب لا يزالون يثقون به ويعتبرونه الأفضل قياساً بمعارضيه؟ ومعنى ذلك بأنه لاخوف على النظام من الفاسدين والمفسدين المعارضين له وإنما الخوف عليه من الفاسدين والمفسدين المحسوبين عليه الذين لا يراعون الظروف ولا يفرقون بين الأمس وبين اليوم، ولا يفرقون بين الحلال والحرام، ولا يفرقون بين الحق وبين الباطل وبين التجارة وبين السياسة.. ولا يفرقون بين الذاتي والموضوعي وبين الظلم والعدل وبين الحق الخاص،
والحق العام من الذين لا يعرفون من الروابط الانسانية والقيم الأخلاقية والضوابط القانونية سوى الدفع نقداً، ومن يدفع يرفع» هؤلاء هم الخطر الأكبر على التجربة الديمقراطية الناشئة الذين يدخلون الظلم والبؤس الى كل بيت من البيوت الآمنة والمستقرة، ويدفعون الشعب الى الثورات الصاخبة والغاضبة بما يقومون به من أعمال بيروقراطية فاسدة ومفسدة تشوه القيم الجميلة للثورة وللوحدة وللديمقراطية وللحرية والمساواة والعدالة وتغدو معانيها ومضامينها الوطنية المقدسة فيما ينتج عنها من ممارسات سلبية تتنافى مع أبسط القيم الثورية والأخلاقية والقانونية بحكم استلابها لما لديها من حب (الأنا) وطغيان الأنانية التي لا تعرف من النظام سوى المصلحة المادية التي تبرر الاستخدام المتصف للوسائل والأساليب اللامشروعة لا يقوى عليها سوى أصحاب الدخول غير المحدودة من الأغنياء والمترفين الذين لا يحسوا بمعاناة البؤساء والمحتاجين من ذوي الدخل المحدود والذين لا دخل لهم من الذين كتب عليهم أن لا يجدوا سوى القبول غير المشروط بالظلم الناتج عن تقسيم المواطنة الى درجات متناقضة حسب تسلسل الدرجات والأرقام من الواحد الى ما بعده من الأرقام والدرجات الدالة على غياب المساواة..
إن الرشوة والسرقة والمحسوبية والمجاملة فيروسات متفشية في معظم المؤسسات والأجهزة الحكومية التنفيذية والقضائية منها على وجه الخصوص.. تحتاج الى حملة إصلاح وتصحيح واسعة ومستمرة حتى لا تتحول الساحة الوطنية الى بيئة لتوالد مثل هذه الفيروسات والمكروبات التي لا ينتج عنها سوى الاصابة بالأمراض الخطيرة والمستفحلة على التطبيب والمعالجة وفق ما لدينا من الطاقات والإمكانات الذاتية والموضوعية.. أقول ذلك وأقصد به يا فخامة الاخ رئيس الجمهورية أنك سوف تصاب بخيبة أمل كبيرة إذا عدت تتخيل في لحظة حلم بأنك تحولت من رئيس الى مواطن من العامة ووجدت نفسك مواطناً لا تملك سوى قطعة أرض في مديرية مجاورة لأمانة العاصمة أو غيرها من عواصم المحافظات ورثتها عن الآباء والأجداد هي مصدر عيشك الوحيد اكتشفت فجأة أنها محاطة بجيوش من المتهبشين والمتنفذين الذين يحاولون الاستيلاء عليها ببصائر مزورة وإيجارات حكومية مرتجلة من أرضٍ وعقارات الدولة تقوم به هو التمترس خلف حقك والدفاع عنه وما قد ينتج عن ذلك من العراك بقوة السلاح وأول ما قد ينتج عن ذلك النزاع من تدخل مدير المديرية ومدير الأمن ووكيل النيابة وصولاً الى أقرب محكمة ابتدائية مختصة،و في كل دائرة من هذه الدوائر المتعددة للمديرية سوف تكون بحاجة الى إمكانات مادية للدفاع عما تمتلكه من الأرض الزراعية، وما لها من المساقي التي تحولت الى مرافق ومراهق مملوكة للدولة وقابلة للتأجير لهذا المتنفذ أو ذاك، وبدون المال قد تكون عرضة للحبس وقد تكون معرضاً للنهب والسلب ولا تجد ما تدافع به عن حقوقك المسلوبة بسلاح التزوير أو بسلاح التأجير الحكومي سوى اللجوء الي المحكمة الشرعية وما تحتاجه من تكاليف المحامين والرشاوي التي لا تحصى ولا تعد وبحسب مزاج الحاكم قد تحصل علىحكم بالحق، وقد تخسر الحق بحكم ظالم.. حسب نوعية الحكام الذين قال عنهم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: «قاضٍ في الجنة وقاضيان في النار».. ومن المحكمة الابتدائية التي استغرقت خمسة أعوام من عمرك سوف تصل الى المحكمة الاستئنافية وتبدأ جولة جديدة من الشريعة والتقاضي لا يقاس الا بالاعوام وما تحتاجه من المحامين والرشوات والمصاريف، وقد يكون الحكم لك وقد يكون الحكم عليك، وقد تضطر يا فخامة الاخ الرئيس بعد عامين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أعوام في محكمة الاستئناف أن تلجأ الى المحكمة العليا للنقض والإقرار، وهناك سوف تحتاج الى متابعة والى تكاليف مالية كبيرة قد تقوى عليها وتنتصر وقد لا تقوى عليها وتفشل وقد تجد نفسك أمام دورة جديدة من المحاكمة التي تعيدك الى الخلف نحو الباطل عشرات وربما مئات الدرجات وقد تقدمك الى الأمام عشرات وربما مئات الدرجات من الحق أو من الباطل في ظل اختلالات قضائية محسوسة وملموسة، فتجد نفسك بعد خمسة عشر عاماً من الشريعة والغرامة فقيراً معدماً ومثقلاً بالديون ولا تجد بعد هذه المعركة الطويلة من العراك والخصام والنزاع والشريعة مظلوماً مصاباً بالجنون الناتج عن الإحساس بالظلم وبالفقر، فلا تجد ما تبرر به لنفسك سوى اللجوء الى المعارضة المتوحشة للنظام ومن يقف على قمته وذروته فتصبح رئيساً مخولاً بكافة الصلاحيات والسلطات الدستورية والقانونية المسؤول الأول عن توفير العدالة والمواطنة المتساوية وجهاً لوجه أمام حقيقة الواقع الصعب عشت معاناته وأناته، وما أسفرت عنه من تراكم الاحقاد والكراهية .. نعم سوف تجد يا فخامة الأخ رئيس الجمهورية أن الرحلة شاقة كهذه شديدة الغيرة على ما يلحقه الفاسدون والمفسدون بأبناء وطنك وشعبك من المظالم والجرائم الجسيمة المشوبة بالحرص على هذا الشعب الوفي الذي يقول لك: نعم وسط ليل من المعاناة ولا تجد ما ترد به له من الوفاء سوى الشروع الفوري بإعلان الثورة على البيروقراطية لاجتثاث كلما تجده في طريقك في لحظة غضب من المسؤولين الفاسدين والمفسدين الذين يسيئون ثقتك لهم وفي استخدام ما إتمنتهم عليه من السلطات والصلاحيات والمسؤوليات القيادية وبالذات أولئك الفاسدين أو المفسدين الذين يستخدمون السياسة والانتماءات الحزبية ستاراً للدفاع عن مواقعهم، وما تدره عليهم من المصالح والمنافع الذاتية التي تعمق الكراهية للنظام السياسي، وتساعد المعارضة على امتلاك ما هي بحاجة اليه من السلاح للانقضاض على الحاكم والتمرد على الشرعية الدستورية عن طريق الاستخدام المتعسف لحرية الصحافة، ولحق التظاهر وحق الاعتصام الذي قد يتحول الى اضطراب وإحداث شغب وسلب ونهب وقتل وإقلاق دائم ومستمر للأمن والاستقرار وقد يتجاوز ذلك الى المطالبة بعودة الإمامة وعودة الانفصال بذات الاساليب التي حدثت وهنا وهناك من البلدان العربية الشقيقة وما قوبلت به من التأييد والتعاطف الدولي واسع النطاق الذي لا يجد ما يهدئ به النفوس الثائرة سوى التضحية بالمسؤول الأول ومن ينتمون اليه بالقرابة من الاشقاء والأبناء والاحفاد بعد أن يتحول كبار المستفيدين من عهدك من صفوف الحكم الى صفوف المعارضة باعتبارهم رجال أعمال قبل وبعد أن يكونوا رجال سياسة، وقد يتحولون فجأة من النقيض الى النقيض في تبديل انتماءاتهم وتوزيع ولاءاتهم الحزبية والسياسية لمجرد شعورهم بالاستغناء عنهم أو بإبعادهم من المواقع التنفيذية والسياسية الى المواقع الاستشارية.. نعم يا فخامة الأخ الرئيس أنت الرئيس العربي الوحيد الذي مكنته التجربة والممارسة العملية المشوبة بالأزمات والأحداث الجسام من معرفة الأوفياء والمتعيشين والمخلصين وغير المخلصين الشرفاء والفاسدين والمفسدين.
وأنت من الزعماء القلائل الذين استطاعوا تحويل أعدائهم الى أصدقاء والمعادين لهم الى مؤيدين بما لمسوه لديكم من الثبات على المبادئ وبما عرفوه عنك من رغبة في الميل الى التسامح والعفو على خصومك عند المقدرة، فبادلوك الحب بالحب والوفاء بالوفاء والاخلاص بالاخلاص، واذا كان الشرفاء هم اول من يضحي وآخر من يغنم يتميزون في عفتهم ونزاهتهم هم رجال المرحلة فإن الفاسدين والمفسدين الذين هم أول من يغنم وآخر من يضحي لا مكان لهم في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ اليمن الحديث والمعاصر الذين يجب أن تصل اليهم يد الاصلاح وتطالهم يد التغيير حتى لا يكونوا سبباً في التأثير السالب على ما تستند اليه من هيئة ناخبة عريضة وفي أمس الحاجة الى الانصاف والاصلاح واستبدال المعاناة وعدم الاستقرار بما هي بحاجة اليه من الأمن والاستقرار والانشغال بالعمل ان المرحلة هي مرحلة أصحاب القدوة والسمعة الحسنة من الفقراء والمعدمين وليست مرحلة الاعتماد على حفنة من الأثرياء الذين تحولوا من فقراء الى أغنياء يملكون الشركات والبنوك والاموال الطائلة التي كسبوها من خلال تسخير السياسة والسلطة للتجارة، ومن الذين فاحت في الأوساط شعبية بين صفوف العامة روائحهم الكريهة وسمعتهم الفاسدة من خلال ما انتهجه من الطرق والأساليب اللامشروع واللامعقول وغير المعقول فيها أكثر من المشروع والمعقول والمقبول مستخدمين لذلك ما يشغلونه من المواقع القيادية المدنية أو العسكرية في الدولة وفي الحزب، وقد يستخدمون لتحقيق ذلك بما يمتلكون من النفوذ العشائري أو القبلي أو الحزبي والسياسي وما نتج عنها من الوجاهات والعنتريات التي جعلتهم فوق قدسية الدستور وفوق سيادة القانون فيما يقيمونه من العلاقات الداخلية والخارجية وفيما يمارسونه من النشاطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المشبوهة التي جعلتهم مراكز قوى نافذة ومهانة لا تتورع عن استخدام الديمقراطية كشعارات للمزايدة والمكايدة للانقضاض على السلطة والثروة وتسويق أنفسهم للشعب باعتبارهم البديل الافضل القادر على قيادة الحركة والتغيير والتطور.
نعم يا فخامة الأخ رئيس الجمهورية لقد شهد لك العامة والخاصة فيما أعلنت عنه من المواقف والسياسات وفيما أقدمت عليه من القرارات الجريئة والشجاعة النابعة من حرص على تحسين أوضاع الموظفين مدنيين وعسكريين من الناحية المعيشية في ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة والخطورة.. وفيما أعلنت عنه من قرار اعتماد الإعانات المالية لما يصل الى 500 ألف حالة ضمان اجتماعي من البؤساء والمحتاجين من الفقراء والعاجزين عن العمل الذين تسحقهم البطالة ولا يجدون عائلاً قادراً على إعانتهم والانفاق عليهم، واستبقت اللحظة الزمنية الواعدة في الخطر فيما أصدرته من قرارات خاصة بإنشاء صندوق لمساعدة خريجي الجامعات وتشغيلهم خلال الأربعة الأعوام القادمة بداية من هذا العام الذي سيتم فيه استيعاب 25٪ من الخريجين يجب أن تكون الأولوية لأبناء الفقراء والبؤساء والمحتاجين الذين ضاقت بهم وبعائلاتهم الدنيا بما رحبت من المرشحين لهذا النوع من الاضطرابات، ناهيك عما نصت عليه الأولوية الحكومية الثانية من اهتمام بتنمية المهارات والقدرات الفنية التي تتناغم مع متطلبات أسواق العمل الخليجية الواعدة وتلك التي توفرها الاستثمارات الوطنية والعربية والأجنبية في سوق العمل اليمني. ولأن الفاسدين والمفسدين موجودون في كافة الوزارات والأجهزة الحكومية، فهناك خشية كبيرة أن يتحرك هؤلاء لإفساد ما استهدفته هذه الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية سواء عن طريق إعطاء الضمان الاجتماعي لغير مستحقين وتقديم المهم على الأهم.. أو عن طريق تقديم أبناء المسؤولين والمشايخ ورجال المال والأعمال من أبناء الطبقة العليا والوسطى على أبناء الفئات الاجتماعية الفقيرة والمعدمة من أبناء الطبقة الدنيا الذين تصنف أوضاعهم أنها تحت خط الفقر من حيث الحاجة والأولوية.
كيف لا يا فخامة الأخ رئيس الجمهورية وقد أكدت بأنك رجل موقف ورجل دولة وصاحب قضية وطنية من الدرجة الأولى بما كشفت عنه من نوايا مستقبلية سحبت البساط من تحت أقدام أولئك المعارضين والمزايدين على معاناة الناس من الذين خلقوا وفي أيديهم وأفواههم ملاعق من ذهب حين أعلنت للعالم بأسره أنه لا وجود في أجندتك وفي برنامجك الانتخابي لشيء اسمه التمديد والتوريث وأنك صاحب المبادرة الأولى والأخيرة في حصر الترشح للرئاسة بدورتين انتخابيتين، وأكدت أن الحاكم العربي الوحيد الذي يدعو المعارضة الى إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة في مواعيدها الدستورية والقانونية دون الحاجة الى التمديد لمجلس النواب لأكثر من مرة.
صحيح أن منجزاتك كثيرة وكبيرة تكشف عن ذاتها وتشهد لنفسها أمام أي مراقب ومحلل سياسي محايد لا يمكن للأغلبية الساحقة من أبناء الشعب اليمني وهيئته الناخبة أن يتجاهلوها وأن يقفوا مؤيدين لأولئك الجاحدين والناكرين الذين يقولون عكس ما يعملون، ويعملون عكس ما يقولون الذين لهم ظاهر يختلف عن حقيقة ما لديهم من الباطن..وهذه حقيقة أكدت عليها المظاهرات والمظاهرات المضادة بامتياز بما كشفت عنه من بون شاسع بين صاحب الأغلبية وأصحاب الاقلية على السواء.. الا أن الصحيح ايضاً يستوجب الاعتراض المحقق لها نحن بحاجة اليه من الشفافية والوضوح أن هناك الكثير من الاختلالات الفاسدة الموجبة للاهتمام وسرعة اتخاذ التدابير العملية الجادة المحققة للثواب والعقاب ووضع الانسان المناسب، في المكان المناسب وتحريم الجمع بين السلطة وبين الثروة وبين السياسة وبين التجارة كأحد أهم الأسباب التي أسفرت عن قيام تلك المظاهرات والثورات الغاضبة التي نشاهدها في جمهورية الكنانة المؤثرة على جميع الدول العربية من الناحيتين السلبية والايجابية تستوجب على قيادة الحزب وقيادة الدولة اليمنية الديمقراطية تطبيق مبدأ القيادة الجماعية والمحققة للفاعلية والمنسجمة مع ما تعيشه بلادنا من تبدلات ديمقراطية لا مثيل لها في غيرها من التجارب الديمقراطية العربية الناشئة تستوجب ان تكون الأولوية العاجلة والملحة الدائمة والمستمرة لاجتثاث الفاسدين والمفسدين واقتلاعهم من جذورهم دون رحمة أوعاطفة باعتبارهم الخطر الأكبر الذي لا ينتج عنه سوى تقديم السلاح القاتل للنظام الذي تحتاجه المعارضة في هذه المرحلة الحساسة.
* عن"26سبتمبر" |
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|