د. عبـــدالعــزيزالمقــالـح - صار من الواضح أنه من الصعب على الرئىس الأمريكي جورج دبليو بوش، أن ينفك من الحصار المضروب حوله من جماعة المحافظين، وأن يتخلص البيت الأبيض من السيطرة الكاملة للوبي الصهيوني، ومن هنا تأتي خطة بوش الجديدة لمعالجة الوضع في العراق مخالفة تماماً لكل ما كان قد أوصى به تقرير »هاميلتون- بيكر« وعكست التطورات الأخيرة أن الرئىس بوش غير قادر على مواجهة المحافظين من أنصار الحرب الذين تتألف منهم الدائرة الأوسع في إدارته، ويرى عدد من المراقبين أنه كان شديد الاقتناع بما خرجت به لجنة (هاميلتون- بيكر) لكنه أضعف من أن يقنع بها المحيطين به وأولهم نائبه الذي كان المسؤول الأول عن كارثة حرب العراق.
وليس في هذه الإشارات ما يمكن النظر إليه كدفاع عن الرئىس بوش المسلوب الإرادة برغبته وافتقاده الخبرة وتصديقه بأنه مندوب العناية الإلهية لمطاردة الشر وحماية الولايات المتحدة من الأخطار التي لايكف هو ولا جوقته من المحافظين عن التركيز عليها وعلى اختراع المزيد من المخاوف لإقناع شعب الولايات المتحدة أنه في خطر وأن عليه أن يثق بهذه الإدارة التي نذرت نفسها لمطاردة الشريف كل مكان حتى لا يتمكن من إلحاق الضرر بأي مواطن أمريكي، ولم يكن في حسبان هؤلاء الخادعين المخدوعين أن حبل الكذب قصير مهما طال وأن الشعب الأمريكي لا ينتمي إلى العالم الثالث لذلك فقد نجح في كشف اللعبة في أقصر وقت ولم تكن الانتخابات النصفية الأخيرة للكونجرس إلاَّ البرهان القاطع على هذا الإدراك.
ما من شك في أن المحافظين الجدد وبالأصح المتطرفين الذين يتحكمون في البيت الأبيض قد نجحوا في مواجهة تقرير »هاملتون- بيكر« وضربوا بمحتوياته عرض الحائط بالرغم من أنه جاء بعد دراسة عميقة ودقيقة للأوضاع في العراق والوطن العربي، وأنه لم يكن وجهة نظر شخصية بل خلاصة لمجموعة آراء، كما لم يكن يوجز رأي الديمقراطيين وإنما كان يوجز رأي الجمهوريين أيضاً إلاَّ أنه لم يرق للمحافظين الذين رفضوا صراحة أن يوضع موضع التنفيذ لأن ذلك يعني أنهم خسروا معركة الخروج من المستنقع وخسروا ما هدفوا إليه من توريط الولايات المتحدة في حرب طويلة الأمد تحقق لبعضهم مكاسب اقتصادية وسياسية على حساب الضحايا الذين يتزايد عددهم يوماً بعد يوم.
ولكن على المراقب الثاقب النظر أن يدرك أن العبرة بالنسخة وأن هذا النجاح الذي حققه المحافظون المتطرفون على تقرير حالة العراق سيتحول إلى هزيمة نكراء بدأت ملامحها في الظهور من خلال مواقف الكونجرس ومعارضة الديمقراطيين والجمهوريين مواصلة الزج بالولايات المتحدة في معركة فاشلة لا هدف لها ولا نصر حقيقي يقترب من نهاية نفقها المظلم، كما أن التململ في الشارع الأمريكي بدأ يتحول إلى مظاهرات احتجاج صاخبة قد لا تتوقف إلاَّ بسحب القوات من العراق أو بتغيير غير مسبوق في البيت الأبيض.
والأيام القادمة مليئة بالمفاجآت التي لا تسر الإدارة الأمريكية بمتطرفيها ومعتدليها إن كان فيها من يمكن وصفه بالاعتدال!!.
|