عبدالولي المذابي -
اليمن بالتأكيد ليست تونس وليست مصر.. وقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن مايجري في الشارع لايتعدى تقليد ما حدث في ذلكما القطرين الشقيقين، حتى ألفاظ الشعارات المستخدمة، أما الواقع فهو مغاير تماماً، وفي أفضل الأحوال سيقول المنحازون للمعارضة أن هناك توازناً بين القوى الرافضة والمؤيدة، رغم إن الحقيقة تؤكد انحياز أغلبية الشعب للشرعية الدستورية، مع الضغط لإجراء اصلاحات حقيقية تشمل كافة المجالات.
وإذا كان الشارع قد قال كلمته فلا بد للجميع من الانتقال الى الخطة البديلة والابتعاد عن فكرة اقصاء الآخر والعمل سوياً من أجل الشعب الذي يستحق الكثير من المكافأة نظير صبره على الرعونة السياسية للأحزاب بدون استثناء.
أعتقد جازماً أن هناك فرصة كبيرة لكل الأطراف السياسية الآن لإعادة هيكلة كياناتها وإعادة تقييم نشاطها السياسي وتوجيهه نحو خدمة الشعب الذي أثبت أنه القوة الحقيقية لمواجهة أي قوى في الداخل أو الخارج بعد أن أهمل صوته وارادته كثيراً.
إن الصبر الذي يبديه الشعب ويقدمه دائماً ثمناً للأمن والاستقرار قد ينفجر في لحظة ويتحول الى بركان ثائر يعصف بالاحزاب والاشخاص.. وهنا يمكن التعلم من درس تونس ومصر عندما أطاح الشعب بأنظمة قمعية ولكنه لم يقبل وصاية أحزاب المعارضة، وذلك يستوجب على الجميع تقدير كرم الشعب اليمني وهو يناشد جميع الأطراف الجلوس الى طاولة الحوار والاتفاق بينها مهما كانت النتائج التي ستخرج بها، والذي لن يتحمل سلبياتها سواه.
وإذا ما استمر الوضع على هذا النحو فقد يحدث مالانتمناه، وحينها لن تنفع التنازلات أو التضحيات التي تقدمها الأطراف السياسية التي تتشدق باسم الشعب وتخرب باسم الشعب وتساوم باسم الشعب، وفي النهاية تقدمه الى المحرقة فداء لمصالحها.
أستطيع القول ان الثورة في اليمن لم تأت بعد، ونحن نريدها ثورة ثقافية تنموية اقتصادية تبني ولاتهدم، تدفع بنا للامام ولاتعيدنا الى الرجعية والتخلف وشريعة الغاب.
وأريد هنا أن أوجه رسالة صريحة للاخوة السياسيين باختلاف مواقعهم، ها قد أبرز كل طرف منكم عضلاته ورفع عقيرته بالتحدي فلا تأخذكم العزة بالإثم وتعجبوا بأنفسكم وانتم تحركون الحشود ثم لاتملكون قرار ايقافها او اعادتها الى النقطة السابقة، فقد تتفق الجموع وتدمركم.
إن الشعب لايريد ديمقراطية ثمنها الجوع والفقر، ولايريد حواراً ثمنه المرض، ولايريد تعديلات دستورية ثمنها الخوف والقلق.. وكل مايريده ان يرفع رأسه ويفخر «أنا يمني»، فالحرية لايعرفها رجل يخاف على قوت عياله، والكرامة لايملكها شخص يأخذ رشوة لكي يعيش، والقوة لايشعر بها شخص تحاصره الأمراض والأوبئة.
فهل تدركون ماذا يريد الشعب..؟!