موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
قضايا
الثلاثاء, 08-أغسطس-2006
‬نجيــــب‮ ‬غــــــلاب‮ -
تتعامل‮ ‬احزاب‮ ‬المشترك‮ ‬مع‮ ‬الواقع‮ ‬وقضاياه‮ ‬المختلفة‮ ‬بعقلية‮ ‬محكومة‮ ‬بالغضب‮ ‬والكراهية‮ ‬والحقد‮ ‬والاسباب‮ ‬كثيرة‮ ‬استعرضنا‮ ‬بعضها‮ ‬في‮ ‬مقالات‮ ‬سابقة‮ ‬وفي‮ ‬هذه
‮ ‬المقالة‮ ‬سوف‮ ‬نركز‮ ‬على‮ ‬الصراع‮ ‬في‮ ‬بنية‮ ‬الأحزاب‮ ‬المؤدلجة‮ ‬كمطلب‮ ‬جوهري‮ ‬لإحداث‮ ‬التغيير‮.. ‬والفرضية‮ ‬الاساسية‮ ‬التي‮ ‬ننطلق‮ ‬منها‮ ‬ان‮ ‬المشترك‮ ‬بسبب
‮ ‬البنية‮ ‬الفكرية‮ ‬لاحزابه‮ ‬وفي‮ ‬ظل‮ ‬سيطرة‮ ‬عقلية‮ ‬الغضب‮ ‬والكراهية‮ ‬والحقد‮ ‬واصراره‮ ‬على‮ ‬التغيير‮ ‬الجذري‮ ‬والشامل‮ ‬فإن‮ ‬العنف‮ ‬سيكون‮ ‬افرازاً‮ ‬
طبيعياً‮ ‬حتى‮ ‬وان‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬العنف‮ ‬معلناً‮ ‬صراحة‮ ‬في‮ ‬خطابه‮.. ‬الصراع‮ ‬حالة‮ ‬طبيعية‮ ‬تحكم‮ ‬طبيعة‮ ‬الحياة‮ ‬إذ‮ ‬بدونه‮ ‬تصبح‮ ‬الحياة
‮ ‬بلا‮ ‬معنى‮ ‬ويصيبها‮ ‬الجمود‮ ‬ولا‮ ‬جديد‮ ‬او‮ ‬ابداع‮ ‬إلا‮ ‬به‮ ‬ويبلغ‮ ‬مداه‮ ‬النهائي‮ ‬بمحاولة‮ ‬تدمير‮ ‬الخصم‮ ‬وإنهاء‮ ‬وجوده‮ ‬
وبأية‮ ‬وسيلة،‮ ‬وفي‮ ‬هذا‮ ‬الوضع‮ ‬يتحول‮ ‬إلى‮ ‬خراب‮ ‬ودمار‮.‬
والصراع قد يأخذ أبعاداً سلمية وقد يصبح عنيفاً وتتفاوت درجاته السلمية والعنيفة، وقد يحدث بشكل تلقائي نتيجة التفاعلات المختلفة في الحياة أو يكون نتيجة أفعال قصدية منظمة أو غير منظمة ونتائجه محكومة بالظروف المحيطة والفاعلين في عملية الصراع وقد يكون ذا طبيعة صفرية بمعنى أن مكسب أحد الاطراف يعني خسارة الآخر أو لاصفري أي أن الخسارة تشمل الجميع، ورغم تعدد أسبابه إلا أن المصالح المادية أو المعنوية روحية كانت أو رمزية هي جوهر كل صراع، وكل التبريرات ليست إلا تمويهاً وخداعا تخفي وراءها حقيقة الصراع ويتم ذلك بوعي وأحيانا‮ ‬بدون‮ ‬وعي‮.‬
الصراع‮ ‬حتمي‮ ‬في‮ ‬بنية‮ ‬الايديولوجيا
ان التعددية السياسية والتباين الاجتماعي يسهم في إثراء الحياة السياسية والثقافية ويساعد المجتمع على التغيير نحو مسارات ابداعية فالتنوع في ظل الحرية يجدد للناس حياتهم ويصنع التقدم، الاشكالية التي تولدها الايديولوجيا أنها تحاول إلغاء التعددية وتحاول صياغة الجميع وفق القيم الناظمة لها وهذا السلوك نتائجه خطيرة على المجتمعات خصوصا التي تتكون من جماعات مختلفة ومتباينة لأنه يؤدي إلى خلق نزاع وصراع على السلطة والثروة والثقافة، والخطير في الامر أن تصبح الثقافة هي الطريق المحدد للسياسي فتنمو الثقافات التحتية للمجتمع فيتفتت‮ ‬المجتمع‮ ‬إلى‮ ‬قطاعات‮ ‬لا‮ ‬جامع‮ ‬لها‮ ‬وتصبح‮ ‬الفتنة‮ ‬هي‮ ‬الغائب‮ ‬الحاضر‮.‬
وفي هذه الوضع فإن القيم والمبادئ التي تشكل أدوات ضبط اجتماعي لحماية المجتمع من الصراع يتم تحويلها إلى إدوات للتعبئة من اجل الصراع ويتعمق الانتماء والولاء للكيانات الطائفية والمناطقية وغيرها من التكوينات الدنيا ويصبح الولاء للكيان الاجتماعي الاكبر او الدولة‮ ‬ضعيفاً‮ ‬بل‮ ‬ان‮ ‬الاحتماء‮ ‬يصبح‮ ‬محصوراً‮ ‬في‮ ‬الطائفة‮ ‬او‮ ‬المنطقة‮ ‬او‮ ‬القبيلة‮ ‬او‮ ‬السلالة‮. ‬
الاحزاب الايديولوجية بصرف النظر عن الاطار المرجعي المؤسس لها سواءً أكان اسلامياً أو يسارياً أو قومياً لا يمكنها أن تعيش بلا صراع مع واقعها فانعدامه يسبب مشاكل كثيرة أقلها أن مقولاتها تصبح في مرمى النقد من الداخل هذا النقد قد يفكك بعض المفاهيم ولكن الشك يبدأ ليشمل الايديولوجية بكليتها وهذا قد يفجرها من الداخل وتصبح طرائق متعددة كل طريقة تختلف مع الأخرى وتدخل معها في سجال طويل نتيجته التخاصم والعداء ويصبح الحزب الأيديولوجي في حالة حرب مع نفسه، بمعنى آخر أن الايديولوجيا إذا لم تجد من تحاربه فإنها تأكل نفسها، وهذا‮ ‬تفسير‮ ‬جزئي‮ ‬لبحثها‮ ‬الدائم‮ ‬عن‮ ‬عدو‮ ‬لخلق‮ ‬التماسك‮ ‬الداخلي‮.‬
ومن جانب آخر تنزع الايديولوجيا نحو الصراع لانها ترى في الواقع المحيط مهما بلغت درجة استجابته لحاجات الناس متناقضاً مع بنيتها الفكرية فتسعى لتغييره أما عندما يعاني الواقع من إشكاليات كثيرة خصوصا الجوانب المادية وكل ماله علاقه بالحاجات الاساسية فان الايديولوجيا تستغل هذا الوضع لتعبئة الناس وترسم لهم أحلاماً كبيرة وتعمل على اقناع الجماهير أنها قادرة على حل المشاكل بين ليلة وضحاها وتقوم بممارسة التحريض ضد الحاكم بكل الوسائل والطرق المتاحة والهدف النهائي السيطرة على السلطة والثروة وتحويلهما إلى إدوات قسرية لقهر المجتمع على التغيير وفق المنظومة الحاكمة للايديولوجيا. والمستفيد الوحيد هم ابناء الحزب وانصاره لان تحقيق الايديولوجيا لا يمكن ان يكون إلا على ايديهم لذا فهم الاجدر والاكفأ بكل المناصب والمواقع في الحكومة بل الاخطر أن يتم تأميم المواقع الاجتماعية الاخرى سواء‮ ‬في‮ ‬كيانات‮ ‬المجتمع‮ ‬المدني‮ ‬الحديث‮ ‬أو‮ ‬التقليدي‮ ‬وكل‮ ‬ذلك‮ ‬يفجر‮ ‬صراعاً‮ ‬عنيفاً‮ ‬ولكن‮ ‬الايديولوجيا‮ ‬تعتبر‮ ‬الصراع‮ ‬مسألة‮ ‬ضرورية‮ ‬لتصفية‮ ‬الماضي‮ ‬لصالح‮ ‬حضورها‮ ‬الحالى‮ ‬وهيمنتها‮ ‬المستقبلية‮ ‬على‮ ‬كل‮ ‬شيء‮. ‬
ويعتمد الحزب المؤدلج على بنية تنظيمية تتشابه فيها العناصر ولا تقبل الاختلاف إلا في الجزئيات، وحسم الخلاف عادة يتم بواسطة النخبة الصانعة للفكر والقيادات الميدانية وهذا بطبيعة الحال يتطلب تربية الاعضاء على الطاعة وتنزيه القيادة والمبالغة في منحها صفات تصل إلى‮ ‬درجة‮ ‬التقديس‮ ‬وتجعل‮ ‬من‮ ‬انتاجها‮ ‬الفكري‮ ‬حقائق‮ ‬غير‮ ‬قابلة‮ ‬للنقاش‮.‬
والمحاولات النقدية أو المطالبة بالتطوير والتغيير الموجهة للبناء الفكري بالاستناد إلى افكار ابداعية لم يألفها الأعضاء ومتناقضة مع البناء المتماسك للايديولوجيا فإن تلك المحاولات تحاصر وتخنق وفي حالة خروج الافكار الى العلن يتم تشويه اصحاب الافكار الجديدة وقذفهم بالتهم أقلها الانتهازية والعمالة والكفر والفسوق والعصيان وتحويل المجدد الى عدو لدود، أما الرافض للايديولوجيا من أبنائها أيّاً كانت الأسباب فالمحتمل أن يتم تصفيته ان لم يكن جسدياً فبسلبه كل قيمة وقذفه بكل مذمة.
وهذا ما يجعل الايديولوجيا تؤسس للاستبداد فالجزم بصحة مقولاتها وانها غير قابلة للنقاش وحديثها عن مستقبل مقطوع عن الحاضر حديثها عن مثاليات متعالية عن الواقع جعلها ترفض الممكن وتطلب المستحيل وتؤمم إرادة الناس لصالح مقولاتها وقيمها ومفاهيمها ومصالح وحاجات نخبتها،‮ ‬والحوار‮ ‬غائب‮ ‬في‮ ‬بنيتها‮ ‬فالايديولوجيا‮ ‬المتطرفة‮ ‬ترفض‮ ‬العقل‮ ‬وتؤسس‮ ‬للعاطفة‮ ‬والغرائز‮ ‬وتجزم‮ ‬ان‮ ‬تحققها‮ ‬يحل‮ ‬كل‮ ‬المشاكل‮ ‬ويطور‮ ‬الحياة‮ ‬وان‮ ‬التاريخ‮ ‬منتهٍ‮ ‬بمجرد‮ ‬تنفيذها‮.‬
البحث‮ ‬عن‮ ‬النقيض
وعندما تتصارع مع الآخر فانها تبحث عن نقيضها فإن لم تجد فإنها تخلق أعداءها أو تدفع الآخرين لمعاداتها بخلق الخصومات في كل اتجاه وعندما تجد الايديولوجيا عقلانية من حولها تمنحها حرية القول والفعل حتى وان كانت حركتها متناقضة مع مصالح النخب الحاكمة التي تترك الأمر للمجتمع ليحدد خياراته وفي حالة رفض المجتمع للحزب المؤدلج فإنه يفتعل المشاكل مع الواقع اما بتحدي الواقع برفضه أو العمل على تغييره وفق منهجه، ويبدأ بالتحرك في اتجاه البحث عن القوة القادرة على اجبار الناس على أتباع طريقته، وينتهي الامر بكل الايديولوجيات الى‮ ‬هيمنة‮ ‬فكرة‮ ‬محورية‮ ‬فحواها‮ ‬ان‮ ‬السيطرة‮ ‬على‮ ‬الدولة‮ ‬وأدواتها‮ ‬القهرية‮ ‬هي‮ ‬المدخل‮ ‬لنجاحها‮ ‬وفرض‮ ‬رؤيتها‮ ‬التغييرية‮ ( ‬الاشتراكي‮ ‬والاصلاح‮).‬
ولا يعني هذا أن الايديولوجيا دائما متهورة في خلق محيط كله معادٍ فالقادة والنخبة المهيمنة على الحزب تتعامل بذكاء فيما يخص خلق الحلفاء والاعداء حتى تكون قادرة على الحركة بفاعلية على مستوى نشر الأفكار وكسب الأنصار وعلى مستوى الحفاظ على المصالح والعمل على كسب المزيد،‮ ‬لذلك‮ ‬فأن‮ ‬الايديولوجيا‮ ‬قد‮ ‬تتحالف‮ ‬مع‮ ‬نقيضها‮ ‬وقد‮ ‬تتصارع‮ ‬مع‮ ‬من‮ ‬يشبهها‮ ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬الفكر‮ ‬والهدف‮ ‬ولا‮ ‬تفسير‮ ‬لذلك‮ ‬إلا‮ ‬هيمنة‮ ‬المصالح‮ ‬على‮ ‬حركة‮ ‬الحزب‮ ‬المؤدلج‮ (‬أحزاب‮ ‬المشترك‮).‬
والمصالح مسألة مهمة خصوصا للأذكياء وأصحاب الطموح فإشباع رغباتهم المادية ضرورة لضمان استمرارهم، كما أن المتفرغين للحزب يمنحون رعاية تامة، بل ان الأيديولوجيا تدخل افكاراً تبريرية في حالة وجود قيادات واعضاء لها ثروات هائلة تبرئهم من أية تهم حتى في الحالات التي يمارس فيها سلوكيات متناقضة مع الايديولوجية وتعتبر ذلك أمراً ضرورياً لقوة الحزب بل انها تطالب أعضاءها بتكوين الثروات فالافكار قد تموت إذا لم يكن هناك مال والمال يخلق واجهات اجتماعية وذلك يسمح للحزب بالاقتراب من السلطة (الاصلاح نموذج).
مثالية‮ ‬متعالية
الاشكالية التي تفرزها الايديولوجيات المثالية أنها مع الوقت تخلق طبقة حزبية لها مصالحها سواء كانت في المعارضة أو الحكم فتتحول الايديولوجيا إلى إداة لخدمتها ويتم تزييف وعي الجماهير بشكل منظم ودقيق، فالايديولوجيا في حقيقتها ليست إلا إداة تحكمها مصالح النخب المهيمنة على الحزب، فكثير من الاحزاب الايديولوجية يتمتع اعضاؤها ببحبوحة معيشية مقارنة بالواقع الذي تحكمه أو تريد تغييره ان كانت في المعارضة، ولكنها على مستوى الخطاب تتماهى مع المشاكل المجتمعية خصوصا عندما تخسر مصالحها أو لديها طموح لزيادة وتضخيم مصالحها.
التغيير‮ ‬السلطوي
السلطة هي أكبر الغنائم لدى النخب المؤدلجة فإن الحصول عليها يصبح الحلم الكبير لنشر الفكر ولتضخيم المصالح، وفي المجتمعات التي تكون فيها الموارد نادرة فإن الايديولوجيا تبالغ في عدائها لخصومها وتتحول القيم والمفاهيم الفكرية الى إدوات لتدمير الخصم المعيق لمصالحها،‮ ‬فإن‮ ‬كان‮ ‬في‮ ‬المعارضة‮ ‬يقهر‮ ‬ويلغى،‮ ‬وان‮ ‬كان‮ ‬في‮ ‬الحكم‮ ‬يشوه‮ ‬ويتهم‮ ‬بالفساد‮ ‬والخراب،ويتم‮ ‬تعبئة‮ ‬المجتمع‮ ‬ضده‮ ‬والعمل‮ ‬على‮ ‬اضعافه‮ ‬بفتح‮ ‬جبهات‮ ‬كثيرة‮ ‬لانهاكه‮ ‬ومن‮ ‬ثم‮ ‬الانقضاض‮ ‬عليه‮. ‬
وهذا يفسر تسرع وحلم النخب المؤدلجة في الإمساك بزمام السلطة وتشبثها بها في حالة وصولها إلى الحكم ويتم تحويل السلطة وادواتها القسرية إلى قوة جبرية لإكراه المجتمع على مثاليتهم المتعالية على الواقع والنتيجة المستقاة من تاريخ الدول أن محاولة إجبار المجتمعات وقسرها‮ ‬على‮ ‬التغيير‮ ‬بالاعتماد‮ ‬على‮ ‬فكر‮ ‬مؤدلج‮ ‬متعالٍ‮ ‬أن‮ ‬الصراع‮ ‬بصورته‮ ‬العنيفة‮ ‬نتيجة‮ ‬طبيعية‮ ‬لذلك‮.‬
وإذا استطاعت النخب المؤدلجة اذلال المجتمع والافراط في استخدام العنف المنظم ضد المجتمع من خلال تشكيكه بثقافته ونفيها لصالح الايديولوجيا وتحويل ادوات السلطة لقهر كل مقاومة يبديها للتعبير عن نفسه وحاجاته ورغباته وطموحه فإن الفكر المؤدلج يصيبه الكساد والفساد ويصبح المجتمع كارها له وأن التعبئة التي تستخدم لتحريك الجماهير تموت مع الوقت لان المجتمع الذي لا يصنع أفكاره يتحول إلى موضوع خاضع لمن يصنع فكره، وهذا ما يدفع بالمجتمعات لبناء ادوات مقاومة قد تكون السلبية واحدة منها وسحب الثقة من النخبة ومع الوقت يُفشل المجتمع‮ ‬مشاريعها‮ ‬ويعيق‮ ‬فلسفتها‮ ‬المتعالية‮ ‬وهكذا‮ ‬يخسر‮ ‬المجتمع‮ ‬أفكاراً‮ ‬إيجابية،‮ ‬لو‮ ‬تم‮ ‬التعامل‮ ‬معها‮ ‬بواقعية‮ ‬وتم‮ ‬تبيئتها‮ ‬وامتاز‮ ‬مناصروها‮ ‬بالصبر‮ ‬والأناة‮ ‬لتحققت‮ ‬ولو‮ ‬بعد‮ ‬حين‮. ‬
وتؤكد تجارب الدول التي سيطرت عليها الايديولوجيات المفروضة على المجتمعات أن من الاسباب الاساسية ايضا لفشل النخب المؤدلجة أنها تغلق الابواب امام قوى المجتمع وتعزل نفسها عن الناس ومع الوقت تتحول الايديولوجيا إلى اداة نفعية لتضخيم مصالحها ويصبح التركز على الآليات‮ ‬التي‮ ‬تمكنها‮ ‬من‮ ‬الامساك‮ ‬بالسلطة‮ ‬وكل‮ ‬ذلك‮ ‬يعيق‮ ‬التّغير‮ ‬الطبيعي‮ ‬للمجتمع‮.‬
الصراع‮ ‬عندما‮ ‬يصبح‮ ‬عقيدة‮ ‬دينية
عندما نتحدث على الايديولوجية الدينية لا نقصد الاسلام وانما القراءات التي يقدمها الاسلام السياسي للاسلام فالحركات الدينية السياسية التي تمارس السياسة داخل مجتمعاتها المسلمة لديها اعتقاد جازم أن الصراع يخدم فكرهم الدعوي ويمكنها من الانتشار والتوسع وكلما اشتدت وطأة الأعداء زادها ذلك قوة وقدرة على المواجهة، وترسخ في أدبياتها فكر المواجهة والمقاومة بشكل دائم، والعدو ليس واحداً بل يبدأ بالنفس وشياطين الجن والانس، والغرب بكليته عدو لدود مواجهته فرض عين، وفي الداخل فإن العدو قد يكون علمانياً أو دينياً ولكنه مختلف مذهبيا أو لديه منهجية مختلفة في التغيير ونخبة حاكمة تشكل عائقاً في الوصول إلى السلطة ومجتمع يفكر بشكل مختلف ويمارس سلوكيات متناقضة مع البناء الايديولوجي وهكذا يصبح الحزب الديني في حالة صراع مع الكل، فيشعر أعضاؤه بالعزلة فتجعل منها النخبة غربة وهذا يرسخ لدى الاعضاء قناعة أن حالة الغربة التي يعيشها الحزب أو الحركة نتاج لامتلاكهم الحقائق المطلقة وفساد أعدائهم في الداخل والخارج وهذا يجعلهم يخوضون الصراع بقوة وحزم مع الآخر.. وتؤكد الايديولوجيا أن قوة الصراع وعمقه يزداد مع تقديم التضحيات ويؤدي إلى تحقيق النصر، وهذا يولد قناعة أن الاستشهاد هو طريق النصر، والاستشهاد قد يكون مع أعداء الداخل في المعارك الفكرية أوالمعارك الانتخابية أو في تفكيك الحاكم والعمل على اضعافه وانهاكه بممارسة العنف ضده، أو بمواجهة قوى الشر داخل المجتمع.
فالصراع مثلا يشكل محوراً اساسياً في فكر الاسلام السياسي المذهبي فالخروج على الحاكم مغروسة في بنيته ولكنها أخذت بعداً عقلانياً لدى التيارات المعتدلة وتحاول النخبة أن تقنع نفسها أن الديمقراطية هي الطريق لإزاحة الحاكم ولكن المخفي خلف هذا التفكير أن الحاكم ظالم وازاحته مسألة لا خلاف عليها حتى يتمكن صاحب الحق من الوصول إلى السلطة ولكن عندما اكتشفت تلك القوى ضعفها في الانتخابات وقناعتها أن الاحزاب التي كونتها حاصرتها وفضحتها اتجهت نحو إدارة الصراع من خلال تفكيك وخلخلة شرعية الحاكم من خلال الكلمة والكلمة لابد أن تكون قوية وحاسمة وعنيفة ولكن المتطرفين لم يقتنعوا فاتجهوا نحو خلق الأداة القوية القادرة على المواجهه فتحولت القيم والمفاهيم الدينية إلى قوة معنوية لتعبئة المؤيدين والأنصار لإدارة الصراع بقوة وعنف، وكان النتاج حركة دينية ماضوية ابرزت الماضي بوجهه القبيح.
والدين عندما يتحول إلى أيديولوجيا فإنه ينتج صراعاً عنيفاً فالطائفة الدينية المؤدلجة مثلا تؤسس للصراع لأنها تمارس السياسة بعقلية محكومة برؤية تجعل من الآخر نقيضاً لوجودها وترى من فكرها الحق المطلق فتلغي السياسة لصالح الحرب ومع الفكر المؤدلج تتحول الطائفة الى‮ ‬قوة‮ ‬منظمة‮ ‬اذا‮ ‬امتلكت‮ ‬السلاح‮ ‬فإنها‮ ‬تصبح‮ ‬قوة‮ ‬قهر‮ ‬حتى‮ ‬وان‮ ‬كانت‮ ‬خارج‮ ‬الحكم‮ ‬وان‮ ‬وصلت‮ ‬إلى‮ ‬الحكم‮ ‬فإن‮ ‬الدمار‮ ‬والخراب‮ ‬نتيجة‮ ‬طبيعية‮ ‬خصوصا‮ ‬في‮ ‬المجتمعات‮ ‬المختلفة‮.‬
والطائفية تؤسس للاستبداد من مراحلها الأولى من خلال منح الولاء كله للقيادة التي يتجسد فيها كل معاني الطائفة، وتقوم بإلغاء الدولة والمجتمع لصالح رؤيتها الفكرية وفي هذه الحالة تموت السياسية كحوار ونقاش ويتم تأميم الحقيقة وعلى الجميع الرضوخ ومن يرفض فان القوة جديرة‮ ‬باقناعه،‮ ‬وهذا‮ ‬يؤسس‮ ‬للصراع‮.‬
في ظل هذه الحالة فان أتجاه الحاكم لحماية امن المجتمع واستقراره من غلو وتطرف ايديولوجيا الطائفية الحوثية كان ومازال أمراً ضرورياً حتى لا يتفتت المجتمع وينهار خصوصا بعد أن بدأت الطائفة المؤدلجة بمراكمة ادوات العنف وقامت باستخدام القوة ضد المجتمع لاتباع رؤيتها‮ ‬ورفضت‮ ‬شرعية‮ ‬النظام‮ ‬السياسي‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬خلق‮ ‬آليات‮ ‬رافضة‮ ‬للرضوخ‮ ‬لقوانين‮ ‬الدولة‮ ‬ومواجهة‮ ‬سياسات‮ ‬الحكومة‮ ‬باستخدام‮ ‬العنف‮ ‬والهجوم‮ ‬على‮ ‬من‮ ‬يمثلها‮.‬
مواجهة‮ ‬أعداء‮ ‬الداخل
بالنسبة للاسلام السياسي السني بنسخته الاخوانية يشكل الصراع محوراً لحركتهم وظهر بشكل جليّ في صراعهم مع التيارات القومية واليسارية وصراعهم مع الماركسية في الشمال والجنوب مثل البداية القوية في تاريخ الحركة باستخدام السلاح، وبعد هزيمة العصابات الماركسية أصبحت الحركة جزءاً من الحكم ولكنها استمرت في مواجهة أعدائها في الداخل ومثل انتقال بعض قياداتها إلى أفغانستان فرصة لتفريغ طاقة المجاهدين ولتدريب وامتحان عناصرها في ساحة المعركة مع أعلان الوحدة ورغبة الحركة في الخروج بواجهة سياسية خرج الاصلاح ليولد صراعاً قوياً ضد الحزب الاشتركي وادار معارك سياسية في كل اتجاه وكان دستور دولة الوحدة قنطرة لتمرير سياسات التعبئة واظهار قوته وظل الحزب الجديد يدير معارك فكرية وسياسية ضد الحزب الاشتراكي والقوى القومية البعثية والناصرية التي ظهرت في الساحة، وضد الاحزاب التي أسستها القيادات‮ ‬الدينية‮ ‬الزيدية‮.‬
وتحالفت الحركة مع المؤتمر والقبيلة شكل لها درعاً قوياً مكنها من إدارة معاركها بكل قوة، وتحولت العملية الديمقراطية والحرية الممنوحة إلى ساحة معركة أفرغت طاقة حزبها بشكل سلمي رغم ما تخلل ذلك من عنف.
بعد انتخابات 1993م دخل الاصلاح في حكومة ائتلافية كان عدوه الاشتراكي شريكاً أساسياً في حكم اليمن ولكن حالة الصراع ظلت هي المتحكمة بالعلاقة بين الحزبين، وفي حرب الانفصال أعلن الاصلاح الجهاد من جديد ضد الشيوعيين والفساد الخلقي ومثّل رحيل الحزب وتفجير مصنع صيرة‮ ‬نصراً‮ ‬حاسماً‮ ‬لمعارك‮ ‬باردة‮ ‬وساخنه‮ ‬استمرت‮ ‬لفترة‮ ‬طويلة‮.‬
أصبح الاصلاح شريك المؤتمر ولكن العلاقة ظلت محكومة بحرب باردة انتهت بفك الارتباط النهائي بالمؤتمر ودخل في حلف جديد ربما يساعده في قطف ثمرة السلطة، والمعارك القادمة قد تصل إلى الزناد فالنزعة الايديولوجية تدفع أصحابها نحو فرض سيطرتها وهيمنتها على الجميع وتسعى لتصبح هي القوة الوحيدة القادرة على فرض إرادتها ، وعندما تصبح الوسيلة التي تمارس من خلالها النضال غير قادرة على تحقيق الحلم، تصبح الوسيلة اداة معيقة فاما أن يتم التخلص منها أو يتم البحث عن داعم إضافي وطريقة مختلفة.
الاشتراكي‮ ‬من‮ ‬الماركسية
‮ ‬إلى‮ ‬الليبرالية
بالنسبة للحزب الإشتراكي فقد تبنى الماركسية والصراع في بنيتها هو الحاكم لحركة الأشياء فالصراع هو أصل كل شيء وهو المتحكم بالتاريخ وصانع كل أحداثة والصراع ينتج عنه التقدم والتطور، ولا يمكن تحاشيه فهو حتمي.
وهذا يفسر تاريخ اليسار في اليمن وتبنيه للعنف لتحقيق أهدافه، وتاريخ الحزب الاشتراكي محكوم بفكرة الصراع حتى بعد سقوط المنظومة الإشتراكية وتغيير مساراته الفكرية لصالح الليبرالية السياسية إلا أن تفسيراته للواقع ظلت محكومة بالتحليلات والمنهجية الماركسية بصورتها‮ ‬الجديدة‮ ‬التي‮ ‬طورها‮ ‬اليسار‮ ‬العالمي،‮ ‬وهذا‮ ‬ما‮ ‬جعل‮ ‬الصراع‮ ‬يهيمن‮ ‬على‮ ‬عقلية‮ ‬النخبة‮.‬
فتجربة الحكم اليساري في الجنوب اليمني حاولت أن تبني مجتمعاً منسجماً مع المقولات الشيوعية من خلال الغاء ثقافة المجتمع وإعادة كتابة التاريخ وفق الاهواء الايديولوجية والعمل على إعادة صياغة الافراد والمجتمع بقيم ومفاهيم متناقضة مع الواقع ونتيجة القهر في تنفيذ السياسات‮ ‬وتزييف‮ ‬وعي‮ ‬الناس‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬السيطرة‮ ‬على‮ ‬الادوات‮ ‬المنتجة‮ ‬للفكر‮ ‬يلجأ‮ ‬المجتمع‮ ‬للثقافة‮ ‬المؤسسة‮ ‬للولاءات‮ ‬الدنيا‮ ‬لمقاومة‮ ‬النخبة‮ ‬ولحماية‮ ‬الذات‮.‬
ولا يجد الناس امامهم إلا الهوية المحلية فثقافة الطائفة الصوفية أصبحت هي الأصل والمنطقة أصبحت هي المحدد لهوية الفرد والقبيلة تشبع رغبة الانتماء لدى أبنائها وهذه الأشكالية لم تصب المجتمع فقط ولكنها امتدت إلى النخبة الايديولوجية فولاؤها الحزبي كان أكثر عمقا من الولاء للدولة لان شرعية العضو تمر من خلال الحزب والدولة اداة لخدمة الايديولوجيا ونخبتها وهذه الطريقة في تصوري عمقت الولاء للقبيلة والمنطقة لأن الحزب خلق فراغاً روحياً عميقاً لدى أعضائه ناهيك عن الصراعات والتصفيات التي حكمت تاريخه كل ذلك عمق الانتماء القبلي‮ ‬او‮ ‬المناطقي‮ ‬وحتى‮ ‬الطائفي‮ ‬لدى‮ ‬أعضائه‮ ‬بهدف‮ ‬حماية‮ ‬الذات‮ ‬ولاشباع‮ ‬ذلك‮ ‬الفراغ‮ ‬الذي‮ ‬أفقدهم‮ ‬هويتهم‮ ‬لصالح‮ ‬هوية‮ ‬أنسانية‮ ‬حالمه‮. ‬
ونتيجة ذلك فان الصراع يصبح حلاً لشقاء الوعي لدى العضو المؤدلج فهو على صعيد الوعي تبني ايديولوجيا متعالية متجاوزة للوطن فالمناضل الشيوعي لا وطن له، وقلبه يحمل همّ الوحدة اليمنية وفي لاوعيه يتحرك في انتماءات دنيا مناقضه لم يفكر به، وهذا جعل منه صراعاً مشوشاً‮ ‬لا‮ ‬هدف‮ ‬له،‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬الحالة‮ ‬يصبح‮ ‬الاغراق‮ ‬في‮ ‬حب‮ ‬الذات‮ ‬الفردية‮ ‬هو‮ ‬المحدد‮ ‬لحركة‮ ‬الفرد‮.‬
تخلى الحزب عن أفكاره القديمة كلها وتبنى الفكر الذي حاربه واصبح يصارع الآخرين من خلاله، ولكنه يبالغ في مطالبه بتطبيق الليبرالية السياسية بحذافيرها دون مراعاة الواقع، لذا يمارس نقداً على الدولة والمجتمع باستخدم منهجية يسارية ولكن هذه المرة من أجل اعادة صياغة المجتمع وفق المقولات الليبرالية، ولانه يبالغ في حلمة الايديولوجي ونتيجة فهمه للواقع بمفاهيم إيديولوجية انتجها واقع مختلف لفهم ذلك الواقع فانها تصبح حجاباً يعيق فهم الواقع اليمني كما هو، وتصبح الحلول الليبرالية بصورتها المثالية كما هي في الواقع الذي انتجها‮ (‬اوروبا‮ ‬الغربية‮ ‬والولايات‮ ‬المتحدة‮) ‬غير‮ ‬قابلة‮ ‬للتطبيق‮ ‬في‮ ‬الواقع‮ ‬اليمني،‮ ‬فتصبح‮ ‬الديمقراطية‮ ‬والدولة‮ ‬ومؤسساتها‮ ‬أدوات‮ ‬بيد‮ ‬القبيلة‮ ‬والعسكر‮.‬
وهذا السلوك في المرحلتين في التعامل مع الواقع أدخل الحزب ونخبته في حالة من الشقاء والتناقض بين الفكر والواقع والسلوك، فلا الفكر منسجم مع الواقع ولا السلوك مطابق للفكر وهذا يفسر تخبطات الحزب وعدمية الصراعات التي أدارها ومازال.
المشترك‮ ‬لا‮ ‬يعيش‮ ‬إلا‮ ‬بالازمات
المشترك لا يمكنه أن يستمر ويعمل إلا في ظل الصراع وهذا يجعل منه تحالفاً لا يسعى نحو الحلول والتوافق بل لخلق أزمات متلاحقة مع الحاكم، فالتعاون والسلم على الساحة السياسية يمثل مشكلة كبيرة يهدد وجوده، فاستمراره وبقاؤه مرهون بوجود عدو وقد تجسد بالحاكم وهذا يجعلنا نؤكد أن المشترك سيقودنا نحو أزمات متلاحقة في حالة رغبة أطرافه في استمراره والسبب يعود إلى التناقضات التي يحتويها واي تفكير عقلاني داخله للتهدئة أو للتعاون مع الحاكم بهدف الإصلاح والبناء لا يخدم المشترك بل يهدد بقاءه، وفكرة أن تجمعهم من أجل ترسيخ الديمقراطية‮ ‬أو‮ ‬بهدف‮ ‬خلق‮ ‬توازن‮ ‬في‮ ‬الحياة‮ ‬السياسية‮ ‬مغالطة‮ ‬وتزوير‮.‬
استمرار المشترك بحاجة الى تعبئة اعضائه ضد عدو واحد اتفقوا على محاربته فاي تصالح مع النظام يعني انهيار المشترك واتفاق المبادئ مع النظام هز المشترك بقوة وبالتالي فان المشترك لكي يستمر عليه ان يصارع النظام ومهما قدم النظام من تنازلات فانه سيستمر في محاربته ولن يستقر الامر الا بنهاية النظام وهذا يؤسس للصراع ولا يعني انتصار المشترك نهاية الصراع بل انه سيزداد قوة..من الواضح أن العداء متأصل في بنية المشترك بسبب تناقض الفكر والمصالح بين أحزابه ولكن أتفاقهم على عدو وصراعهم معه يؤجل الصراع بين توجهات تكويناته، ولكن الملاحظ وجود اتفاق في آليات العمل وهذا أمر طبيعي لأن الآليات العقلية التي تحكم الايديولوجيات في تعاملها وفهمها للواقع متشابهة بصرف النظر عن الأفكار وتناقضها وهذا يفسر الاتفاق بين أحزاب المشترك في مواجهة الواقع بتبني رؤية انقلابية وممارسة خطاب رافض لكل شيء قائم على التشويه والالغاء والتحريض وتعبئة الاعضاء والناس ضد عدو مشترك وهذه الأشكالية التي تحكم حركة المشترك في التعامل مع السياسة وهيمنة المنظور الايديولوجي على أحزابه عجزت أن تقدم رؤية سياسية واقعية قادرة على حل المشاكل التي تواجه المجتمع اليمني وتركيزها الاساسي يتمحور حول مسائل لا تقع من خانة معالجة القضايا الملحة وانما في القضايا التي تمكنها في الوصول إلى السلطة ويتم تجاهل البحث عن حلول ولكن يتم توظيف المشاكل التي يعاني منها الناس في شعارات عامة لتشويه صورة الحاكم ويتم تجاوز الحقائق الواقعية التي انتجت تلك المشاكل ويتم التركيز على جزء من الصورة الكلية هذا الجزء يصبح هو الصورة كلها فتصبح النخبة الحاكمة هي أصل المشاكل، وهذا ما يجعل من المشترك أداة قد تقودنا نحو العنف وطريقة إدارتها للصراع السياسي الراهن ليس إلا المقدمات الأولى.
ورغم‮ ‬انتصارات‮ ‬الاخوان‮ ‬المسلمين‮ ‬في‮ ‬سيطرتهم‮ ‬على‮ ‬المشترك‮ ‬حاليا‮ ‬الا‮ ‬ان‮ ‬المشترك‮ ‬يؤسس‮ ‬للفكر‮ ‬العلماني‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬وهذا‮ ‬سبب‮ ‬رغم‮ ‬بساطته‮ ‬إلا‮ ‬أنه‮ ‬سيفجر‮ ‬الصراع‮ ‬في‮ ‬المرحلة‮ ‬القادمة‮ ‬بين‮ ‬تكويناته‮.‬
والمشروع السياسي للمشترك بتحليل بنيته باعتماد الشريعة حتى وفق تفسيرات الاخوان وليس السلفيين فانه مؤسس على الفكر العلماني، فالنظام البرلماني مثلا لا علاقة له مطلقة بالتجربة التاريخية للاسلام بل متفارقة معه فالنظام الرئاسي اكثر قربا من نظام الخلافة الاسلامي الذي‮ ‬اسس‮ ‬له‮ ‬الصحابة‮ ‬رضوان‮ ‬الله‮ ‬سبحانه‮ ‬وتعالى‮ ‬عليهم‮ ‬وعلى‮ ‬من‮ ‬اتبعهم‮ ‬باحسان‮ ‬إلى‮ ‬يوم‮ ‬الدين‮.‬
المشترك يقودنا نحو العنف ولا يمكنه أن يخلق توازناً في الحياة السياسية بل أن الهدف منه هو اخلال التوازن الذي اسست له الديمقراطية عبر انتحابات حرة وهذه التحالفات ليست إلا وسيلة ستقود البلاد الى المجهول، ففوز المشترك سيخلق مشاكل لا حصر لها بين تكويناته ضد بعضها وبينها وبين النخبة الحاكمة والصراع بوجهه القبيح سيكون نتيجة لتلك المشاكل وهزيمته مشكلة أيضا اقلها التهديدات التي تظهر بين حين وآخر بأن الحل لهزيمة الحاكم بعد فشلهم الانتخابي هو الثورة الشعبية.

‮❊ ‬قسم‮ ‬العلوم‮ ‬السياسية‮ - ‬جامعة‮ ‬صنعاء
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا"

عناوين أخرى

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)