جمال محمد حُميد -
مسكين هو الشعب اليمني الذي دائما ما يصدق أي معلومة تأتيه وأية أخبار حتى لو كانت مفبركة كونه يركب الموجه دائما ويساير الوضع كيفما هو.
ودائما ما نرى أي مسئول يتم إقالته يتوجه اليوم الثاني إذا لم يكن بعد ساعات إلى التصريح لوسائل الإعلام المختلفة بأنه استقال بسبب كذا وكذا وطبعاً الشعب يصدق على طول ويقول نعم ذلك المسئول استقال ولم يُقال.
طيب لنقل نعم استقال لكن لماذا استقال الآن؟ أين كان من قبل في أحداث كثيرة حدثت ولا زالت تحدث في وطننا أم أن المسئولين أصبحوا يتسابقون على ركوب موجة الهروب من تحمل مسئولياتهم التي كانوا فيها ومحاولة تضليل الشارع وإثبات أنهم كانوا ضحية وأنهم لا يقبلون الأمر الآن.
إنه لأمر مؤسف أن يكون حال مسئولينا هكذا خصوصاً وأنهم كانوا يتقلدون مناصب ليست صغيرة أو عادية بل مناصب مؤثرة ممكن من خلالها فرض أرائهم وتقديم رؤى ومبادرة لحل الأزمة الراهنة والخروج بالمنعطف السياسي الحاصل الآن في بلادنا.
كان يجب على من استقال في هذه الأيام أن يبادر إلى تقديم استقالته منذ الوهلة الأولى ولا ينتظر تيار الأحداث واللحاق بالمصلحة وكأن لسان حاله يقول أنا ومن بعدي الطوفان.
صحيح إن ما حدث في ساحة المعتصمين في جامعة صنعاء هو أمر لا يقبله أحد ولا يقف معه أحد والجميع سلطة ومعارضه ومجتمع مدني يطالبون بالتحقيق وتقديم المسئولين عن هذه الجريمة للمحاكمة وتنفيذ أقصى العقوبات فيهم كونهم أباحوا الدماء الزكية والطاهرة وعملوا على إراقتها في وطن الحكمة والإيمان وطننا الحبيب.
والجميع أيضا يريد التغيير ولكن الطريقة الهمجية التي يسعى لها البعض هي طريقه غير حضارية ولا تنتمي لأخلاق وعادات وطباع اليمنيين الذين عرفوا وعلى مر العصور بقلوبهم اللينة والطيبة.
ليكن التغيير كما قالها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ـ رئيس الجمهورية عبر صناديق الاقتراع في طريقة ديمقراطية تتداول فيها السلطة سلمياً بشكل سلس دون أن نقع ضحايا لأياً من المؤامرات وعدم تسلق البعض على أكتاف شباب كل همهم تحسين الوضع القائم بناء على حق كفله الدستور والقانون بعيداً عن أية يافطات أو شعارات حزبية كما هو حاصل الآن في ساحات الاعتصام من قبل البعض.
إن من استقالوا الآن وفي ظل هذه الأحداث والذي كنا نكن للبعض منهم كل تقدير واحترام نراهم اليوم وهم يتساقطون أمام أعيننا ويهرولون وراء مصالحهم راكبين موجة الأزمة التي تمر بها البلاد.
لا أقول أنهم على خطأ ولكن الاستقالة التي قدمها البعض جاءت في غير وقتها لتفضح الكثيرين ممن كانوا عالة على السلطة ويعملون ضدها بصمت وتحت رايتها.
وإنه لحقيقة أن من يستقيل الآن هو أصلاً مُقال منذ حين بسبب ما يحدث ولكن تبريره للشارع أصبح واهي وغير صحيح ويجب أن يتم محاسبة هؤلاء خاصة ممن كانوا ضالعين في الفساد وعلى الحكومة والسلطة أن تتخذ في حق كل مفسد أفسد في منصبه بالسلطة خلال الفترة الماضية وتقديمه للمحاكمة العاجلة حتى نثبت للشارع ان من يتسابقون الآن لركوب الموجه هم أناس فقدوا مصالحهم وأيديهم ملطخة بفساد عارم وآثروا إلا أن يخادعون الشارع من جديد بلبس ثوب الندم والحسرة كما فعلها البعض ممن كانوا في أحزاب أخرى واستقالوا لينضموا للمؤتمر ويستقيلوا الآن من جديد ليعودوا لأحزابهم السابقة بعد أن شبعوا وأشبعوا أحفاد أحفادهم من الخزينة العامة للدولة.
أخيرا
إن من يفكر ولو لوهلة واحدة انه سيهرب من المسائلة باستقالته فإنه مخطئ لأن المحاسبة لا بد وأن تطال كل فاسد وكل من أضر بالمال العام وبالمواطن اليمني وسيكتب التاريخ أن كل من تلطخت أيديهم في وحل الفساد سيحاسبون على كل ما اقترفوه. والله من وراء القصد
[email protected]