د. محمد النهاري -
طبيعة مركوزة في الحيوان والانسان جنس منه ان تقوم حياته على تقسيم عمل المسئولية التي تحدد الفعل والفاعل على السواء، فالمسئولية ادراك وشعور بالواجب وحساب للتقييم والاستمرار.. ولقد لاحظ علماء الاجتماع ان السلوك الناقص والفعل غير المكتمل يرجع لخلل في واحد من الطرفين اما في الفاعل او الموجه لهذا الفاعل، ومن هنا جاء عصر النهضة بآلية ضرورية للانجاز اسمها خطة عمل، فلا يمكن ان ينجح عمل ما دون تخطيط مسبق واستلزم هذا الأمر مقدمات من بينها (C.V) او المؤهلات وربما نفتقر في هذا العصر الى مؤهل اكثر أهمية وهو (الكاريزما) او ملكة اتخاذ القرار!!
ان امراً آخر ينبغي الالتفات اليه وهو ان اخطر ما يواجهه مجتمع من المجتمعات الوصول الى نتيجة تحدد خلاصة من افدح الكوارث، غير انه لا يؤمن بها ولا يلتفت اليها، لربما لان هذه النتيجة لم تكتمل في تصوره.. فنحن نفترض ان الحوار هو النتيجة غير عن ان عدم الالتفات اليها عبر تصور مميز وكامل هو الذي يفقدها خاصيتها - كأن نفهم چهو حقل السياسة، ولو انا احترمنا معطيات هذا المصطلح الاثير لعرفنا ان من الضروري ان ندخل في حوار مع التجار، وليس عيباً ان نتفهم مشكلاتهم ان كانت ثمة مشكلات كي لا يكون المجتمع ضحية غياب هذا الحوار، وأنا على ثقة ان هذا الحوار لن يضر بهيبة الدولة، ولن يؤثر سلباً على سياساتها.. واذا كان هذا الحوار مطلوباً اولاً بين الدولة وبين الذين يفترض انهم يوجهون الرأي العام كالكتاب والصحفيين ليرسم الجميع آلية محترمة لشهود هذا الحوار بين طرفي : الحكومة وفئة التجار فإن المطلوب اولاً هو ايجاد الثقة بين هذه الاطراف جميعها ولما كانت الحكومة التي هي الدولة، الذي هو ولي الأمر لاينبغي ان يقف متفرجاً باعتبار ان لديه خيارات كثيرة فإنه من الصعب ان يظل الأمر على ماهو عليه خاصة ان المجتمع تربى على معطى ان ولي الأمر هو كفيل بحاجاته الضرورية.
نحن نعلم ان الاقتصاد العالمي يمر بأزمات بسبب هذه الفوضى الماثلة على هيئة حروب يدفع غالباً ثمنها الشعوب الفقيرة او التي على خط الفقر، بالرغم من ان بعضها تمتلك موارد هائلة، يهبر منها الاقوياء وحسب ونحن نعلم ان اقتصاد اي بلد في هذه الكرة الارضية يتأثر بهذه الازمات غير انه في البلدان التي تفقد علاقة الحوار بين فئاتها الاجتماعية كافتقادنا للحوار بين الحكومة والتجار فإن الأمر لايكون ناتجاً عن تأثير الأزمة هنا او هناك وانما يصبح الموضوع برمته لطرف من الاطراف، والحوار الذي دار بين الغرف التجارية ومؤسسات اخرى والحكومة في وقت سابق - فيما يبدو - لم يؤت الثمار المرجوة.
ليس من السهل تجاهل الشارع بل تجاهل اي ردود افعال تصدر عن حمقى يكون طرف من الاطراف قد اعطى لهم ما يبرر حماقاتهم بل، واكون صادقاً وهو ان سبب عقم النتائج كان بسبب عدم تصور للازمة بين الطرفين.
في الخيارات المطروحة تجريب بعض آليات او امثلة صنعتها بعض الحكومات الشقيقة والصديقة، انقاذاً للمواطن من ازمات طاحنة ومن ذلك قيام مجتمعات استهلاكية تعاونية لا بأس أن نستفيد من الذين جربوها سلباً وايجاباً او ان نجرب اطلاق الحرية لتنافس استيراد مسئول لفك هذا الاحتكار وكسره، على الاقل في المواد الضرورية وبعض الذين تروقهم التجارة من غير اهلها لا بد ان يدخلوا هذه المنافسة وفق اشراف رسمي.. وعلى الجميع ان يخضع لتوجهات الدولة واذا ما جربنا تجربة او تجارب، فإن الدولة لابد ان تقوم بمهمة (القوامة) فالمجتمع قد يلجأ في ضوء غياب حوار رشيد ومسئولية محددة لأمر آخر هو الشعور بالعجز والضياع في دوامة شديدة الدوران في احباط لايفضي الا للدمار.. والسؤال لم يتجاهل الطرفان نفسيهما او يتجاهل طرف آخر هل نشهد مصالحة بين التجار وضمائرهم وبين هذه الفئة واهل القرار؟!