تحقيق/توفيق الشرعبي - فيصل عساج
< في غير البرلمان قد يكون »الصمت أبلغ من ملايين الخطب«، ولكن لا ندري لماذا التزم بعض اعضاء مجلس النواب السكوت وعدم المشاركة والنقاش في الموضوعات المقدمة الى البرلمان؟ ولماذا تكاد تقتصر المناقشة على محدودين؟
»الميثاق« بحثت أسباب الصمت مع البرلمانيين انفسهم.. فبماذا برروه؟!
< في البدء تحدث الأخ جابر عبدالله غالب عضو البرلمان قائلاً: ليس كل النواب يفضلون الصمت وعدم النقاش لأن معظمهم يسجلون اسماءهم للحديث ولكن لا تعطى لهم الفرصة للحديث وهذه الاشكالية تحدث غالباً.. وهناك اعضاء يفضلون الاكتفاء بما طرحه زملاؤهم واحياناً يُكتفى بما تطرحه قيادات الكتل لأن العمل في البرلمان يتعلق بالكتل البرلمانية التابعة لأي حزب.. واذا وجدت الفرصة تتاح حينها لمعظم الاعضاء.
ويضيف جابر: وربما يعود ذلك الى ميول هيئة رئاسة المجلس في اعطاء الحديث لمعظم الاعضاء دون غيرهم.
وبخصوص امتداد الصمت ليشمل أكاديميين برلمانيين قال الشيخ جابر ليس كل الاكاديميين يحبون الكلام او الحديث والنقاش ولكن احياناً يقال ان الكلام غريزة لدى بعض الناس ورغبة قوية والاصل العبرة في النتائج بغض النظر عن الحديث ومجال العمل البرلماني.. حقيقة هو مجال نقاش وتحدث وأخذ ورد!!
بسبب الأصفاد فضلوا الصمت
النائب علي سالم الخضمي يرى أن القضية تعود الى جملة من النقاط، منها ما يخص العضو ومنها ما يخص الوضع العام.. فهناك بعض الاعضاء تدرج اسماؤهم للحديث فيتحدثون فعلاً ولكن لا يجدون من يصغي اليهم او ينصت لما يقولونه من زملائهم الآخرين وهنا يفضلون بعدها الصمت وعدم النقاش.. ويضيف الخضمي أن هناك ايضاً اعضاء منشغلين وليس لديهم اطلاع عن معظم القوانين والتقارير التي تتطلب مناقشتهم لذا تجدهم اذا حضروا لا يناقشون.
وينوه علي الخضمي الى أنه يجب التحلي والاقتداء بالبرلمانات العالمية في نقاشها والتحلي بآداب الحديث والانصات الى بعضنا وتقبل الآراء المطروحة دون سخرية من أجل الخروج بحصيلة تفيد الوطن والمواطن.
ويؤكد الخضمي ان هناك اعضاء يكثرون الحديث ليقال عنهم انهم يتحدثون، وليس كل متحدث مصيباً ولا كل صامت مهيباً.. ويضيف أن العمل البرلماني يقوم أغلبه على الكتل واللجان وما القاعة إلاّ مجرد نقاش عام.. وينفي الخضمي مسئولية رئاسة المجلس في حديث الاعضاء او عدمه.
اعضاء متفرغون
لكن الأخ عبدالله علي الخلاقي يرى أن سكوت بعض الاعضاء يعود الى الآلية التي يدار بها مجلس النواب من قبل رئاسة المجلس وعدم المصداقية في الاختيار لذا يفضل بعض الاعضاء الصمت.. ومن الاسباب انشغال بعض الاعضاء ايضاً بالمتابعة والمراجعة لقضايا دوائرهم.. إلاّ أن هناك اعضاء متفرغين للعمل البرلماني وهم اكثر ادراكاً للمشاريع والقوانين التي تصل من الحكومة الى البرلمان.. ويوافق الخلاقي سابقيه على معظم ما طرحوه من الاسباب المتعلقة بالصمت »المزمن« لبعض البرلمانيين!! متمنياً ان تتغير الآلية في مستقبل القادم ليخرج الاعضاء من يأسهم وصمتهم.
أكتفى بما يطرحه زميلي
ويؤكد النائب عبدالسلام زابية أنه يسجل اسمه كل جلسة من أجل الحديث وعندما يسبقه أحد الاعضاء ويطرح ما كان يريد ان يطرحه هو، فإنه حينها يكتفي بطرح زميله ويلزم الصمت.
ويشير زابية الى أن هناك بعض الاعضاء لهم اطلاعات واسعة ومتابعات دائمة لكل ما يطرح من موضوعات وتقارير فيكونون اكثر حديثاً ونقاشاً إلاّ أن زابية يؤكد عدم فهمه لما تقوم به هيئة رئاسة المجلس من اعطاء ركن خاص في القاعة للحديث وهذا يحمل اكثر من علامة استفهام -بحد قوله- ويضيف أنا متأكد من أن سكوت الاغلبية من الاعضاء ناتج عن الانتقاء المتعمد من هيئة رئاسة المجلس، مشيراً الى أن بعض البرلمانيين يطلبون التحدث ليس إلاّ وان كان الموضوع قد طرح من آخرين ولا يُعرف سبب لصمت الاكاديميين المتخصصين من اعضاء البرلمان!
عدم معرفة الموضوع
ويعزو عبده مهدي العدلة، عضو البرلمان السبب في صمت بعض البرلمانيين الى عدم معرفتهم بالموضوع الذي سيناقش لخلل وعيب في سكرتارية القاعة التي لا تقوم بإنزال جدول الاعمال مسبقاً حتى يتمكن العضو من معرفة الموضوع والإعداد لما سيقوله ويناقشه من خلال اطلاعه عليه.. ويضيف نحن نفاجأ بموضوعات تطرح علينا ويطلب المناقشة فيها لذا نفضل الصمت عملاً بالحكمة القائلة: »اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب«.
ويحمل العدلة كثيراً من الأسباب الكتل البرلمانية غير المفعلة والتي لا تطلع اعضاءها ما الذي يجب ان يناقشوه او يشاركوا في تشريعه لذا تجدهم صامتين وغير مفعلين ولا يتم استغلالهم لاثراء الموضوعات داخل تكويناتهم الخاصة بكتلهم وبالأخص المتخصصين والاكاديميين.
آليات جديدة
النائب عبدالولي الجابري يطرح جملة من الاسباب اهمها عدم حسن الاستماع لما يطرحه النائب من قبل زملائه بل يصل بعضهم الى السخرية مما يقوله زميلهم ما يدفع بعض البرلمانيين الى تفضيل الصمت لعدم احترام رأيه.. وسبب آخر -بحد قوله- يعود الى رئاسة المجلس التي لا تلتزم بالقضايا التي ترد في جدول الاعمال وهذا التغير وعدم الالتزام يربك الاعضاء في الطرح.. ويؤكد الجابري ان المتحدثين هم من يجتهد في حديثه او انه كثير الاطلاع وبعضهم يحب ويبحث عن الشهرة ليس إلاّ.
منكراً ان هناك صمتاً للبرلمانيين الاكاديميين الذين يشاركون -بحد قوله- في كل التقارير والقضايا المعروضة.. مهيباً برئاسة المجلس ان تبحث آليات جديدة في طلب التحدث والنقاش للاعضاء.
مليشيات تصويت!!
ويخالفهم الرأي -أو يزيد على ما طرحوه- النــــائب محمد هادي الشقذة الذي عزا الصمت لأسباب عدة منها ان بعض النواب لا يجيــــدون النقاش والبعض لا يمتلك ملكة الكلام او لا توجد لديهم معلومات يتحدثون عنها.. مشيراً الى أن بعض النواب وصل الى المجلس عن طريق الوجاهة او لتكثيف الاغلبية البرلمانية للتصويت للحكومة.. ومن الاسباب -بحد قوله- ان بعض الاعضاء لا يحب الخوض في الموضوعات لأنهم شبه موجهين وحينــــها يكون وجودهم للتصويت ليس إلاّ وهؤلاء هم »ميليشيات تصويت«.
وعن الذين يكثرون من النشاط والمشاركة والنقاش فهم كما قال الشقذة يقدمون قسطاً كبيراً من الوطنية ويستشعرون المسئولية والأمانة.
ويؤكد محمد الشقذة أنه لا يوجد برلماني معارض صامت وهناك من الحزب الحاكم من وصفهم بالصقور يتبنون الملاحظة على كثير من الموضوعات.
مستغرباً من بعض رؤساء الجلسة الذي يرفعون اياديهم مع كل فقرة من المادة ليطرحوها للتصويت مؤكداً أن هذا مخالف للائحة الداخلية للمجلس حتى لا يتم النقاش.
صمت البرلماني مضحك
ويحبــــــذ النائب أمين الصلوي الصمت في كل المواقف إلاّ في هذه المؤسسة التشريعية التي يعتبر فيها الصمت شيئاً مضحكاً.. ودعا الصلــــوي الادارات والجهات المختصة البحـــث في أسباب سكوت غالبية الاعضاء وازدياد ظاهرة الصمت لديهم.. موافقاً سابقيه على ان المشاركين في المجلس هم من ذوي الاطلاع على الموضوعات.. نافياً الصلوي ان يكون هناك دخل لرئاسة المجلس في صمت الاعضاء.
مشيراً الى أن بعض الاعضاء يرى أنه لا فائدة من المشاركة وآخرون يرون عدم الاهتمام بما يتم طرحه والبعض يتهم رئاسة المجلس بعدم اعطائه الفرصة الكافية للحديث.
وبخصوص صمت الاكاديميين والدكاترة قال الصلوي هذا عائد الى كتلهم التي تفرض عليهم الحديث من عدمه.. مشيراً الى أن التجربة البرلمانية تقترب من الاكتمال وتقديم الافضل.
|