عباس الديلمي - استطعنا في اليمن- وبكل اقتدار- ان نلفت انظار كل من في العالم من مهتمين ومتابعين ومحللين سياسيين.. وكنا محل الاعجاب المتمازج بالتعجب..
حدث هذا لسبب بعيد عما يخطر او قد يخطر على اذهان الكثيرين مثل ماشهدته وتشهده ساحاتنا وشوارعنا من اعتصامات ومسيرات وصدامات.. ولكن لأننا تركنا بنادقنا نائمة على مافي بطونها في مخادعها.. تلكم البنادق الموجودة في كل بيت تقريباً، والتي يرمز بها الى ما بحوزة المجتمع اليمني (مدنه وريفه) من اسلحة لو استيقظت من نومها لما كان فطورها ترياقة- كما يقال في بلاد الشام- ولكن وجبة دسمة عملاً بالمثل اليمني «الصبوح الروح والغداء ماتيسر» ولأتت على الاخضر واليابس.
هذا مانستنتجه من احاديث من تستضيفهم القنوات الفضائية للحديث عن الشأن اليمني، فيبدون اعجابهم الممزوج بالتعجب من عدم خروج السلاح الشعبي اليمني الى ساحة الصراع.. خاصة وهناك -كما أشرنا- في عمود سابق مؤيد ومعارض، او شارعان واعتصامان وتياران.. الخ.
ما لفت الانظار الينا، سلاحنا او بنادقنا النائمة في مخادعها وليس حكمتنا... او الحكمة اليمانية المشهود لنا بها.
قد يقول البعض ان عدم خروج البنادق الى الساحة، ما هو الا من علامات الحكمة اليمانية.. كون الفوهات من صغيرها الى كبيرها او من المسدس الى المدفع لا تلجم الا بالحكمة.. وبالعقل.
ولكني اعتقد ان هذا القول المتضمن قدراً كبيراً من الحقيقة.. لايصدق على واقع نعيشه هذه الايام.. كون الفوهات لا تلجم بالحكمة وحدها، ولكن بتوازن القوى ايضاً او بما وصفه القرآن الكريم بدفع الناس بعضهم ببعض كي لا تفسد الارض.
هذا الدفع او التوازن هو ماجعل البنادق نائمة رغم استيقاض الفتنة، وكم كنت اتمنى ومازلت، ومازال الأمل قائماً ان تكون الحكمة هي الحاضرة، لان حضور هذه الحكمة التي اعترفت في الاسبوع الماضي بفقدانها، هو الذي سيكمم او يلجم الفوهات، ويهيئ اجواء انقشاع الأزمة، والامساك بجذورها، وتغليب العقل على العاطفة والاعتدال على التهور، وإشاعة الطمأنينة محل الخوف والتوجس.. وفتح الحوار لما فيه مصلحة الشعب لا راكبي الموجات.
نريد ان نلفت انظار العالم الينا بالحكمة اليمانية، وليس بالبنادق النائمة كالحياّت في جحورها والتي لايساورنا خوف كالخوف من خروجها، لانها ستسعى لا لتأكل مايأفكون، ولكن لتأكل كل مابنيناه وانجزناه وضحينا من أجله منذ عرفنا الدولة الحديثة.
اكتفى بهذه الاشارة لاعتقادي ان جيلين من ابناء شعبنا اليمني لم يعرفوا انفسهم الا في حروب وفتن متلاحقة، وهذا مايجعلنا ندرك معنى فجيعة والدٍ بما ولد، ويتم صغير بأحد والديه، أو نكبة انسان بما له وأمنه.. او عذاب مسن بخاتمة سيئة. |