جمال عبدالحميد -
الخبر الذي نشرته صحيفة 14 أكتوبر" في عددها رقم 13655" والصادر بتاريخ 2/2/2007م والمتضمن اعتزام مملكة البحرين بانشاء بنك للفقراء على غرار بنك "جرامين" البنغالي.. قد أثار في نفسي جملة من الذكريات مصحوبة بحزمة من الحسرة والاحباط.. ذلك أن هذا الخبر قد ذكرني بالعمود الاسبوعي الذي كان ينشر في هذه الصحيفة تحت اسم "الصرخة لا تكفي" والذي ظل ثابتاً لأكثر من عامين تقريباً.. وتوقفت بل وتخليت عنه بعد ان تخلت عني قناعاتي عن صرخاتي التي لا تكفي مهما كان مدى دويها.. وعزفت عن الصرخات ولزمت الصمت والسكون وارتكنت في زاوية المهزوم مفروضاً عليّ ومجبراً أخوك لا بطل.. في هذا الواقع المعيش الذي لا يرى ولا يقرأ ولا يسمع الصرخات إلاّ أن نشر هذا الخبر في هذه الصحيفة التي شهدت تطوراً ملحوظاً في الشكل والمضمون والمحتوى محسوب لصاحبه الاستاذ القدير احمد الحبيشي رئيس مجلس الادارة -رئيس التحرير.. أقول ان نشر هذا الخبر في هذه الصحيفة المتميزة قد أعاد لي ذكرياتي في الصراخ.. ومنها تلك الصرخة التي اطلقتها قبل أكثر من عامين، وهي صرخة تستجدي صانعي القرار في وطني، وتناشدهم في انشاء بنك للفقراء مستعينة ومستفيدة من تجربة »بنك جرامين« البنغالي الذي حققة نجاحاً منقطع النظير وصار المثل الذي يجب ان يحتذى به كل من يريد نجاح تجربته.. وأشرنا حينها الى أن كل العوامل لانشاء هذا البنك متوافرة وأن إمكانية النجاح أكثر من مواتية.. خصوصاً وان مثل هذا القرار لم يكن غائباً عن الحكومة.. بل إنها أجرت أكثر من لقاء وعقدت العديد من الاجتماعات مع المستثمرين أصحاب رأس المال المحلي والعربي.. وسربت أخبار نشرتها الصحف في ذلك الوقت عن قرب التوقيع على إنشاء هذا البنك بمساهمة من الحكومة ومستثمرين محليين وأشقاء.. ومضت الأيام وتلتها السنون ولا جديد استجد أو حتى بصيص من أمل لإنشاء هذا البنك الذي من شأنه أن يساعد الأسر الفقيرة في الوطن.. ويساهم في تنمية المشروعات الصغيرة من خلال تقديم الدعم وتوفير التمويل اللازم لخلق قوة منتجة لهامش كبير من العاطلين الذين يعانون من شغف العيش الكريم.
وليس بجديد إذا قلنا إن إنشاء هذا البنك سوف يكون له دور اجتماعي لا يستهان به في تنشيط وتفعيل وتائر التنمية في قطاع المشروعات الصغيرة والأسر المنتجة.. الذي يفتقر في الأساس الى عدم وجود جهات تمويل خاصة به.
وبالتالي.. فإن وجود هذا البنك سوف يشكل أحد أهم مصادر التمويل لهذه المشروعات وضمان نجاحها.. هذا النجاح الذي من شأنه أن يشجع جهات تمويل اخرى مثل المصارف الخاصة، وصندوق الرعاية الاجتماعية وغيره من مؤسسات التمويل الأخرى في البلد على خوض هذه التجربة لمساعدة الأسر الفقيرة وخلق الأسر المنتجة، على طريق محاربة الفقر والحد من العاطلين في هذا الوطن الحبيب.
إنها مجرد صرخة.. لعل صداها يصل الى المنامة قبل صنعاء.