ابن النيل -
ما لبث شركاء المستقبل والمصير.. أن توصلوا إلى صيغة توفيقية لحل خلافاتهم واختلافاتهم.. حقناً لدماء أهلنا في الوطن المحتل، وقد أسفر لقاء مكة المكرمة عن اتفاق قادة حركتي فتح وحماس فيما بينهم على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية بعد طول عناء، حتى أقدمت قوات الاحتلال الصهيوني على استئناف حفرياتها المغرضة على مقربة من باحة المسجد الأقصى المبارك، دونما أدنى اكتراث بمشاعر الملايين من أبناء أمتنا عرباً ومسلمين، لما قد يترتب على ذلك من تعريض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لخطر التصدع، ومن ثم.. الانهيار.
ومن دواعي الدهشة والاستغراب.. أن ترتفع أصوات البعض من بني قومنا في أكثر من عاصمة عربية.. مطالبة أشقاءنا الفلسطينيين بالتصدي لمغتصبي حقوقهم هناك، وعدم تمكينهم من مواصلة حفرياتهم التدميرية هذه.. صوناً لسلامة أقدس مقدساتنا، وكأنما هي شأن داخلي فلسطيني، بينما كل فلسطين من الماء وإلى الماء مسئولية الأمة بكاملها.
لقد أقام بنو صهيون الدنيا ولم يقعدوها.. لدرجة أن أشعلوها حرباً سادسة بيننا وبينهم، كان لبنان العربي مسرحاً لوقائعها الميدانية الدامية، لمجرد وقوع اثنين من جنودهم أسرى في أيدي رجال المقاومة الوطنية اللبنانية منتصف العام الماضي، بينما نحن العرب مانزال نكتفي ببيانات الشجب والإدانة والاستنكار إزاء انتهاك هؤلاء الصهاينة حرمة مقدسات.. نستمد قيمتنا الحقة بين سائر بني البشر.. من شرف انتسابنا لصريح ما ترمز إليه.
فهل آن لأمة العرب والمسلمين.. أن تغادر سياق ردة الفعل الآنية العابرة.. لتأكيد حضورها الفاعل والمؤثر على خارطة الفعل الإنساني الجاد، بعد طول غياب، هذا هو السؤال.. وإلى حديثٍ آخر.