أحمد الرمعي -
منذ أن تولى فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام مقاليد الحكم في البلاد يوم الـ17 من يوليو عام 1978م كان ديدن القائد هو الحوار والديمقراطية. ثلاثة وثلاثون عاماً والرئيس يكرس مبدأ الحوار والديمقراطية لإخراج البلاد من أزماتها، لذلك عند قيام الجبهة الوطنية الديمقراطية في المناطق الوسطى بالأعمال المسلحة قام الأخ الرئيس باحتواء هذه الجماعة من خلال الحوار مع قياداتها لإخراج البلاد من أتون تلك الفتنة التي كادت أن تعصف بالوطن لتعود الأمور الى نصابها وطبيعتها بعد المعالجات التي أقدم عليها الرئيس للخروج بالبلاد من تلك الأزمة. واستمراراً للنهج الذي دأب عليه الأخ الرئيس في تكريس مبادئ الحوار قام في عام 1982م بتشكيل لجنة الحوار الوطني التي من مهمتها صياغة الميثاق الوطني والذي شاركت فيه كافة القوى السياسية من اسلاميين ومستقلين ويساريين وقوميين لينبثق عن ذلك الميثاق الوطني الذي أصبح الدليل الفكري للمؤتمر الشعبي العام.
لقد أثبت فخامة الرئيس بتشكيل لجنة الحوار التي أعدت الميثاق الوطني بأن فكره أكثر تقدماً من كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية وأنه كان يستشرف آفاق المستقبل أكثر من غيره وكأنه كان يعلم أن التعددية السياسية هي التي ستسود في المستقبل، عاجلاً أم آجلاً، وهو الأمر الذي غاب عن أذهان الكثيرين لكن الاخ الرئيس بحكمته وحنكته أدرك ذلك مبكراً. ولقد استمر الاخ الرئيس في انتهاج الحوار بعد الوحدة من خلال عرضه عدداً من الحلول بعد اندلاع الأزمة السياسية على قيادة الحزب الاشتراكي اليمني رغم تعنتها وإصرارها على رأيها في مواصلة تأزيم الأوضاع في البلاد لجرها الى الحرب الاهلية ليعلنوا بعد ذلك نواياهم الخبيثة والمتمثلة في إعلان الانفصال الذي كانوا يخططون له بعد قيام الوحدة مباشرة ليأتي بعد فشل مؤامرة الانفصال قرار الأخ الرئيس الذي جاء قاصماً لظهورهم بإعلانه العفو العام عن جميع المغرر بهم ممن قادوا المؤامرة الانقلابية. إن الجميع يعلم أن الوحدة اليمنية كانت أمل أبناء الشعب اليمني وكانت هدفهم الأساسي وخاصة منهم أولئك الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل الذي ليس من المعقول أن يتم التضحية به بعد أن تحقق.. وفي ذلك الوقت تجلت صحة رؤية الرئيس علي عبدالله صالح الذي أعلنها صريحة: «الوحدة أو الموت». واليوم .. فإنه ومنذ أن تولى الرئيس علي عبدالله صالح مسؤولية قيادة الوطن في ظل ظروف صعبة وأمواج متلاطمة من الأحداث والتحديات الكبيرة سواء داخل ساحة الوطن أو بين شطريه حينها أو في المنطقة عموماً، جاءت دعوة الرئيس مخلصة وصادقة لتجاوز الأزمة الأخيرة التي يمر بها الوطن حالياً بقوله: «لا خيار سوى خيار الديمقراطية الذي يعبر من خلاله الشعب عن إرادته الحرة من خلال صناديق الاقتراع لحكم نفسه بنفسه وتجسيد مبدأ التداول السلمي للسلطة. وفي ظل الديمقراطية فليتنافس المتنافسون ببرامجهم ورؤاهم بعيداً عن العنف والتآمر أو إلحاق الأذى بالوطن ومصالحه». فهل رأيتم ديمقراطية وحكمة أكثر من هذا يقدمها رئيس دولة لمعارضيه. إنها دعوة صادقة ومخلصة وصريحة من أجل التصالح والتسامح والحوار وتجنب المهاترات الاعلامية وكل الممارسات التي تخلق مناخات التوتر وتعكر صفو السلم الاجتماعي.. وهنا يواصل فخامته بالقول: «فإن على الجميع الاستفادة من تجارب الماضي ودروسه وفتح صفحة جديدة والبدء في حوار جاد ومسؤول تحت قبة مؤسسات الدولة الدستورية دون أي شروط مسبقة من أي طرف كان بعيداً عن حوار الطرشان أو تسجيل المواقف وذلك بما يخدم الوطن ويعالج كافة القضايا الوطنية في إطار احترام الدستور والقوانين النافذة والالتزام بالثوابت الوطنية وبما يرتقي بالعمل السياسي ويعزز التلاحم والاصطفاف الوطني ويفتح أمام الوطن آفاقاً رحبة للتقدم والازدهار». كان هذا هو كلام الرئيس علي عبدالله صالح عن الحوار، ولكن ماذا نجد عند المعارضين والمناهضين له الذين أصروا أكثر من مرة على التنصل عن كافة الاتفاقيات التي أبرمت بينهم وبين المؤتمر الشعبي العام حتى أوصلوا البلاد الى ما تعيشه الآن من أزمة خانقة تكاد تعصف بالوطن نتيجة لتعنتهم وصلفهم ورفضهم الامتثال للشرعية الدستورية.
إيمان بالديمقراطية
لقد عمل فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام من خلال نهجه الديمقراطي على تجسيد المعنى الحقيقي لحكم الشعب نفسه بنفسه وتحمل مسؤولياته في تسيير أمور حياته السياسية والمشاركة الشعبية في إقامة وإنشاء السلطات الدستورية والمركزية والمحلية المنبثقة عبر الإرادة الحرة وإن تحققت هذه الغاية بصورة متدرجة عبر مراحل متميزة في تطور الحياة اليمنية بشكل عام والتطور السياسي بشكل خاص وهذا ما عبر عنه فخامته منذ توليه المسؤولية في أول كلمة له عقب أدائه اليمين الدستورية في مجلس الشعب التأسيسي في 17 يوليو عام1978م. إذاً فهذا هو الرئيس علي عبدالله صالح رجل التسامح والديمقراطية والحوار الذي ما فتئ يقدم التنازلات تلو التنازلات لخصومه من أجل رأب الصدع والتي اعتقد البعض أنها جاءت عن ضعف ولكنها ليست كذلك بل هي حرص من الرئيس على أن ينعم الوطن بالأمن والاستقرار بمشاركة جميع أبنائه دون إقصاء لأية فئة أو حزب أو تنظيم سياسي مهما كان اتجاهه بشرط امتثاله للدستور والقانون والثوابت الوطنية والشرعية الدستورية التي يجب على الجميع الاحتكام اليها وعدم تجاوزها.