نجيب شجاع الدين -
زميلي الذي اثق بقدرته على كتابة مائة صفحة في اليوم أخبرني أن قلمه الرشيق مصاب منذ أسابيع بما يمكن تشخيصه «قفلة حب» إذ لا يستطيع إكمال أي سطر دون أن يذكر كلمه حب واحدة على الأقل.
ربما لأننا سئمنا الحديث في السياسة لسبعة أشهر على التوالي ولهذا سأترك لنفسي كامل الحرية في الكتابة دون مراجعة أو تبييض هذه الصفحة كون موضوع الحب لا يمت بصلة للأزمة الراهنة ولا يزيد من حدتها وليس فيه رسالة تهديد أو بيان إدانة ولا أحد ينتظر في السطور التالية موافقة القبول على دعوة حوار أو الاحتكام لصناديق الاقتراع.
مع أن الحب يعتبر أرقى صور الديمقراطية وبالغ الشفافية والنزاهة في النتائج لأنك تختار من تريد بقناعة أبدية لا تحتاج لإقامة مهرجانات مزعجة أو صرف كيس «حب» -بفتح الحاء- وتقديم كسوة العيد وغيرها من المغريات والأكاذيب التي لايمكن كشفها سوى عبر الموجات «الصوطية» بعد القات.
اعتقد أن الحب شكل من اشكال التفكير، كما أنه شكّل أجمل أوقات النفس وأسوأها.. لاحظ كيف أن لكل شيء في هذه الحياة نقيض أو عدو والفراق هو العدو اللدود للحب لدرجة تصل إلى حد الموت.
لكن تاريخ الموتى يحفظ لنا أن لا أحد مات بسبب فراقه لوطنه الحبيب أو لاسرته من أبويه واخوانه.
وكم هو محزن أن تسأل نفسك.. إذا كنت لم تحب حتى الآن أليس من الأفضل لك ألا تولد؟.
لم يعجبني أبداً الكلام السابق وسأبدأ الحديث من جديد بكلمة نداء وأغنية..
حقيقة أحب الكتابة إلاّ أن هذا لايكفي.. فكل الظروف المصاحبة تؤكد أننا لن نستمر طويلاً أو نتفق على شيء واحد والسبب عدم وجود تكافؤ بيننا في الحقوق والواجبات ولهذا تستعبدني الفكرة أحياناً واستبد بها نادراً كما هو حاصل الآن..
أضف إلى ذلك أن التجارب جعلتني لم أعُد أطيق كلمة صحيفة- لأنها اشبه بامرأة لسانها طويل- يصعب التعامل معها وتخرج منها شهرياً بكلام يرد إليك بقدر ما اعطيت حول أن لا وجود لأسمك في الكشف أو قل بنسبة ضئيلة له دلالات ومعاني عملاقة، لأنك تساهم وبجدارة في عدم وقوع كارثة اختلال وانهيار الميزانية وهكذا اصبحت شهرياً ألعن الميزانية واعطيها من ميزان حسناتي..
جربت العمل في مجالات أخرى غير الصحافة وبعد مرور ثلاثة أشهر على الأقل كنت اطالب بأجري المتفق عليه سلفاً وفي اغلب المرات كنت اسمع بنبرة صوت ممطوطة عبارة: «ما فعلت!!» حتى الآن.. وتساؤل ما «فعلت»؟ يصنف ضمن أسوأ أنواع الإرهاب.
أعود للموضوع الأول فالحب مفتاح التغيير الأول حب الوطن، الحياة، حب المستقبل، وأن تحب لنفسك ما تحبه لأخيك وهذا شرط من شروط الإيمان كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم..
أقول الحب يقود إلى التغيير لأنك فجأة ترى الشخص وقد نظف وطرف ولطف.. وأشياء أخرى ابسطها أن أحدهم كانت علاقته مع الكلمات غريبة للغاية.. إذ لم يقل يوماً التعبير المناسب في المكان المناسب.. خاصة عند وضع علاماته على السائرين في الشوارع، فهذا الذي يقود السيارة ثور وحمار وتلك موزة، لوزة، مانجا، برتقالة.. إلخ، لكنه حين بدأ يتسلل الحب إلى قلبه تغير وتحسن قليلاً وإن كان يسمي من يحب «الانتي حقي» وعلى نحو يشر بأنها من نوع قاطرة ديزل وليست امرأة..