محمد علي سعد - ودّع شعبنا اليمني اليوم الأربعاء 24 أغسطس 2011م فقيد اليمن الكبير الأستاذ الجليل عبدالعزيز عبدالغني, رئيس مجلس الشورى, عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام إلى مثواه الأخير إثر استشهاده جراء جريمة الاغتيال التي تعرّض لها في مسجد النهدين برئاسة الجمهورية في غرة رجب..الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني رجل الحكومات المتعاقبة والمسؤوليات الكبيرة, وصاحب أنظف قلب وعقل ويدين, ذلك الرجل الوديع والآدمي المتميز فكراً وروحاً وسلوكاً والذي شغلنا حتى الساعة حيّاً وحياً.
الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني الرجل العصامي الذي بنى نفسه بنفسه, كان ذكياً متفرداً وعالماً في كل مجال اشتغل به أو شغله.. والذكاء ليس مرهوناً بإنجاز واجبات وفروض, لكنه كان عند الأستاذ يعني سرعة البديهة, حسن تقدير المواقف واتخاذ القرارات وأهمها متى يكون الكلام مباحاً ومتى يكون الصمت أبلغ كلاماً.
الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني - رحمة الله عليه - كان معروفاً بشدة إيمانه بالله ومخافته ارتكاب أبسط الذنوب, لهذا نجده رجلاً لم يتلطخ تاريخه لا بسلب ولا بنهب ولا بدم ولا بدين ولا بتعسُّف ولا بصلف ولا بتعصب ولا بهيمنة ولا باستغلال نفوذ أو سلطات أو وظيفة, كان يأخذ ما له ويدفع ما عليه, كان بسيطاً إلى العظمة وعظيماً إلى أنبل درجات التواضع, كان (الأستاذ) كبيراً بعلمه وعمله وأخلاقه وتربيته وأناقته وسماحته وروحه, كان كبيراً بكل المقاييس.
الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني.. الذي رحل عنّا وبكاه وستبكيه الملايين من أبناء شعبنا لسبب بسيط وواضح هو أن الأستاذ الذي رحل معروف عنه أنه لم يجرح ولم يُهن ولم يتكبر على أحد طوال حياته, فالطيبون يبكيهم الناس, وحسبنا أن أستاذنا الجليل هو أطيب وأحن وأنظف خلق الله.
(الأستاذ) عبدالعزيز عبدالغني كان هامة تعز وأستاذها ورجلها ورمانة الميزان في كل مراحلها, لهذا ستبكيه تعز طويلاً, وستعرف كما سيعرف الكثيرون فيها حجم الخسارة التي مُنيت بها تعز بفقدانها أحد أهم وأشرف وأصدق فرسانها.
(الأستاذ) عبدالعزيز عبدالغني كان ملك الحكمة في اليمن, حكيماً لدرجة لا تصدّق, ولكنه كان يكره الضجيج و(الأنا) يعمل بصمت أكبر من صمته حين يفكر, ويفكر بحكمة أكبر من حكمة بوحه بما كان يفكر, لهذا فإن السواد الأعظم من الناس لا يعرفون عن الأستاذ غير طيبته ونزاهته وشرفه ومدنيته, فهو قليل الكلام, وقديماً قالوا في العالم الثالث: (أحسن للمرء أن لا يفهم من أن يفهم كثيراً).
ختاماً نقول: كلنا خسرنا بوفاة الأستاذ الجليل عبدالعزيز عبدالغني, خسرت الدولة, وخسر المؤتمر, وخسرت تعز, وخسرت اليمن, وأول الخاسرين كان خسارة كل الشرفاء الطيبين في البلاد الذين انتمى الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني إليهم ومنهم جاء.
كلنا خسرنا رجل دولة عمل بشرف, وبذل قصارى جهده وجهوده في عالم نامٍ وفي ظروف صعبة للغاية, خسرنا الرجل الحكيم صاحب أشهر ابتسامة, الرجل الذي كان يطرب كلما سمع أغنية أحمد قاسم (في جفونه مرود السحر استوى) وأغنية محمد صالح عزاني (سرى الليل يا نائم) خسرنا واحداً من أشرف الرجال وأنزه الرجال وأحكم الرجال في موجة غدر ومؤامرة خيانة وجريمة اغتيال هي الأبشع والأحقر والأوسخ.. خسرنا الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني, رئيس مجلس الشورى, عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام في الأشهر الحرم, وسيقابل رباً كريماً وسيبعثه مع الصالحين بإذن الله.
ختاماً نتوجّه بأحر التعازي إلى أسرته الكريمة ومحبيه ولأنفسنا, لأننا خسرنا بخسارته أخاً كبيراً وأستاذاً جليلاً وإنساناً من الطراز الأول وحكيماً قلّما وجد مثله, فاغفرلنا أيها الأستاذ خطايانا فأنتم من جئتم إلينا في الزمن الغلط وفي المكان الغلط, وقضيتم نحبكم في الجريمة الغلط.
اللهم اغفر لنا جميعاً, واعف عنّا وسامحنا يا عزيز يا غفور.
للتأمل
اليوم الحزن سمة عامة يتشارك فيها كل اليمانيين, وأنتم تعرفون لماذا؟!..
|