احمد المخلافي - تفتيت المفتت وتجزيئ المجزأ لوطننا العربي الكبير.. هو ما تسعى الى تحقيقه قوى الهيمنة الدولية تتماهى مع أحلام الصهيونية وتلتقي مع طموحات بعض القوى الاقليمية.. المدخل زرع الفتن داخل كل الاقطار العربية من خلال الطائفية الدينية والمذهبية او الاثنية كما يجري الآن في العراق.. او ما يتهدد لبنان والسودان من خطر اخذ يقترب على نحو متسارع باتجاه ان يفضي الى ما لا يحمد عقباه ليشمل كل اقطارنا العربية.
المشهد كما يتبدى في العالمين العربي والاسلامي ينذر بتفجر فتنة وصراعات.. فالتحضير لصراع شيعي-سني يجري على قدم وساق، والتحريض قائم على أشده مستخدماً تكنولوجيا الفضاء من انترنت وقنوات تلفزيونية، وأحدث المخترعات.. وهو لذلك يعطي فارقاً كبيراً لا يمكن مقاربته بما أحدثته الفتنة الكبرى قبل نحو 1350 عاماً وما تلاها..
يعاد إنتاج هذه الفتنة لتضيف هماً وكارثة جديدين للعرب والمسلمين.. و»لتعمق وتضيف أبعاداً جديدة لمشاكلهما القائمة حالياً«.
مع سقوط بغداد بيد الاحتلال الأمريكي في أبريل 2004م.. أخذت التهيئة لتفجير الصراع بين أهل الوطن الواحد تمضي بصورة متسارعة من خلال المحاصصة الطائفية والاثنية.. وترك الساحة العراقية مفتوحة للقوى التي تريد ان تمارس احقادها واطماعها.. وهو ما ادى الى ما يجري الآن من حرب اهلية.. فالإسفين الذي دق بين العراقيين السنة والشيعة كما عبر عمرو موسى يمثل طعنة في حاضر العراق ومستقبله.
ومن الواضح ان هذه المؤامرة آخذة في التمدد والانتشار باتجاه ان تشمل شتى انحاء الاقطار العربية في ظل الفراغ العربي وغياب القوة العربية الاقليمية القادرة على التصدي ومواجهة هذه التهديدات الخطيرة للأمن العربي.. يأتي ذلك في الوقت الذي اخذت قوى التفكك -التي تريد فرض هيمنتها على الوطن العربي- تحيك مؤامراتها.. وتمضي في تنفيذ أجندة مطامعها واحقادها وأوهامها على نحو حثيث.. مستخدمة كل الوسائل القذرة والغادرة في سبيل ان تتمكن من تحقيق اهدافها غير المشروعة في وطننا العربي.
هذه المؤامرة القذرة لم تعد خفية على أي أحد.. فقد بدت مؤشراتها واعمالها الاجرامية والخسيسة بارزة للعيان مهما حاول القائمون بها والواقفون وراءها ان يتستروا او ينكروا او يتنصلوا وينفوا ألاَّ يد لهم فيها.
لكن الذي ينبغي ان ينتبه إليه العرب هو ان أمنهم القومي في بعديه الوطني والعربي أي على مستوى وجودهم القطري والقومي قد أضيف اليه تحدٍّ لا يقل خطورة عما تشكله الدولة العبرية وقوى الهيمنة الدولية من تحديات لأمنهم واستقرارهم.
فالوطن العربي بشتى اقطاره لا يعرف إلاّ التسامح والتعايش بين شتى فئات المواطنين، لا تفرقة ولا انقسام ولا صراع.. ويجب ألا يسمح لمن يريد له الشر أياً كان مصدره ان يخترق التماسك الوطني والوحدة الوطنية في كل قطر عربي.
|