فيصل الصوفي -
< نقدر الإشادة العالية التي أحاطت بما أحرزه الجيش من نجاح في مدينة زنجبار، فقد حررها تقرياً من الارهابيين في تنظيم القاعدة والجماعات الدينية الذين انتظموا معاً تحت مسمى «أنصار الشريعة».. وهو مسمى اخترعه الاسلاميون المتطرفون ليتجنبوا الاحراج من الاشتغال تحت راية «تنظيم القاعدة» .. إن ذلك الإنجاز مهم جداً لدرجة أن الانقلابيين حاولوا ان ينسبوه اليهم، وهم الذين لا شرف لهم من هذا النوع، كونهم يرتبطون بتنظيم القاعدة وشركائهم في «أنصار الشريعة» ارتباطاً أقوى من روابط القربى والارحام.
ولا نقلل من أهمية ذلك النصر عندما نقول هنا إن زنجبار المحررة هي مدينة واحدة في محافظة تكاد تكون كل مدنها الأخرى واقعة في قبضة الارهابيين، وازعم أن النصر الحقيقي على الارهاب في أبين هو تحرير المحافظة من الارهابيين، وأن يتحقق ذلك بأقل التكاليف، فقد كانت تكاليف تحرير زنجبار عالية جداً، فالأرقام تقول إن شهداء المنطقة العسكرية الجنوبية وصل عددهم الى (230) شهيداً من بينهم (80) شهيداً من جنود وضباط اللواء 25 ميكا «بالمناسبة أيش معنى ميكا»، وأن هذا اللواء وحده ألحق الارهابيين إصابات بالغة في أكثر من (600) ضابط وجندي من منتسبيه، وهذه أرقام كبيرة ومفزعة، وهذا في مجال المورد البشري، أما الارقام المتعلقة بالخسائر المادية فلم تظهر بعد، ونتوقع أن تكون من ذوات العشرة أرقام وما فوقها، لأن الارهابيين إذا دخلوا مدينة خربوها لأنهم يتحصنون في المنازل والمنشآت الاخرى ولا ينتقلون منها الا بعد خرابها.. ومثال ذلك مخيم نهر البارد في لبنان الذي تركه ارهابيو «فتح الاسلام» خراباً وبلقعاً لا ينبح فيه كلب، ولا اعتقد أن زنجبار اليوم أفضل من ذلك المخيم.. ونحن نعرف أن أكثر من (108) آلاف من سكانها يعيشون الى اليوم في مخيمات ومدارس بمحافظتي عدن ولحج..لا أدري كيف سيتصرف الجيش وقوات مكافحة الارهاب في المستقبل لتحرير جعار ومدن أخرى في محافظة أبين، ولكني - وأنا أقرأ الارقام السابقة- أدرك أن عليها تحقيق نصر بأقل التكاليف البشرية والمادية، نعم أن الارهابيين مكلفون ومحاربة الارهاب مكلف، ولكن ليس الى حد أن يستشهد (280) ويجرح المئات من الجنود والضباط في سبيل تحرير مدينة مثل زنجبار، مقابل هلاك عشرات قليلة من الارهابيين. إن محاربة الارهاب في بلادنا لاتزال تعتمد على رفض التحدي الارهابي، أي مقاتلة الارهابيين المقاتلين وهذا أمر يفرضه الإرهابيون فرضاً ولا يدعون لمنفذي القانون خياراً آخر.. وهذا التركيز على الإرهابيين المقاتلين مطلوب باعتبارهم منفذين، لكن يجب إدراك أن هؤلاء أدوات ضمن سلسلة طويلة يجب تفكيكها، فوراء هؤلاء المنفذين مستقطبون ومدربون ومخططون وممولون ومربون ومشجعون وإذا ترك هؤلاء احراراً وتم التركيز على المنفذين فلا يمكن القضاء على الارهاب، لأن القاعدة يزود بمئة مفجر ومقاتل كلما فقد عشرة. أعني أن مكافحة الارهاب عملية متكاملة تكافح كل الحلقات وتجفف كل المنابع.. والى الآن لا يهتم مكافحو الارهاب بالمنابع.. لم يغلقوا مدرسة دينية أو جامعة معروفة بإنتاج المتطرفين.. لا يراقبون جمع الاموال ولا يركزون على الذين يوفرون الملاذ الآمن للارهابيين والذين يحرضون ويربون ويدربون ويشجعون..