ناصر العطار -
نعم إنهم الأحرار ومن سار على نهجهم وتضحياتهم في مقارعة الشر والتصدي لجنوده والوقوف إلى جانب الحق والخير والذين بأرواحهم ودمائهم نمت شجرة الحرية.. حتى دحر الاستعمار والاستبداد وتم القضاء على مخلفاتهما رغم الجور الذي وقع على شعبنا والذي جعله يفتقر لأبسط مقومات الحياة ليسوده الجهل والتخلف والتمزق.. وافساد هويته وعقيدته بخالقه وإيمانه وبوسائل الاستعمار والاستبداد التي روج لثقافة السحر والشعوذة والخضوع للوصاية والاذعان للجن- إذ ما كان منها لفرض الثقافة المضادة التي كرست تحت غطاء وستار الإسلام فجميعها قد زرعت ثقافة العنف والتطرف والحقد والكراهية بدلاً عن ثقافة الشعب اليمني المستمدة من قيم الإسلام في التسامح والمحبة والحرية والولاء لله والوطن والسلام..
وفي هذا المجال وانصافاً وعرفاناً وامتناناً منا جميعاً للجميل والتضحية التي بذلها الأحرار في سبيل عزة الوطن ومجده ورفاهية أبنائه لابد أن نقول الحق فهي أكبر شيء لأداء الواجب أمام الله.. لقول الله تعالى »وهل جزاء الإحسان إلاّ الاحسان« ... وأمام من ضحوا بأرواحهم ودمائهم ونحن نحتفل بالذكرى الـ49 للثورة الأم 26 سبتمبر 1962م ولأننا لم نعاصر جيل تلك الأحداث ولا ندعي شرف المشاركة في التضحيات التي قدمها الأبطال إلاّ أننا نستطيع اقتباس الحقائق التي تدلل أن من يقف إلى جانب الشر والشيطان ومن يقف إلى جانب الحق والخير هم من أبناء هذا الوطن وليس بالصحيح أنهم من فئة أو سلالة أو منطقة.. الخ.. بعينها، والأصوب أن الحكم في هذه المسألة هو للضمائر والنفوس فأصحاب الضمائر الحية والنفوس الزكية هم من فجروا ثورة 26 ستمبر بعد أن صاغوا أهدافها وعلى رأسهم أبو الأحرار محمد محمود الزبيري واللقية والهندوانة والثلايا وجمال جميل وكل من ساهم في تحقيق الثورة وهم من وقفوا إلى جانب الأحرار الذين اشعلوا ثورة 14 أكتوبر 1963م بقيادة البطل الشهيد لبوزة ومن معه وقد التقت اماني الجميع على مقارعة بقايا الاستبداد وبفك حصار السبعين يوماً على صنعاء وطرد الاستعمار وخروج آخر جندي مستعمر من الجنوب في 30 نوفمبر 1967م ومهما كانت التحديات والدسائس والمؤامرات التي حيكت لإجهاض ثورة 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر ومهما كان عتاد وجند الأشرار إلاّ أن الوطن كان وسيظل هو المنتصر دوماً بفضل الله وبنضال تضحيات الشرفاء من أبنائه، فالاستعمار الذي جثم على صدر جنوب الوطن دحر رغم عتاده ومحاولته طمس هوية وثقافة المجتمع اليمني إلاّ أنه دحر كما اجهضت الأوهام وأماني الحاقدين من الرجعيين والمغرر بهم أو المتعصبين لأفكار القوميين والأفكار المضادة.. الذين فرضوا على الوطن نتيجة لامتداد الصراع المستعر يومها الذي كان بين المعسكرين الشرقي والغربي.. الخ.
ونستطيع القول إن أهداف الثورة اليمنية قد تحققت على أرض الواقع بقيادة الزعيم المناضل فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس مؤتمرنا الرائد، وبجانبه الشرفاء من أبناء الوطن ويتجلى ذلك في نظرته الثاقبة وانشاء تنظيم سياسي وطني يعنى بقضايا الوطن والوحدة وما أن تقلد السلطة في 17 يوليو 1978م ومن أول لحظة سعى إلى بذر شجرة الحوار والمحبة السلام وجعل القرار في الشأن اليمني للبيت اليمني أولاً وللأسرة العربية ثانياً ولجميع محبي السلام والتعايش السلمي من كافة أنحاء العالم، ثالثاً وبخطوة تشكيل لجنة الحوار الوطني بالقرار الجمهوري رقم (5) 1980م والاستفتاء على الميثاق الوطني الدليل النظري والعملي للعمل السياسي لعهده..
ولقد حرص على وقف اطلاق النار والمعارك التي كان رحاها وسعيرها تشتد بين الشمال والجنوب وتم وضع وخارطة الطريق للسير قدماً لتحقيق الوحدة.. ولأن الآليات قد ركزت على العمل الميداني والانطلاق من الواقع الذي كان يعيشه الشعب بشطريه فقد نجحت بعد أن عقد (7) لقاءات بصنعاء وخمسة لقاءات بمدينة تعز ولقاءات أخرى بعدن حتى تم تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990م..
وفور الانتهاء من حرب صيف 1994م تم إعادة دمج وبناء مؤسسات الدفاع والأمن بما يخدم الوطن.. الخ، وفي بقية الجوانب رسخت الديمقراطية ومكن الشعب من ممارسة حكم نفسه بنفسه بالاستفتاء على الدستور 1991م وتعديلاته عام 2001م والتي من شأنها أزيلت بقايا الاحكام الشمولية وانتهاج المدنية الحديثة والاقتصاد الحر..
ومارس الشعب حقه في اختيار ممثليه في الانتخابات النيابية 1993، 1997،2003م، والرئاسية والمحلية 1999م، 2006، والرئاسية 2001، 2006.م.
وإزالة كل التوترات والحروب التي اشعلت، وتم توحيد التعليم وجعل التدريس النوعي لما بعد الثانوية، وتسوية الخلافات مع الجيران والمساهمة في السلام العالمي.. الخ.
ولولا الهجمة البشعة والشرسة التي ينفذها بقايا اصحاب النفوس الحاقدة والضمائر الميتة التي لا ترى إلاّ مصالحها وأهواءها لكانت اليمن قد انتقلت إلى مرحلة جديدة من تطورها.. لكن المأزومون اجتمعوا تحت راية واحدة هي محاولة تدمير الوطن والقضاء على مكاسبه ثم ليذهب كل منهم إلى إقامة مشروعه الصغير على اشلاء الوطن مستغلين بؤس ومعاناة معيشة أبناء الوطن ولكن الله سيجنب الوطن شرهم وسيلهم أبناء الشعب لتوحيد صفوفه للقضاء على الفتن ومشعليها ودحرهم وإلى الأبد كما فعل بهم بالأمس القريب والبعيد.