محمد علي سعد -
صادف يوم الجمعة الموافق الرابع عشر من أكتوبر 2011م الذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقة الثورة الوطنية المسلحة والتي تفجرت شرارتها من قمم جبال ردفان الأبية في الرابع عشر من أكتوبر 1963م في بداية مرحلة جديدة من مراحل الكفاح الوطني لإنهاء الاحتلال البريطاني والذي احتل الشطر الجنوبي من وطننا اليمني الحبيب منذ التاسع عشر من يناير 1839م.. وبهذه المناسبة الوطنية الخالدة تحتفل بلادنا قيادة وحكومة وشعباً ابتهاجاً بهذه الثورة العظيمة والتي بدأت صبيحة الرابع عشر من أكتوبر 1963م حتى تحقق لشعبنا اليمني العظيم الاستقلال الوطني الناجز في الثلاثين من نوفمبر 1967م بعد احتلال دام مائة وتسعة وعشرين عاماً..
وفي يوم عظيم كهذا وفي ذكرى خالدة كذكرى ثورة أكتوبر المجيدة نقف وقفة تحية واجلال لشهداء الثورة الذين ضحوا بحياتهم رخيصة حتى ينال شعبنا استقلاله الوطني منهياً عقوداً طويلة من حكم الاحتلال الأجنبي على هذا الجزء من وطننا اليمني الكبير..
< بانطلاق ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م باعتبارها ثورة كفاح وطني مسلحة قد أكدت على تحقيق مبدأ عظيم وهو المبدأ القائل: إن التاريخ يسبق الجغرافيا وينتصر عليها وأصل الحكاية أنه وبإعلان اسقاط النظام الإمامي في صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م تقاطر أبناء المحافظات الجنوبية إلى صنعاء لنصرة الثورة والجمهورية منذ اليوم الأول لإعلانها وعندما تمكن النظام الجمهوري من وضع قدميه بقوة على الأرض فإن ذلك الانتصار قد مهد الطريق واسعاً لخلق الأرضية الأصلح والأقوى لانطلاقة ثورة الرابع عشر من أكتوبر والتي ما أن انطلقت حتى تقاطر عدد غير قليل من أبناء المحافظات الشمالية للانضمام إلى صفوف ثورة أكتوبر كثوار وسقط منهم العشرات كشهداء أبرار في معارك التحرير من أجل نيل الاستقلال الوطني من بين يدي الاحتلال البريطاني وبذلك يكون التاريخ قد انتصر على الجغرافيا، والتاريخ هنا قال إن الشعب اليمني كان واحداً منذ الأزل.. وان الجغرافيا السياسية التي فرضت علينا كشعب وجود نظامين الأول إمامي متخلف في الشمال وجزء جنوبي محتل من قبل الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن.
الثورتان سبتمبر وأكتوبر قامتا وانتصرتا على أساس أننا أبناء وطن واحد وجلدة شعب واحد وان أهداف الثورتين كانت ولاتزال وحدة الوطن أرضاً وإنساناً وظلت الجماهير اليمنية طوال عقود تناضل من أجل إعادة تحقيق الوحدة.
وفي هذا السياق لابد أن نتذكر أنه وبانتصار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر قد تحولت صنعاء إلى الحاضن الشرعي لقيادة ثورة أكتوبر.. فيما تحولت تعز وتحديداً منطقة «صالة» إلى أرض يتدرب فيها فدائيو الجبهة القومية على فنون قتال حرب الشوارع..
وفي هذا المقام ونحن نتحدث عن ثورتي سبتمبر وأكتوبر لابد من الحديث بالكثير من الشكر والامتنان والتقدير لفخامة زعيم الأمة العربية الزعيم المصري طيب الذكر الرئيس جمال عبدالناصر والشعب المصري الذين وقفوا مع ثورتي اليمن بالرجال والمال والسلاح، وهنا نذكر للرئىس جمال عبدالناصر مقولته الشهيرة وهو يزور تعز في العام 1964م والتي جاءت في معرض خطابه الشهير «على بريطانيا أن تحمل عصاتها وترحل عن جنوب اليمن».
من هنا نقول إننا في اليمن نكن لمصر قيادة وشعباً الكثير من الحب والامتنان والتقدير لدورهم الكبير واسهاماتهم العظيمة في دعم الثورة اليمنية ونصرتها ونتذكر بالكثير من العرفان شهداء مصر الذين قضوا نحبهم على الأرض اليمنية دفاعاً عن ثورتنا ونصرتنا ومستقبلنا كوطن وشعب.
واليوم ونحن نحتفل بالذكرى التاسعة والأربعين لثورة السادس والعشرين من سبتبمر وبالذكرى الثامنة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر وفي هذه المرحلة تحديداً التي عاش ويعيش فيها شعبنا ووطننا تحدياً من نوع خاص، والمتمثل بالأزمة الطاحنة التي نعيشها منذ تسعة أشهر وبسبب تعنت المشترك ورفضهم كل المبادرات الايجابية التي تقدم بها المؤتمر الشعبي العام ممثلة بفخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، رئيس المؤتمر والتي لو تعامل معها المشترك بجدية لكنا أخرجنا البلاد من الأزمة التي أكلت الأخضر واليابس واضرت بالبلاد والعباد.. اليوم ونحن نحتفي بذكرى الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر حري بناء أن نركز على جملة من الحقائق:
أولاً: أن ثورتي سبتمبر وأكتوبر قامتا لإنهاء الاحتلال البريطاني في الجنوب واسقاط النظام الإمامي الكهنوتي المتخلف في الشمال.. يعني إنهاء كل وصاية وأية وصاية على الشعب اليمني من أي نوع ومن أي اتجاه.
ثانياً: أن ثورتي سبتمبر وأكتوبر ومنذ اليوم الأول لهما كانتا ولاتزالان ثورة يمنية هدفت إلى إعادة وحدة الوطن أرضاً وإنساناً وأن هذه الثورة العظيمة ما كانت ان تنتصر لولا وحدة شعبنا حتى من قبل إعادة الوحدة واليمن لا مستقبل له دون الوحدة.
ثالثاً: إنه وبعد مرور 49 عاماً على انتصار ثورة سبتمبر و48 عاماً على ثورة أكتوبر لاتزال هذه الثورة اليمنية الخالدة تحتفظ بأسمى أهدافها وهو وحدة اليمن وأن أية دعوات من أي نوع لإعادة تشطيره تحت مسميات انفصالية، فدرالية، كونفدرالية.. الخ، هي خيانة عظمى للثورة اليمنية ولرجالها وشهدائها ومناضليها، خيانة بكل ما في الكلمة من معنى ومضمون مهما كانت الظروف والتحديات فلا يمكنها أن تعطي مبرراً للطامعين بالسلطة والقفز على قناعات شعبنا ونضالاته بأن يتحدثوا عن خيانة الثورة اليمنية بالدعوة لإعادة تشطير الوطن اليمني الواحد.
وبعد كل ما تقدم فإننا ننتهز هذه الفرصة لتجديد الدعوة التي اطلقها فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لكل العقلاء إلى أن يغلبوا المصالح العليا لشعبنا ووطننا ومستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأن يقوموا بمسئولياتهم الوطنية تجاه وطنهم والعمل معاً لاخراج بلادنا من الأزمة بالالتزام بالدستور والقوانين والنهج الديمقراطي والحفاظ على منجزات شعبنا وأمنه واستقراره.
وفي ذات السياق فإننا ندعو اخواننا في المحافظات الجنوبية إلى التمسك بالوحدة والوفاء لتضحيات شهداء الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر الوحدويين الذين كانت مسألة إعادة توحيد الوطن اليمني هدفاً عظيماً وغاية أعظم بالنسبة لهم.. كما ندعو الجميع إلى أن يكونوا كما كانوا دائماً حصناً منيعاً تتحطم عليه كل مؤامرات النيل من وحدتنا اليمنية وأن لايسمحوا أو يتسامحوا مع أيٍّ كان أن يحاول المساس بها.فالوحدة كمشروع حضاري وطني وسياسي واقتصادي وثقافي واجتماعي والمحققة في الثاني والعشرين من مايو 1990م تعد اعظم انجاز للشعب في تاريخنا المعاصر.
نقول ذلك ونكرره لأننا نرى أن هناك من هدف ويهدف إلى سرقة ثورة أكتوبر المجيدة تلك الثورة التي دعت إلى الاستقلال في كل مرحلة من مراحل النضال الوطني الجسور ضد الاستعمار البريطاني كما نادت منذ اليوم الأول لانطلاقها ومن خلال برنامج الميثاق الوطني للجبهة القومية نادت بإعادة وحدة الوطن وإزالة كافة اشكال التشطير بين أبناء الوطن الواحد.. واليوم نرى من يستغل هذه المناسبة بدعوته إلى الانفصال أو الفيدرالية مستغلاً احتياجات الناس وبعض الأخطاء التي ارتكبت في المحافظات الجنوبية وكان من اهم اسبابها تراخي عدد من المسئولين في تلك المحافظات وعدم التعامل بجدية مع قضايا الناس واحتياجاتهم الأمر الذي جعل تلك الاحتياجات تتزايد وتتضاعف وتتحول إلى مشكلة استغلها دعاة الانفصال بالدعوة إلى موضوع القضية الجنوبية والحراك الجنوبي لهذا كله لابد من الوقوف بجدية أمام أهداف ومبادئ ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م والتمسك بها باعتبارها دعت إلى الحرية والعدالة والوحدة والمساواة وألا نسمح لاحد بأن يتحدث عن الجنوب والشمال أو يردد على مسامعنا مفردات كـ«نحن وهم» لأنه عيب علينا ونحن نحتفي بأعياد الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر أن نسمح حتى بالحديث مجرد الحديث عن العودة بالوطن إلى زمن ما قبل 22 مايو 1990م.
عيب علينا جميعاً أن نترك أية مجالاً من المجالات نتركه للذين يريدون دغدغة مشاعر الناس البسطاء بالحديث عن الجنوب وأيام الحزب الاشتراكي اليمني الجميلة والرخص في الأسعار وكأن أيام الاشتراكي كانت جنة الله في الأرض، علماً أن أيام الاستعمار كانت الاسعار ارخص فهل نعيد الاستعمار..
واليوم ونحن نحتفي بأعياد الثورة من العيب بمكان أن نترك لبعض الاقزام الباحثين عن سلطة أو نسمح لقيادات شاخت وانتهى دورها الوطني أو نترك الحرس القديم ليعودوا حكاماً آمرين مع اننا قد شربنا من جهلهم وجهالتهم الشيء الكثير.
عيب علينا أن نتركهم يسرقون وحدتنا اليوم كما سرقوا ثورتنا بالأمس.. عيب أن يتحدث أسوأ الجنوبيين باسم القضية الجنوبية المزعومة، فيما هم من كانوا سبب جرحنا وألمنا في الماضي وكنا في عدن مواطنين درجة ثالثة والناس لن تنسى ذلك الأمر لا اليوم ولا غداً.
عيب على الحزب الاشتراكي اليوم أن يقف موقف المتفرجين وجماعات الإصلاح تسرق البلاد والعباد وتشحن جماعاتها من أبين وتعز لعدن وتملأ بها المدارس تحت اسم نازحين.
عيب على الحزب الاشتراكي أن يستمر تابعاً ضعيفاً يمشي وراء الإصلاح بطاعة عمياء وهو يرى ويسمع كل قصص الإصلاح في السرقات والتخريب والتدمير وآخرها محاولة احراق سيارة مكافحة الحرائق بعدن.. عيب على الاشتراكي الذي جلس يتكلم باسم عدن والجنوب ان يتحول إلى تابع خائف من الإصلاح وشريك كاذب له في التحالف المشترك.
خلاصةً.. ونحن نحيي الذكرى الثامنة والأربعين لثورة أكتوبر الخالدة نؤكد وفاءنا للثورة وأهدافها التحررية ضد الاستعمار كما نؤكد تمسكنا بأهدافها الوحدوية التي لن نسمح لأيَّ كان ان يمسها أو يحاول سرقتها منا.. فالثورة اليمنية صعبة المنال.. صعبة المنال.. أكبر من أن تنال.