فيصل الصوفي -
يوفق الله حكومة الوفاق الوطني في الامتحان العسير.. والممتحنون الحقيقيون هم رئيس الحكومة الذي يترأس أيضاً المجلس الوطني لقوى الثورة الشبابية الشعبية ولجنة الحوار الوطني لصاحبها حميد الأحمر، ومن مع رئيس الحكومة من وزراء المعارضة، لأن عليهم أن يتصرفوا هذه المرة كرجال دولة وليس مجرد معلقين على الأحداث والأوضاع العامة كما كانوا يفعلون أيام كانوا متفرغين للانتقاد والمكايدة والمزايدة..
كثيراً ما أجهش الأستاذ باسندوة بالبكاء في لقاءات عامة حزناً على ما يجري في وطنه كما قال، واليوم وقد صار رئيس حكومة ممكناً بيده القرار الفعال بدلاً عن البكاء.. وبقية وزراء المعارضة يتولون إدارة نصف الوزارات كالداخلية والمالية والتربية والتعليم والإعلام وحقوق الإنسان والكهرباء والتخطيط والتعاون الدولي والعدل والتجارة والصناعة.. ونتمنى نجاح المعارضة في هذه الجبهات التي كانت تخوض فيها حرباً كلامية أيام «الفَرْغة».. كانت المعارضة تنكر وجود الإرهاب وتعتبره مجرد فزاعة.. واليوم هي معنية بمكافحة الإرهاب، وكانت تشكو التدهور الأمني واليوم بيدها وزارة الداخلية.. وكانت تتحدث عن نهب المال العام والقروض وعدم استيعاب المساعدات، واليوم بيدها وزارة المالية ووزارة التخطيط والتعاون الدولي.. وكانت تتحدث عن الفساد في الكهرباء وعن تعمد النظام قطع الكهرباء عن المواطنين، فصارت الوزارة تحت إدارتها.. وكانت تتحدث عن سوء الإدارة القضائىة وعن انتهاكات حقوق الإنسان وعن الغلاء الفاحش ومعوقات التجارة والاستثمار والصناعة وعن عدم حيادية الإعلام وعن تخريب البيئة وعجز امدادات المياه وعن تدهور التعليم.. فصارت بيدها وزارات العدل وحقوق الإنسان والتجارة والصناعة والإعلام والتعليم والمياه والبيئة، ووزارات أخرى..
لقد اصبحت المعارضة في ميدان العمل الحقيقي والمباشر، ونتمنى أن تعمل على هذه الجبهات عملاً يجسد الصور التي كانت ترسمها لها.. لقد انتقلت المعارضة من ميدان النقد والتخريب إلى ميدان التغيير والبناء، وننتظر في الشهور القادمة رؤية ثمار عملية الانتقال هذه..
وهذا لا يعني أن شركاء المعارضة في الحكومة معفيون من الامتحان، أو أنهم كانوا في السابق كاملي الفعالية وفوق مستوى الشبهة، فهم أيضاً معنيون بتقديم أفضل ما لديهم من قدرة وفعالية، بل المطلوب منهم أكثر من ذلك، وهو التميز.
والاختبار الذي على الشركاء تجاوزه بنجاح، هو أن هذه الحكومة المنصفة بين طرفين بمثابة حكومة ائتلاف، ولليمنيين تجربة سيئة في الحكومات الائتلافية.. خلافات وتناقض داخلي وانفضاض الشراكة في النهاية.. هذا ما كان يحدث في السابق.. لكن اليوم الأوضاع في البلاد لا تحتمل ذلك، ويتعين على الشركاء في حكومة الوفاق أن يدركوا أنهم بصدد تحقيق تسوية سياسية وتاريخية، وأن مهمتهم في المرحلة الانتقالية تهيئة الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية بما يكفل لليمنيين الانتقال إلى مرحلة جديدة مختلفة.. وليسوا بصدد تنافس على مكاسب.