سمير النمر -
لم أكن أتصور أن طيبة الحاج محمد سالم باسندوة رئيس الوزراء تصل الى هذا الحد من السذاجة، ولم أكن أتخيل رغم خبرة الرجل الطويلة في المجال السياسي أن يظهر بتلك الصورة التي كشفت بأنه يفتقد لأبسط أبجديات العمل السياسي، هذه الصورة تبدت للكثير من خلال الجولة الاستجدائية التي قام بها خلال الايام الماضية الى بعض دول الخليج العربي بتلك الصورة الباهتة والهزيلة، فلم تكن تلك الزيارة موفقة لا من حيث هدفها ولا من حيث توقيتها، فقد وضع الرجل نفسه ووضع اليمن في موقف يستحق الرثاء والشفقة نحن في غنى عن ذلك الموقف الذي وضعنا فيه مهما كانت النوايا طيبة.
. فلقد أهنتنا يا حاج محمد كيمنيين مرتين المرة الأولى عندما كنت في صف المعارضة وزايدت بمعاناة الشعب الى الحد الذي وضعتنا فيه بأننا متسولون، والمرة الثانية عندما أصبحت رئيساً للوزراء وذهبت تتسول باسم هذا الشعب بصورة مسفة لا تليق بك وبنا كيمنيين، وكأنك في ذلك الموقف تشبه ذلك الرجل الثري الذي يمتلك أموالاً لكنه غير قادر على استغلالها والعيش منها فتركها وآثر أن يمد يديه الى أناس يعرفونه، فما كان منهم إلا أن قالوا له: «الله كريم يا حاج» هذه الكلمات لم يقولوها له كتعبير عن رفضهم لمساعدة ذلك الرجل بقدر ما كانت رداً لطيفاً لذلك الرجل فيه تقريع لأنه يمتلك أموالاً لكنه غير قادر على مساعدة نفسه، فكيف يطلب من الآخرين أن يساعدوه.
فالقضية بالنسبة لي وللكثيرين ممن أظهروا استياء كبيراً من تلك الزيارة ليس في الزيارة نفسها من حيث المبدأ ولكن في توقيت الزيارة وهدفها ، لأن هناك أولويات وقضايا ملحة داخل الوطن ينبغي على حكومة الوفاق البدء بتنفيذها ومعالجتها حتى يطمئن الداخل والخارج ويشعر أن هذه الحكومة جديرة بالمسؤولية وأهل لتحمُّلها تجاه الشعب لأن الذي يريد من الآخرين أن يساعدوه وفي نفس الوقت لا يستطيع أن يساعد نفسه فإنه لا يستحق المساعدة حتى يثبت أنه أهل لها، فالأوضاع المأساوية التي يعاني منها الشعب مازالت كما هي منذ تشكيل الحكومة، فالكهرباء مازالت مقطوعة وتتعرض للاعتداء والتخريب من قبل نفر من القبائل حسب تصريح وزير الكهرباء، والمظاهر المسلحة مازالت موجودة في المدن، والجامعة مازالت مغلقة، والمواجهات المسلحة بين الحوثيين والسلفيين والاصلاحيين مازالت مشتعلة في أكثر من جبهة، والاعتصامات والمسيرات لم تهدأ بل ازدادت حدتها وضراوتها حتى وصلت الى مؤسسات الدولة بصورة غير مسبوقة، وأزمة المشتقات النفطية تزايدت، والوضع الأمني غير مستقر، والقاعدة في أبين ترتكب أبشع الجرائم، كل هذه المشكلات التي عانى منها أثناء الأزمة مازالت كما هي ولم تقم حكومة الوفاق بحل أيٍّ منها، وكأن ما يحدث في اليمن لا يعني هذه الحكومة لا من قريب ولا من بعيد، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر، ولهذا لم نلحظ أي إجراء عملي أو موقف إيجابي أو حل لأي قضية من القضايا والمشكلات التي ذكرناها آنفاً من قبل حكومة الوفاق الوطني، والمنجز الوحيد هو اعتماد سبتها فقط وليذهب الشعب اليمني إلى الجحيم.. ولهذا أذكر الاخ محمد سالم باسندوة بتلك الدموع الذي ذرفها على الشعب يوماً ما في أحد مهرجانات حميد الاحمر، هل كانت دموعاً حقيقية أم أنها لا تعدو عن كونها مجرد مشهد تمثيلي أراده مخرج المسلسل.. ولهذا فإن المشكلات التي أنشئت حكومة الوفاق من أجل حلها لاتزال كما هي بل إنها ازدادت أكثر مما كانت عليه والغريب في الامر أن هذه الحكومة تناست كل المهام الموكلة إليها وقفزت عليها وذهبت في جولة استجدائية لبعض دول الخليج لتزيدنا معاناة الى معاناتنا ، فإذا كانت الحكومة عاجزة عن فعل أي شيء فلماذا تطلب المساعدة والدعم من الآخرين في حين أن بمقدورها أن تفعل الكثير، فمشكلة الدعم ليست المشكلة الاساسية لدينا، بل هناك مشكلات أخرى بإمكاننا التغلب عليها وحلها اذا توافرت لدى الحكومة الإرادة والاخلاص دون أن نعتمد على الآخرين من بداية الطريق لأنه من اعتمد على زاد غيره طال جوعه.. وأعتقد أن الطرف الذي تسبب في كل هذه المشكلات التي عانينا منها طوال الأزمة بإمكانه حلها بعد أن انتقل اليوم من مربع المعارضة الى مربع السلطة، فالخزينة العامة ليست فارغة كما صرحت يا حاج محمد بل إن حكومة مجور تركت الخزينة كما هي وفيها ما يقارب خمسة مليارات دولار، أما المشكلة الأخرى والتي يمكن حلها والمتمثلة في العجز الحاصل في ميزان الايرادات فهذا العجز حصل بسبب الفتاوى والدعوات التي أطلقها شيوخ الإصلاح وسدنتهم والتي دعوا فيها إلى عدم جواز دفع الضرائب والزكاة الى خزينة الدولة أثناء الأزمة، وأعتقد أن بإمكانهم اليوم بعد أن أصبحوا في السلطة التراجع عن تلك الفتاوى والدعوات ودعوة الناس من جديد لتسديد الزكاة والضرائب وستحل هذه المشكلة بفتوى من الزنداني، أما بخصوص مسألة الدعم للحكومة فبإمكانك يا حاج محمد أن تستعين بحلفائك من «التجمع اليمني للاصلاح» الذين يمتلكون أكبر المؤسسات الخاصة بجمع التبرعات تحت مسميات متعددة ويستطيعون من خلال هذه المؤسسات أن يقدموا خدمة للوطن وذلك بتدشين حملة التبرعات لهذا العام لصالح الوطن ورفد خزينة الدولة والتغلب على العجز في الموازنة طالما وأن السلطة أصبحت بأيديهم، وبهذا الحل يا حاج محمد كان بإمكانك أن توفر على نفسك وعلينا كيمنيين إراقة ماء الوجه منذ البداية، أما بالنسبة للقضايا والمشكلات الاخرى كالكهرباء والمسلحين فباستطاعة الاصلاح إقناع القبائل بعدم ضرب الكهرباء وخروج المسلحين من المدن.. وكفى الله المؤمنين شر القتال.
نصيحة أخيرة..
أتمنى من الحاج محمد سالم باسندوة الأخذ بها.. أنصحه بأخذ دروس خصوصية بعد الظهر لدى الدكتور عبدالكريم الارياني حتى يتعلم كيف يدير البلد ويحافظ على كرامته.