موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
مقالات
الإثنين, 12-مارس-2012
الميثاق نت -   محمد علي عناش -
< لم تَخُنّي كثيراً مؤهلاتي في تقييم وتحليل الأحداث والأشخاص والقضايا، والتنبؤ بمآلاتها ونتائجها ودقة الربط بين الأحداث المعقدة، ومعرفة كيف يفكر ويكتب دهاة السياسة والصحافة، وأيضاً أغبياؤها ومتنطّعوها، لدرجة أن الكثير من أصدقائي باتوا يشكون في مصدر معلوماتي وتحليلاتي، على الرغم من أنني كنت للتو غادرت صفوف المعارضة كي أعيش حياتي السياسية مستقلاً ومتحرراً من قيود الحزبية والتزاماتها الدوغماتية.
ولكي أتحاشى تناقضات وتشوهات لحظة ثورية كانت ستدمر واقعيتي وعقلانيتي، وتمسخ لديّ وعي الثورة وفلسفتها الاجتماعية والثقافية والتقدمية، فتحيلني إلى مجرد حالة وطاقة ثورية مدمرة، تشرعنها قوى الإشكال الاجتماعي والسياسي.
كم سيكون الأمر قاسياً أن تكتشف أنك عندما هتفت بالحرية لم توقظ إلاّ جلاداً ومستبداً جديداً وبربرية لا تطاق، وهتفت بالمستقبل والدولة المدنية، فلم توقظ إلاَّ ذهنية تاريخية بشعة في أبين وشبوة ومأرب والبيضاء وأرحب.
لذا لم يكن قراراً عدمياً أو فوضوياً عندما قدمت استقالتي من تنظيمي السياسي في 5 يونيو 2011م، بل قراراً حكيماً، صدر عن حالة تفاعل بين مدركات العقل ومقومات الضمير، وبين الفكرة والحقيقة المستباحة إعلامياً وسياسياً وأخلاقياً، بعد حادثة النهدين مباشرة التي أسقطت ديمقراطية وأخلاقية الثورة..
كان يلزم حينها إنتاج شكلٍ آخر للثورة، وكان الأجدر بالشباب صناعة لحظة ثورية بوعي وروح جديدة، لم يحصل ذلك، بل رقص الشباب وزغردت الحرائر وهرج الأضرعي كثيراً حتى لا تنتاب البعض لحظة مراجعة وتأنيب أخلاقي..
فِعْلٌ كهذا لم يُدَنْ بالشكل المطلوب، ولم يحدث حالة تقييم للسلوك الثوري، وإنما صار مادة إعلامية وسياسية لتسويق الكذب وتبرير البشاعة وشرعنة العنف والابتهاج به في الساحات كفحولة ثورية، كما كانت تفعل القبيلة قبل آلاف السنين عند عودتها منتصرة ومزهوة بعد غزوة واستباحة لقبيلة أخرى..غير أنه لم يكن ليمر بسهولة لدى شريحة واسعة من اليمنيين والمتابعين للشأن اليمني دون أن يحاكموا الحدث بطريقة إنسانية ومنطقية، فلم يقعوا في شرك التضليل والتلاعب بالعقول والضمائر، بل تيقنوا بأنه فعل متجاوز للأخلاق وطبيعة التغيير وأدواته النبيلة.
لم ترق لي الساحات منذ البداية، وبالتحديد منذ أن انضم إليها أدعياء التغيير وجنرالات الحروب والباحثين في ميادين الثورة عن خلاص شخصي، لذا لم أدخل الساحات قط، ليس لأنني لا أؤمن بالتغيير، أو أنني بلا أحاسيس ومشاعر ثورية ووطنية، بل على العكس أؤمن بالتغيير إلى درجة لا يتصورها أكبر فقهاء الساحات، فالتغيير هاجس مبكر لديَّ منذ أن وعيت بالحرية كحق ومسؤولية وشرط وجودي، وبجدلية التغيير كبنية فوقية وبنية تحتية، بل وجدت في الساحات كل مواصفات الزنازن والسجون، وعليها سجان يتعاطى مع الحدث الثوري باعتباره ملهم وروح الثورة وحارسها الأمين، لذا حرص على أن يظهر في كل مناسبة كزعيم وكقائد أوجد للثورة ومن حوله طاقماً من الكتبة والسياسيين يتخذون همته الثورية كالدكتور الفقيه ونصر طه مصطفى ومن واشنطن سفير النوايا الانقلابية منير الماوري..
اللحظة الثورية بهذا الشكل يا دكتور ياسين، أسقطت الأيديولوجيا إلى درجة أن صار الحدث بلا جوهر وبلا فكرة، إلاّ من «ارحل» ومرادفها إسقاط النظام وبأفق ثأري وشخصي ليس إلاّ.. سقطت الأيديولوجيا إلى حد الرفس وكسر الرقاب وتزييف الحقائق وامتهان كرامة الثوار في الساحات والمعتقلات.
اللحظة الثورية التي يقودها تجار حروب، واقطاعيون ومتطرفون ويسوقها براغماتيون جعلت من الشباب وقوداً لها ومن الخيام مخازن شهداء وجرحى..
اللحظة الثورية اليمنية وحدت الشباب أفقياً، فقط عند الزحف وعند الحاجة إلى كم شهيد وكم جريح، كي ينشط المستشفى الميداني وينشط مراسلو القنوات، بينما هي داخل الساحات بناءات وكيانات عمودية مجزأة الذات والفكرة، فالخيام الثورية نصبت في الساحات بهوية مكانية وفئوية، فلكل مديرية خيمة، ولكل طائفة خيمة ولكل مذهب خيمة، الخ.. وعلى هذا الأساس تشكلت الائتلافات بعدد الخيم وهوياتها المختلفة..
ثورة الاصلاح والفرقة
وكأن هدف وشعار الثورة الحقيقي والخفي، الذي لم يستوعب ويدرك حتى الآن، يتجسد في عبارة «ستظل الثورة مجزأة الروح منقسمة البنية مهترئة الفكرة خاوية المضمون إذا لم تكن من أجل الإصلاح والفرقة».
كان لابد من ثورة مضادة تواكب الأحداث، وتفكك منظومة الانحرافات والتجاوزات التي ارتكبت باسم ثورة الشباب، وتواجه مشروعاً انقلابياً متكامل الأطر والمستويات، ليس بنفس أدوات العنف والتضليل والتخريب، وإنما بأدوات وطنية وأدوات التغيير السلمية، وبمنهجية مواجهة السلبي بالإيجابي.
فالمشروع الثوري الفوضوي والانقلابي لم يواجه بمنطق القوة إلاّ في الحالات التي استوجبت ذلك وانحصرت في أحداث الحصبة وأرحب ونهم وأبين، من أجل المحافظة على النظام العام والأمن والاستقرار، وإنما تم مواجهته بمشروع ثوري ناهض، بمعنى مقابلة الشكل الثوري الفوضوي للمشترك، بشكل ثوري خلاق خارج الساحات، وهو ما عنيناه بالثورة المضادة، التي تحققت ونجحت بالفعل، وما التسوية السياسية وحكومة الوفاق الوطني ونقل السلطة عبر انتخابات إلاّ ثمرة من ثمارها وأبرز تجلياتها.
شتان بين الفرقة والحرس
ففي حين أن ما يسمى بجيش الثورة الفرقة الأولى مدرع ظهرت كأقطاعية من اقطاعيات علي محسن الأحمر، فاستخدمت لاضطهاد واعتقال شباب الساحات، وممارسة التقطعات والاختطافات واستهداف المنشآت وتدمير بنية الدولة.. ظهر الحرس الجمهوري وقوات الأمن كجيش للوطن والمواطن، محافظاً طوال عام كامل على الأمن والاستقرار وعلى عدم انهيار الدولة وتجنب الدخول في حرب شاملة حتى في أشد الظروف والمراحل، رغم أنه يمتلك كل امكانات الردع والمواجهة.
طالبان الاصلاح
وفي حين ظلت القوى المرتبطة بالثورة، تنفي وجود القاعدة وتعتبره مجرد فزاعة ومن صنيعة النظام وتروج لأكذوبة العقاب الجماعي، واتضح أن بعض هذه القوى هي من تدعم تنظيم القاعدة وتسهل تحركاته في أبين والبيضاء وأرحب، وهي أيضاً من تستهدف أبراج الكهرباء.. ظل الحرس الجمهوري وقوات الأمن في خندق مواجهة الإرهاب والتخريب ودك أوكار تنظيم القاعدة في أكثر من جبهة، مقدماً آلاف الشهداء الأبرار في سبيل تخليص البلاد من آفة الإرهاب، ومقدماً في كل مرة الدليل القاطع على ارتباط طالبان الإصلاح بتنظيم القاعدة وكان آخرها اكتشاف أن محمد االحنق شقيق الإصلاحي منصور الحنق- عضو مجلس النواب عن دائرة أرحب- قد وُجد مقتولاً بين قتلى مسلحي القاعدة في العملية الأخيرة في زنجبار.
وفي مقابل الخطاب السياسي والإعلامي للثورة الذي بدا غير متزن ولا واقعي، بل ممتهناً حرفة التضليل وصناعة الوهم وقلب الحقائق وتزييف وعي الناس، وتحويل الرسالة الإعلامية إلى مجرد ثآر وتشويه وكيد سياسي.. ظهر الخطاب السياسي والإعلامي للطرف الآخر متزناً وعقلانياً، محترماً للحقيقة ومخلصاً لها، وأكثر التزاماً بقيم وأخلاق الرسالة الإعلامية وبصورة لم نعهدها عليه من قبل.. وفي مقابل حادثة النهدين الإجرامية واستهداف قيادات في المؤتمر وأحزاب التحالف بالاغتيال والبلطجة والاختطاف، التزم الطرف الآخر بالتهدئة وضبط النفس والدعوة المستمرة للحوار الوطني، وفي مقابل القوة والتوجهات الانقلابية، كان الطرف الآخر أكثر إصراراً على خيار التسوية والحل السياسي التوافقي، فقدم المبادرات تلو المبادرات والتي توجت بالمبادرة الخليجية وتشكيل حكومة وفاق وطني وإجراء الانتخابات الرئاسية.
وفي مقابل سعي قوى الثورة وخصوصاً حزب الإصلاح بكل ما يمتلكه من قوة وامكانات إلى تفكيك المؤتمر وتنفيذ مخطط اجتثاثه وتمزيقه، اكتسب المؤتمر تعاطفاً شعبياً كبيراً، وارتفعت معنويات أعضائه، فالتفوا حول تنظيمهم وتمسكوا به أكثر، فخرج من الأزمة أكثر قوة وحماساً، وأكثر اتعاظاً ونضجاً، وأكثر قدرة على الدفاع عن المشروع الديمقراطي والحفاظ على التوازن السياسي وقيادة التحولات السياسية والاجتماعية.
وفي حين رسمت قيادات المشترك ولجنة الحوار الوطني صورة ديمقراطية سيئة وقاتمة، وسجلت موقفاً سياسياً متأزماً وعنجهياً، عندما امتنعت عن حضور مراسيم نقل السلطة بين رئيس الجمهورية السلف ورئيس الجمهورية الخلف، سجل المؤتمر وأحزاب التحالف الوطني بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح حدثاً ديمقراطياً تاريخياً، نال اعجاب واحترام العالم أجمع، فكانت هذه اللحظة التاريخية هي بالفعل تتويجاً لنجاح الثورة المضادة وتحقيقاً لهدفها الأول.. وبجهود وطموحات كل القوى الوطنية والديمقراطية وقوى التحديث والتنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، سيتم تحقيق وانجاز كامل ثورة التصحيح والبناء والدولة المدنية التي انطلقت من خيار التسوية والوفاق الوطني.. فكم هو عظيم هذا الشعب الذي حول مشروع ثورة العنف والانقلاب إلى مشروع ثورة التغيير والتصحيح والسلم الاجتماعي والبناء الديمقراطي..
هذا الذي حدث وهذا الذي يجب أن نقرأه بدقة وواقعية..
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)