كتب: عبدالفتاح الأزهري - التوسع والتمدد اللافت لتنظيم القاعدة و(أنصار الشريعة) في المناطق الجنوبية للبلاد والعمليات التي قام بها مؤخراً ضد اهداف عسكرية واخذت طابعاً وتكتيكاً جديداً لهذا التنظيم، جعل مساحات القلق في ازدياد في الداخل اليمني ومن الخارج خاصة من الاشقاء الخليجيين والاصدقاء الدوليين شركاء اليمن في مكافحة الارهاب وتنظيم القاعدة على وجه الخصوص.
ويزداد التخوف والقلق ايضاً في الدوائر الداخلية والخليجية والغربية من ان تنظيم قاعدة اليمن هو الوحيد من بين افرعه سواء كان في المشرق العربي او شمال افريقيا الذي يجد مساندة من جماعات اسلامية منظمة ومرخص لها بالعمل السياسي ممثلة في حزب «الاصلاح» وجماعة الاخوان المسلمين في اليمن.
من خلال نشاط تنظيم القاعدة في اليمن خلال فترة العام والنصف العام الماضي وتمدده وتوسعه في عديد مناطق من البلاد تبدلت حتى فكرة ونظرة الكثير من الدوائر السياسية والمراكز البحثية والكتاب والمحللين اليمنيين والعرب والغربيين، والتي صارت على قناعة من ان تنظيم القاعدة في بلادنا وشبه جزيرة العرب أصبح يرصد حضوراً لافتاً كأحد أكبر الشبكات الارهابية المنتشرة للقاعدة حول العالم، خاصة في ظل التحولات الاخيرة التي شهدتها البلاد منذ أكثر من عام على طريق الانتقال السلمي للسلطة، حيث تمكن تنظيم القاعدة من استغلال هذه الظروف لتقوية نفوذه ووضع يده على مفاتيح القوة والتمدد الجغرافي السريع في أكثر من منطقة من جنوب البلاد وذلك بسبب الشلل الكبير الذي شمل السلطة المحلية في بعض تلك المناطق والحكومة المركزية على وجه العموم بسبب الاحداث والأزمة السياسية التي شهدتها اليمن منذ مطلع العام الماضي.
الاخوان والقاعدة
ومع هذا النشاط المحموم بأساليبه الجديدة لتنظيم القاعدة، وكذا التمدد جغرافياً على مساحة واسعة في عدة محافظات، ظهر على السطح مجدداً في تناولات المحللين الاستراتيجيين والساسة والكتاب داخل اليمن وخارجها على مستوى المحيط الاقليمي والدولي عن الدور الداعم والمساند من قبل «اخوان اليمن» لتنظيم القاعدة، والذي وصفته تلك الدوائر بأنه الوحيد والفريد بين الدول التي يوجد فيها تنظيم القاعدة وينشط خاصة في المنطقة ومنها دول المشرق العربي وشمال افريقيا حيث لم يعرف فيها ان قامت جماعة اسلامية منظمة بمساندة ودعم القاعدة كما يحدث في اليمن من قبل «الاخوان المسلمين» تحت لافتة حزب الاصلاح وتستند تلك التحليلات الاقليمية والدولية ان حزب الاصلاح «اخوان اليمن» ظل يردد على الدوام افكار حول وجود تنظيم القاعدة في اليمن، مع استمراره في الترديد ايضاً ان القاعدة هي من نسج خيال نظام الرئيس علي عبدالله صالح والذي يستخدمها كفزاعة لاخافة وابتزاز دول الخليج والولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي، وهم شركاء اليمن في مكافحة الارهاب وخاصة تنظيم القاعدة والذين كانت ردودهم دائماً تأتي متفقة برفض ادعاءات «اخوان اليمن» والتي لم تخل من سخرية وتندر من كتاب ومحللين عرب ودوليين بأن تلك الاكاذيب لم يصدقها أحد في الداخل او الخارج.. وحدهم هم جماعة الاصلاح.. «الاخوان» يصدقون كذبتهم.
صلات مشبوهة
بعد تلك التطورات التي برز فيها تنظيم القاعدة على الارض اليمنية مستهدفاً جماعات عسكرية وأمنية ومخططاً لأهداف خارج الحدود اليمنية وبروز علاقة مباشرة بينه وبين «الاخوان»، تداعى العديد من المحللين والكتاب والباحثين والمراكز المجتمعية اليمنية المتخصصة والمعنية بالارهاب لتفنيد تلك العلاقة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث اتفق غالبيتهم على سرد نهج وتعامل «الاخوان» مع تنظيم القاعدة في اليمن ومن يدور في فلكهم.. والذي ظل ثابتاً في عدم الحديث اطلاقاً عن مخاطر تنظيم القاعدة، ولا العروج على المآسي والويلات الناتجة عن أعمالهم الارهابية المتطرفة..
بل كان تركيزهم - بحسب تلك الدوائر- منصباً بكيل الاتهامات للنظام بقيادة الزعيم علي عبدالله صالح بصلات مشبوهة مع القاعدة كما يزعمون.. حيث اعتبرت تلك الدوائر ان هذه الادعاءات هي مجرد خزعبلات وهرطقات كونها لاتستند لأي دليل مادي ملموس يقنع الأطراف الاخرى، مما يجعلها - الادعاءات- مجرد غطاء اتخذه «الاخوان» لاخفاء حقيقة علاقاتهم المشبوهة والمريبة مع تنظيم القاعدة في اليمن وجزيرة العرب.
وذهبت العديد من الكتابات والتحليلات ومراكز البحث في تناولاتها خلال الفترة الماضية عن حقيقة العلاقة الحميمة بين «اخوان اليمن» وتنظيم القاعدة في اليمن وجزيرة العرب بالتركيز بخطابات المطبخ الاعلامي للاصلاح وبخطابات اليدومي ومحمد قحطان وصحيفة الصحوة وموقع الصحوة نت، والتي تمثلت بما يشبه الحملة الاعلامية التي تم اطلاقها خلال الأيام التي سبقت اجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة والتي جرت في الحادي والعشرين من فبراير الماضي، حيث اتخذت تلك الحملة نهج واسلوب التحريض الواضح والموجه على وحدات الحرس الجمهورية، ثم بعدها رأينا جميعاً عمليات تنظيم القاعدة الارهابية التي استهدفت بشكل مباشر الحرس الجمهورية بالذات وعلى وجه الخصوص دون غيره، وهو أمر لايمكن ان يخضع لمنطق الصدفة التي لامكان لها هنا من الاعراب.
ولم تنس تلك الكتابات والتحليلات اعادة التذكير ايضاً بتعامل «زعيم اخوان اليمن» عبدالمجيد الزنداني مع ملف القاعدة حيث ركزت على ان الزنداني لم يسجل له ولا حتى موقف واحد يدين فيه القاعدة او عملياتها الارهابية على الاطلاق.. لكنه على العكس من ذلك - بحسب تلك التحليلات- لم يستطع الزنداني ان يكبت او يخفي تعاطفه الواضح مع تنظيم القاعدة عندما يذهب في أكثر من موقف الى منح تلك العمليات الارهابية صفة «الجهادية» ليوفر بذلك ويمنح التنظيم والارهابيين المتورطين غطاءاًَ شرعياً، خاصة عندما يستخدم توجهاته تلك بصب جام غضبه على الامريكان، ويلحقها بمباركته لأي عمليات ضدها، كما أعلن في السابق مراراً وتكراراً علناً او بشكل مبطن استعداده لاعلان الجهاد بوجه العمليات العسكرية الامريكية ضد تنظيم القاعدة، والتي سماها في تصريح له العام الماضي بأنها تعتبر غزواً لبلاد المسلمين».
أنصار الشريعة لماذا؟!
وعند الحديث عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتمدده على الارض وقيامه بتنفيذ عمليات ارهابية غير مسبوقة تجاه وحدات ومرافق عسكرية وأمنية يبرز السؤال لماذا ذلك وفي هذه المرحلة بالتحديد؟!.. ثم ما هي العوامل المساعدة لهذا التغيير والنهج الجديد لتنظيم القاعدة في اليمن..؟؟ آى السؤال الأهم : من هم ولماذا أنصار الشريعة؟؟.. يجيب على هذه الأسئلة مصطفى العاني مدير قسم الدفاع والامن في مركز الخليج للدراسات بقوله : «ان جماعة أنصار الشريعة» هي اليوم الوجه المعلن لتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية.. وان اختيار هذا الاسم جاء لاخراج القيادات القبلية التي ستجد صعوبة باقناع أنصارها بمقاتلة جماعة تعلن انها ترغب في نشر حكم الشريعة الإسلامية دون استخدام اسم القاعدة..».
واعتبر العاني في حديث مع «CNN» الخميس الماضي بأن الاطراف اليمنية والاقليمية والدولية الشريكة في مكافحة الارهاب تتفق حالياً وباقتناع على ان الفرع الموجود في اليمن يريد ان يبرز على الساحة الدولية عبر اقناع قيادة القاعدة بأنه الفرع الأكثر قوة ضمن الشبكة الدولية..»
ويضيف العاني الذي يمتلك اتصالات واسعة مع الاطراف اليمنية والاقليمية والدولية : «ان أنصار الشريعة تعلموا من تجربة التنظيم في العراق كيفية تجنب السيطرة على مناطق بعينها، خشية التحول الى أهداف سهلة للعمليات العسكرية،.
ولذلك اعتمدوا اسلوب الهجوم الخاطف على مواقع الجيش في أكثر من منطقة وموقع في اليمن.. كما اعتمدوا استراتيجية جديدة تقوم على انشاء مناطق واسعة خارجة عن سيطرة الحكومة يمكن لهم استخدامها لشن هجمات ضد السعودية والولايات المتحدة الامريكية واهداف اقليمية ودولية اخرى..». |