ابــن النيل - استهل بان كي مون فترة ولايته الراهنة كأمين عام للمنظمة الدولية الأم بمواقف مسبقة الصنع.. تؤكد مؤشراتها الضمنية حقيقة أن الرجل يفتقد أبرز شروط صلاحيته لتولي مهام هذا الموقع الذي من المفترض أن يتمتع شاغله بقدر مستحق من النزاهة والحيادية، بحيث يكون على مسافة واحدة من ذوي الشأن في أية قضية يجري الاحتكام فيها الى منظمته بغية مساهمتها الحق في إيجاد حل عادل لها، على نحو يحظى بقبول أطرافها ككل، دونما أدنى انحياز لطرف على حساب آخر..فلقد بدا تواطؤ بان كي مون مع أهواء دولية بعينها.. واضحاً وجلياً حال تنفيذ حكم الاعدام غيلة في الرئيس العراقي الشهيد »صدام حسين«، وفي ذلك ما يكفي لتبيان مقدمات تبعيته المبكرة لقوى الهيمنة والتسلط في هذا الكون الذي نعيش بين أرجائه، وهنا تكمن حيثيات اختياره لشغل هذا المنصب الأممي الرفيع على أهميته.
وبعيداً عن كل ما عدا ذلك من اعتبارات سياسية مماثلة ذات صلة بقضايا غيرنا من الشعوب المغلوبة على أمرها.. فقد جاء الرجل الى منطقتنا العربية في الآونة الأخيرة، وتخللت جولته الرسمية بين العديد من عواصم بلدانها.. زيارته المزدوجة الأولى للأراضي الفلسطينية المحتلة، فما كان منه إلاّ أن وقع في مطب الانتقائية المغرضة إياها، سواءً أكان ذلك في سياق لقاءاته مع قطبي الصراع في هذه المنطقة المهمة من العالم.. متمثلاً في استبعاده مقابلة رئيس الوزراء الفلسطيني »إسماعيل هنية«، أو فيما تمثل في صريح انحيازه للجانب الصهيوني.. عبر تبنيه المطلق لمطالب مغتصبي حقوق أهلنا هناك.
وكأنما جرى إخضاع المنظومة الدولية التي يتبوأ بان كي مون منصب أمينها العام.. لمبدأ الأمركة القسرية، بما فيها ومن فيها، والى حديثٍ آخر.
|