موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


189 صحفياً فلسطينياً استشهدوا في غزة - أبو عبيدة يعلن مقتل أسيرة في شمال غزة - زوارق حربية إماراتية في ساحل حضرموت - ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 44176 - 17 شهيداً في قصف إسرائيلي على غزة - مجلس النواب يدين الفيتو الأمريكي - المستشار الغفاري يبارك نجاح بطولة العالم للفنون القتالية بمشاركة اليمن - الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة -
مقالات
الأحد, 13-أغسطس-2006
الميثاق نت - رحم الله والدتي.. لقد كانت تنطق بالحكمة، شأن عجائز «بلد الحكمة» ولا أدّعي أنها حكيمة.. إن كل ما أعنيه أنها حفظت الكثير من الحكم المتداولة والأمثال الشعبية.. بكل ما يحمله هذا الموروث الأصيل، الذي يختزل ملابسات الحياة، ويقرب الى الأذهان صورها، وبعبارات مقتضبة، يسهل حفظها، واستحضار مدلولاتها، للعظة والعبرة، بل وتعزيز الثقة تجاه المواقف الحياتية -أقداماً واحجاماً-  والوالدة لم تكن إلاّ أحد هؤلاء الذين عركتهم الحياة، وصقلتهم السنون، فاتخذوا من الأمثال وسيلة لتلخيص التجارب المرة، أو الأحداث السارة «لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم» فهذه هي الدنيا بكل ما فيها من حلو ومر.. أ‮.‬د‮.‬غيلان‮ ‬الشرجبي: -
رحم الله والدتي.. لقد كانت تنطق بالحكمة، شأن عجائز «بلد الحكمة» ولا أدّعي أنها حكيمة.. إن كل ما أعنيه أنها حفظت الكثير من الحكم المتداولة والأمثال الشعبية.. بكل ما يحمله هذا الموروث الأصيل، الذي يختزل ملابسات الحياة، ويقرب الى الأذهان صورها، وبعبارات مقتضبة، يسهل حفظها، واستحضار مدلولاتها، للعظة والعبرة، بل وتعزيز الثقة تجاه المواقف الحياتية -أقداماً واحجاماً- والوالدة لم تكن إلاّ أحد هؤلاء الذين عركتهم الحياة، وصقلتهم السنون، فاتخذوا من الأمثال وسيلة لتلخيص التجارب المرة، أو الأحداث السارة «لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم» فهذه هي الدنيا بكل ما فيها من حلو ومر.. ولأن الأمثال تتناقلها الأجيال، فقد اعتدت أن أسمع الكثير من الأمثلة الجميلة، التي ظل »العنوان أعلاه« أغربها على الاطلاق، منذ طفولتي وحتى وقت قريب، رغم تكرارها لمقولتها الأثيرة: »يا ابني: ملحي ما يملحش« وكلما ارتسمت علامات الاستغراب على ملامحي، أعادت شرح ما تقصده بإيضاح أن كثيراً من الناس قد تحسن إليهم فيسيئون إليك، وتحسن الظن تجاههم فيبادلونك سوء الظن، وقد تخدمهم فيستنكرون ذلك، أو تتواضع معهم فاذا بهم يثيرون الشبهات بأن تواضعك مصطنع.‮. ‬وبهارج‮ ‬تواري‮ ‬زيفاً‮ ‬مقنعاً،‮ ‬أو‮ ‬ينظرون‮ ‬الى‮ ‬الشخص‮ ‬المتسامح‮ ‬وكأنه‮ ‬جبان،‮ ‬وأن‮ ‬من‮ ‬يحرص‮ ‬على‮ ‬حفظ‮ ‬الود،‮ ‬وحسن‮ ‬العشرة،‮ ‬يعتبره‮ ‬البعض‮ ‬ضعيف‮ ‬الشخصية‮.. ‬الخ‮..‬
ومن الشواهد اليومية التي تصدمك، حين يرتد معروفك نكراناً للجميل وتنكراً للإحسان، وما الى ذلك من رذائل تتنافى مع ما في القيم الانسانية من فضائل.. وهي أمور معهودة، وقابلة للفهم، خاصة مع الاحتكام اليومي، بنماذجه المتواترة، كلما تقدم بنا العمر، واتسعت آفاق علاقاتنا العامة، وتعاملاتنا المفتوحة، إلاّ أن أوجه الشبه التي يفترض أن تحملها »حكمة والدتي« ظلت غائبة.. فما دخل الملح؟! ولماذا لا يملح؟! مع أن تلك وظيفته.. وكيف يمكن لمادة أن تفقد خواصها، هكذا دون مقدمات أو تفاعلات؟
فهل يصدق أحد أن الملح في بيتنا -بالذات- يختلف عنه في بيوت الجيران مع أنه من نفس السوق؟؟ إنها أسئلة ظلت تتبادر الى ذهني، كلما تردد المثل على مسامعي، ليظل التشابه غائباً، حتى بعد اعتيادي على سماع مقولة »عيش وملح«، فالرابط هنا موجود، والمعنى العام وارد، »فالجزاء‮ ‬من‮ ‬جنس‮ ‬العمل‮«‬،‮ ‬وليس‮ ‬العكس،‮ ‬لكن‮!‬
يبدو أن زمن المثاليات، والتنشئة التقليدية الموروثة تستفز حتى العجائز، فيعمدن الى مخزون الثقافة الشعبية، لاستنكار أية بادرة غير مألوفة.. يبدو أن ذلك الزمن قد طويت صفحاته، ليحل علينا زمن »الملح الذي لا يملح« الذي لم يعد غريباً، ولا مستغرباً.. فقد صار لغة العصر وفلسفته الحياتية على المستوى العام والخاص، واسقاطه على الواقع يؤكد حقيقة: أن لكل زمن خصوصياته وسياساته، التي قد يخضع البعض لها تبعاً لطبيعة التأثر والتأثير، ويتجاوب معها البعض الآخر بحكم التقليد، وما أكثر المقلدين في عصرنا.. وهكذا.
تتعامل معنا أمريكا بكل صلف واستكبار، الى الحد الذي تجاوزت معه أبسط أخلاقيات التعامل الانساني، وأمثلة هذا الصلف والاستكبار الأمريكي ماثلة في أفغانستان والعراق وفلسطين.. حيث تمارس سياسات عدوانية منهجية تتحدى كافة الأعراف الدولية، وتتنكر لكل التاريخ العربي الاسلامي المعاصر لمنطقة ظلت ترفدها بكل مصادر الطاقة والثروة والاستثمار التي صنع مدينتها منذ الصغر، ومع ذلك لم يفهم النظام العربي هذه السياسات الاستراتيجية، وظل يمدها بما يملكه من قدرات وطاقات، ويحتال على كل بادرة للممانعة، ولو كانت بحدود المقاطعة التجارية -دون جدوى- وهي بذلك تذكرني بـ»الملح الذي لا يملح« ولأن الثروات العربية-الاسلامية كذلك، فإنها مهما تدفقت في شرايين الحياة الأمريكية لتزداد قوة وجبروت، فلن يرتد هذا الصنيع إلاّ وبالاً علينا، مقابل زيادة التدليل والدعم اللامحدود لاسرائيل، والتي لا يساوي كل العرب والمسلمين طفلاً مدللاً من أطفالها، لذلك فإن من حقها أن تبيد شعباً بكامله لاسترداد جندي أسير، بينما ليس من حق هذا الشعب أن يدافع عن نفسه أو حتى يطالب العالم بحمايته من »سياحة الاصطياد« اليومي لطائرات الأباتشي للمواطن الفلسطيني الأعزل والمحاصر.. وذنبه الوحيد‮: ‬أنه‮ ‬عربي‮-‬مسلم‮ ‬عجزت‮ ‬كافة‮ ‬موارده‮ ‬وامكاناته‮ ‬عن‮ ‬أن‮ ‬ترضي‮ ‬الذوق‮ ‬الأمريكي،‮ ‬فلا‮ »‬العيش‮ ‬والملح‮ ‬قطع‮«‬،‮ ‬ولا‮ »‬مدن‮ ‬الملح‮ ‬في‮ ‬العالم‮ ‬العربي‮ ‬الاسلامي‮ ‬تنفع‮«.‬
ولماذا نذهب بعيداً- ونتهم أمريكا؟!- وهل احترم العرب والمسلمون أنفسهم حتى يحترمهم الآخرون؟! هل حافظوا على توازنهم ليحفظ الآخرون لهم وزنهم؟! وأين شعار »ضرورات الدول وخيارات الشعوب« بكل عقلانية طرحه، والذي يوازن بين »العمل السياسي والدبلوماسي للأنظمة الرسمية،‮ ‬بما‮ ‬فيها‮ ‬السلطة‮ ‬الفلسطينية‮«.‬
وبين »الممانعة الجماهيرية للشعوب العربية« سواءً بحدودها السلمية كالمقاطعة، أو بدعم واسناد المقاومة الفلسطينية المسلحة، وهو الدور الذي يفترض أن تضطلع به »منظمات المجتمع المدني وقواه السياسية الخيرة«.. فإذا بها تتقاطر على أبواب السفارات الأجنبية، وكل يريد أن يثبت أفضليته باستيعاب الدور الأمريكي المطلوب في المنطقة، على حساب استقلالية الأوطان وحرية الشعوب، وهي بذلك تجسد حقيقة »أن ملح هذه الأرض لا يملح، ولا مانع من خراب الديار مقابل اغراءات الدولار«.
وهي مفاضلة لم تعد تحتمل التشكيك أو يعوزها البرهنة، فما حدث في العراق وافغانستان، حيث تحولت »المعارضة الى حصان طروادة« وما يعتمل الآن في الساحة اللبنانية، السورية، السودانية، يثبت فعلاً أن ملح العرب لا يملح، فلماذا نلوم »أمريكا والغرب«؟!
والأمر لا يختلف في الساحة اليمنية، فقد ظللنا نعتقد أن الخلافات السائدة مجرد ضغوط، إن لم تكن بدوافع وطنية، فقد يغلب عليها الطابع المصلحي، ولا يهم ما دامت تحت سماء الوطن، ولا يهم أن انحرف المسار الديمقراطي عن الخطوط العريضة لمشروعية الرأي والرأي الآخر، فالزمن‮ ‬كفيل‮ ‬بتهذيب‮ ‬وترشيد‮ ‬التجربة‮ ‬التعددية‮ ‬الناشئة‮.‬
فإذا بمشاعرنا تسحق أمام مشاهد عيانية »متلفزة« فتبثّ على الهواء ندوة »بعنوان »مشروعية النظام التعددي في اليمن« ويتبارى فيها كبار القوم، ومنظرو »اللقاء المشترك« لتدور الحوارات والمداخلات حول محور واحد، وهو أن النظام السياسي استطاع اقناع محيطه الاقليمي والعلمي بديمقراطيته، وبذلك حظي بالدعم المادي والمعنوي، وبمعونات دعم التنمية الشاملة وفي مقدمتها »التنمية الديمقراطية«، وأن على المعارضة النضال لاثبات العكس، فهل هذه معارضة وطنية ودينية مشروعة؟! وهل نضالها لمحاصرة الشعب، واشاعة عدم الاستقرار والترويج للاشاعات المسيئة للوطن، والتنفير من أوضاعه، ومحاربة اقتصاده، وتشويه صورته خارجياً، والتحريض على عدم الاستثمار، هل تلك هي النضالات التي تعدنا بها المعارضة؟؟ إن كانت كذلك.. فـ»بئس معارضة فاقدة الهوية« هذه التي لم يقطع فيها العيش والملح ولم تكتف بالريال، فراحت تلهث خلف الدولار‮.‬
ولعل أكبر خطأ لهذا النظام السياسي الذي تطعن في شرعيته، هو: أنه أعطاها أكبر من حجمها، ومنحها أكثر مما تستحق، ففتح شهية المزايدات والامتيازات، فأغراها بالمزيد، ومن يدفع بالدولار.. لاشك أنه يربح الصفقة »في سوق مزاد بمساحة الأوطان وبقيمة الإنسان« ولا ذنب للإنسان‮ ‬ولا‮ ‬عيب‮ ‬في‮ ‬الأوطان،‮ ‬سوى‮ ‬أن‮ ‬الملح‮ ‬المنتج‮ ‬محلياً‮ ‬لا‮ ‬يملح،‮ ‬مهما‮ ‬اكتسب‮ ‬كافة‮ ‬المواصفات‮ ‬العالمية‮ ‬لأن‮ ‬تسعيرته‮ ‬بالريال‮ ‬وليس‮ ‬بالدولار‮.‬
ويسري هذا على رأس الهرم في هذا النظام السياسي، ومن يستغرب الحملات الاعلامية التي اتخذت من علي عبدالله صالح، موضوعاً لها، فعليه أن يلتمس لهذه الأصوات النشاز العذر.. وعذرها »أن سياسة أهون الضررين« التي اتبعها الأخ الرئيس -مع خصومه- بالتعاطي مع ضغوطهم المصلحية مادامت بحدود الممكن، ولا تضر بالمصالح الوطنية العليا، قد صنع من هؤلاء »نموراً ورقية« فظنوا أنهم صاروا أرقاماً صعبة، ونسوا أنهم صناعة الرجل الذي أحسن الظن بهم، وإلاّ لبقوا كماً مهملاً، و»أصفاراً على الشمال«.. فلا عتب -إذاً- فملحه لا يملح، لأن مصدره هذه الأرض‮ ‬ومعدنه‮ ‬من‮ ‬ترابها‮- ‬وخيراته‮ ‬من‮ ‬ثرواتها‮.‬
ولا أخفيكم سراً، أن تداعيات هذا الصنيع يمكن أن تصل الى كل منا -فقد أفزعني موقف أحد طلابي في سياق مواقف أخرى مماثلة حين سألني: »لماذا اقتربت مواقفي من موقف السلطة«، وهل هي مدفوعة الأجر، أو مقابل وعد؟.. فظلت اجابتي، وستظل دائماً لو كنت كذلك.. لعرفت من أين تؤكل الكتف؟! ولكانت المعارضة أقرب السبل لدخول المساومات، التي تبدأ بالريال، والامتيازات، وتنتهي بالدولار والمزيدات.. لكنه الوطن!! هذا الذي ظللت لا أصدق والدتي بأن ملحه لا يملح، لأن الذوق السليم يؤكد لحواسي أن معدنه من هذه الأرض الطيبة، ومهما فسدت الأذواق وتبدلت‮ ‬الأخلاق،‮ ‬فإنه‮ ‬سيبقى‮ ‬كذلك،‮ ‬فهذه‮ »‬بلدة‮ ‬طيبة‮«.. ‬إنها‮ »‬رمز‮ ‬للعزة،‮ ‬وعنوان‮ ‬للأصالة،‮ ‬ومصدر‮ ‬للحكمة‮« ‬التي‮ ‬غابت‮ ‬عن‮ ‬وعي‮ ‬فاقدي‮ ‬البصيرة‮.‬
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)