أحمد عمر الأهدل -
اللواء (135) مشاة كان يطلق عليه اللواء التاسع ميكا قبل الوحدة، وبعد الوحدة أطلق عليه اللواء التاسع عشر مدعم (مستقل).. وتحت المصطلح الأول والثاني، سطر أبطال هذا اللواء بطولات خارقة، صفق لها التاريخ وتعجب منها الدهر، في معارك دامية كتبها المؤرخون على جبين التاريخ بأحرف من نور...
وفي بداية الحرب الثانية في صعدة، تم ضمه إلى الفرقة الأولى بتوجيهات رئاسية، وأطلق عليه هذا المصطلح (135) مشاة.. وبعد الضم مارس المتمرد/علي محسن، على هذا اللواء البطل أقصى العقوبات العسكرية- الإدارية والميدانية والمادية والمعنوية- فشرّد قاداته، وشتت ضباطه، وقهر أفراده ومزقهم كل ممزق، وغيّر شكله، ونزع روحه المتدفقة بالشجاعة والبطولة والفداء، وجعله شكلاً بلا محتوى، وجسداً بلاروح.
وخلال الأيام القليلة الماضية، قام المتمرد بإجراء عملية قيصرية وبدون تخدير لهذا اللواء البطل وأدخل فيه عناصر متمردة على الولاء الوطني والقانون العسكري- مجاميع مسلحة من مليشيات الأخوان المسلمين المعتصمين في الساحات ومن طلبة جامعة الإيمان التي يديرها عبدالمجيد الزنداني- ثم قام باستئجار الكثير من المطبلين والمزمرين والكُتَّاب والصحفيين والإعلاميين المحسوبين عليه من الذين يُغررون ويُغامرون بأرواح الناس مقابل الأجر اليومي (حق القات يافندم) حتى أنهم كانوا يكتبون ويتحدثون بكلامٍ مبالغ ٍ فيه عن الأدوار التي ستقوم بها القوة المتحركة من مقر الفرقة في معركة أبين مع القاعدة، وذلك قبل أن تخرج القوة من ثكناتها إلى منطقة الحشد، وقبل أن تحدد المهمة المسندة إليها بصفة رسمية، وقبل أن يُحدد الزمان والمكان الذي سوف تتجه إليه تلك القوة، وهو مايعطي إشارات واضحة ودلالات لاتقبل الشك أنّ هناك لعبة ساخرة وتصرفات سافرة، طلاها المتمرد/ علي محسن على قيادة وزارة الدفاع واللجنة العسكرية، وقد انكشف الكثير من أجزاء اللعبة فور وصول هذه القوة لقاعدة محور العند التابع للمنطقة العسكرية الجنوبية، حيث تفيد المعلومات الواردة من هناك أنّ قيادة المنطقة والمحور تفاجأت بعدم صلاحية القوة لخوض معترك جبهات القتال لمواجهة الإرهاب، سواءً الجاهزية البدنية أو التسليح، حيث لم تصرف للأفراد أية قطعة سلاح من الجهة المصدرة، وأنّ ما يزيد عن80٪ من هذه القوة الوهمية، أحداث أسنان (نيدو) مايعني صراحة ً أنها غير نظامية (مستجدين) ولاتعرف لامن قريب ولامن بعيد حتى مبادئ القتال المتلاحم أو القتال بالدروع الذي هو أبسط فقرة في البرنامج التدريبي للفرقة المتمردة، وليس فيها سوى القادة والضباط المنخرطين في صفوف القوة لغرض القيادة، والذين هم أيضاً مازالوا في طور التأهيل، مما دفع قيادة المنطقة وهي في حالة غضب شديد إلى اتخاذ قرار بالإبقاء على القوة المندرجة في إطار مايسمى باللواء (135) مشاة في منطقة العند والتوجيه ببدء تنفيذ برنامج تدريبي لهم والدفع بسرعة خاطفة بتحريك اللواء(201) ميكا المتمركز في قاعدة العند لخوض المواجهات في محيط مديرية زنجبارـ أبين، وإسناده بوحدتين نوعيتين متخصصتين في التدخل السريع تابعتين لقوات الأمن المركزي عدن- وحدة المعلومات ووحدة مكافحة الإرهاب.
قواعد التعزيزات القتالية
كان يُفترض أن تكون القوة المتحركة إلى أبين على مستوى عالٍ من الجاهزية القتالية، لمباشرة تنفيذ المهمة المسندة إليها لخوض غمار المواجهات الطاحنة مع عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في أبين، واللجنة العسكرية تعرف ذلك تماماً بأن التعزيزات القتالية يجب أن تكون دائماً مساوية للعدو في القوة ومضادة له في الاتجاه، وتتفوق عليه في التكتيك، وهو مايعني بالضرورة أن تكون قوات متخصصة في مكافحة الإرهاب المندرجة فنياً وقتالياً ضمن قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري، هذا إذا كان هناك رغبة في الدفع بوحدات عسكرية إضافية لمنطقة المواجهات لتعزيز العمليات القتالية التي تخوضها وحدات الجيش بشقيه العسكرية والأمني، تحضيراً لمعركة الحسم مع العناصر الإرهابية المتحصنة في عدد من مديريات محافظة أبين، أمّا أن تكون قوات مشاة، وأفرادها لا يعرفون حتى مبادئ القتال بالأيدي لتعزز قوات مشاة فتلك مسألةٌ فيها نظر.
ثم إن خطة اللجنة العسكرية لم تكن تقف عند مسألة نقل وحدات عسكرية خارج صنعاء لغرض تحركها إلى أبين، وإنما كان الغرض لتحريكها باتجاه المنطقة الشمالية الغربية لإعادة نشرها في محافظات تعاني حالة من الفراغ والانفلات الأمني، وهي عملياً تقع خارج سيطرة الدولة، أما تحريك قوات مشاة لاتعرف من الجندية إلا اسمها ولامن العسكرية إلا رسمها إلى محافظة أبين وفي هذا الظرف بالذات فذاك أمرٌ لايقبل به المنطق العسكري إطلاقاً بل وغير وارد في المفهوم العسكري على الإطلاق..
دائرة التوجيه المعنوي
لنفترض أنّ المتمرد/ علي محسن استطاع أن يُضلل المشير/عبدربه منصور هادي- رئيس الجمهورية- واستطاع أن يُغرر باللجنة العسكرية، واستطاع كذلك أن يخدع العالم كله بسبب سمعة اللواء (135) التي ملأت الآفاق، لنفرض ذلك جدلاً ولكن أين دور دائرة التوجيه المعنوي التي شاركت وساهمت وساعدت في إعداد وتجهيز هذه القوة، حيث لايجوز مطلقاً تحريك أية قوة تخرج من ثكناتها إلى منطقة الحشد، ثم تتحرك إلى ساحة المعركة، إلا بعد فحص وتدقيق من الدائرة وترفع بذلك تقريراً شاملاً كاملاً للجنة العسكرية والقائد الأعلى، وتحت مسؤوليتها وتوقيعها، وإذا كان هذا معلوماً بالضرورة فكيف تتحرك تلك القوة من منطقة الحشد، على خط سير صنعاء- أبين وهي على ذلك الوصف والصفة ؟ فهل الدائرة كانت مخدوعة أيضاً أم أنّ هناك أمراً لايفهمه الأذكياء والخبراء والبلداء على حدٍ سواء؟!
ولمزيد من التأكيد وحتى تكون الصورة أمام القارئ واضحة والمعلومة كاملة، فإنّ دائرة التوجيه المعنوي رافقت القوة إلى منطقة الحشد، بقاعدة العند، وعند استقبال القوة كان قائد المنطقة الجنوبية يشتاط غضباً ويصيح بصوت عالٍ (إنّ القوة غير مؤهلة قتالياً)، فلماذا لم تعلن دائرة التوجيه المعنوي، في ذلك الموقف، عن كفاءتها الإدارية ومسؤوليتها عن جاهزية هذه القوة الوهمية.. لماذا تمسكت دائرة التوجيه المعنوي بالصمت أمام قائد المنطقة.. وهل أرواح الناس أصبحت رخيصة لهذا الحد؟!
أسئلة تهرول بكل قوتها في أروقة وزارة الدفاع، وتدق وبقوة أبواب دائرة القضاء العسكرية لمساءلة دائرة التوجيه المعنوي للإجابة عليها؟
أهداف إرسال هذه القوة الوهمية
بعدأن تمخض - كما يُقال - الجبل من تلك القوة الوهمية فولد فأراً، أصبح الهدف واضحاً من وراء هذا التصرف غير المسؤول، والذي يستهدف إفشال خطة قيادة وزارة الدفاع في المقام الأول وضرب النجاح الذي حققته المنطقة الجنوبية مؤخراً في مديريتي لودر وزنجبار من جهة، وإرباك جهود القيادة السياسية والعسكرية الرامية لإنهاء تواجد القاعدة في محافظة أبين من جهة أخرى..
كما يهدف ـ أيضاً ـ إلى الالتفاف الواضح، على توجيهات رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي وعرقلة خطة اللجنة العسكرية، في محاولة بائسة لإجهاض النجاحات التي حققتها القوات المسلحة والأمن مؤخراً على صعيد المواجهات الدامية، مع تلك العناصر الإرهابية، وبالتالي إطالة أمد الحرب مع عناصر القاعدة، وتأجيل النصر على عناصر الإرهاب، وبما يخدم أجندة المتمرد/علي محسن، لتجيير أي انتصار عسكري أو تقدم ميداني قد يُحقق على أرض المعركة لمصلحته، وذلك للاحتفاظ بموقعه وإعاقة صدور قرار يقضي بإقالته، وهو ما تمهد له وسائل إعلام »الإخوان« المفلسين.
وبذلك لايُستبعد وجود نوايا مبيتة لدى المتمرد للزج بهذه القوة التي تضم في صفوفها عناصر راديكالية متطرفة، بهدف تقديم تسهيلات (بالسلاح) أودعم لوجيستي لتنظيم القاعدة الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، خصوصاً وغالبية عناصر تلك القوة هم من المتشددين لحزب الاصلاح وطلاب جامعة الإيمان التي توجه إليها إتهامات بتفريخها للإرهابيين ورعايتهم.
وخلاصة القول: إن الدفع بهذه العناصر (المؤدلجة) إلى المنطقة الجنوبية وتمركزها في موقع عسكري حساس بحجم قاعدة العند، قد يكون محاولة لتكرار سيناريو محافظة صعدة، التي قاد المتمرد فيها جولات الحروب الستة، وشهدت تسليم معسكرات بكامل عتادها لعناصر تخربيبة، ونقل فيها المقاتلون روايات عن عملية قنص من الخلف.. ولذلك أرى إعادة النظر في تمركز هذه القوة في قاعدة العند وإخراجها فوراً إلى منطقة أخرى، وتعيين قائد جديد لها يُدين بالولاء لوزارة الدفاع، وليس للمتمرد/ علي محسن، خصوصاً وأنّ الكلام عن علي محسن وارتباطه بملف القاعدة، ربما لم يكن خافياً، ومحكمة الجنايات الدولية تزخر بالكثير من المعلومات التي لا يعرفها المثقف البسيط والمواطن العادي في بلادنا، فهو الذي عمل على احتواء أعضاء القاعدة في إطار الفرقة الأولى مدرع، إلى الدرجة التي أصبح أبرز أعضائها (عسكر زعيل) مدير مكتب المتمرد/ علي محسن والناطق العسكري للفرقة، وقد توّج المتمرد تلك العلاقة بالمصاهرة السياسية مع أحد قادة جيش عدن أبين الاسلامي.. وقد لا يخفى على القاصي والداني، مسألة استخدام أعضاء القاعدة في تصفية كوادر الحزب الاشتراكي إبّان الفترة الانتقالية، ومشاركتهم ضمن تكتيك قتالي للفرقة الأولى مدرع في حرب صيف 1994م.. وبذلك فالمتمرد/ علي محسن- اليوم- هو من يمتلك تحريك ورقة القاعدة في اليمن، ولايُستبعد من أنّ الحرب ضد القاعدة لها تُجّار حروب مثلما كانت الحرب في صعدة، وسيوجد هناك من يشعلها لتحقيق مصالح شخصية، ويعمل على تحويلها إلى دجاجة تبيض ذهباً وفضة، تضامناً مع اللواء( 135) مشاة واللجان الشعبية التي معظم عناصرها من عناصر المشترك.. وقادم الأيام كفيل بإخبارنا..