كتب/ عبدالفتاح الأزهري - بعد العمليات النوعية والقوية التي وجهتها القوات المسلحة والأمن بمشاركة مجاميع شعبية مسلحة على تنظيم القاعدة الإرهابي خلال الفترة الماضية في مناطق المواجهات بلودر، توقع خبراء عسكريون ومحللون ان يشهد هذا التنظيم الإرهابي حالة من الانحسار والتراجع.. وهو ما تؤكده أيضاً التقارير الأمنية الأخيرة من عدم اقدام القاعدة على السيطرة على مناطق جديدة لتفادي خسائر كبيرة يمكن أن يتكبدوها مع التمدد العسكري والانتشار داخل أبين وعلى محيطها.
وأعلن مركز الإعلام الأمني خلال الأيام الماضية ان الأجهزة الأمنية ضبطت 52 مطلوباً أمنياً من ضمنهم 14 مشتبهاً بالانتماء لتنظيم القاعدة خلال شهر أبريل الماضي.
وقالت الأجهزة الأمنية انها ضبطت المتهمين في عدد من محافظات الجمهورية في إطار تنفيذها لخطة ملاحقة المطلوبين أمنياً والتي يجري تنفيذها بتنسيق كامل بين مختلف الوحدات الأمنية.
وتوقعت مصادر أمنية الاسبوع الماضي اضافة الى تلميحات من تنظيم «القاعدة» عن قرب الافراج عن نائب القنصل السعودي بعدن عبدالله الخالدي والمختطفة السويسرية سليغيا ابراهت خلال الأيام القادمة.
ويرى مراقبون عملية اطلاق القنصل السعودي والمختطفة السويسرية ان تمت فهي ستكون محاولة من تنظيم القاعدة لتجميل صورتها الإرهابية، خاصة بعد المناشدة التي اطلقتها المختطفة السويسرية من معتقلها مؤخراً، وأيضاً من خلال محاولة تنظيم القاعدة الإرهابي الضغط على الجنود الأسرى الـ73 الذي اشيع انه تم الافراج عنهم مؤخراً والإملاء عليهم بالتحدث عن حسن معاملة القاعدة لهم والاشادة بنهجهم وسلوكهم مع الآخرين.. لكن حسب المراقبين فإن هذه الأساليب لن تنجح ولم تعد تجدي لأن التنظيم وعناصره صاروا معروفين أكثر ومعروف أيضاً نهجهم المتطرف وأساليبهم القمعية والإرهابية والعنف للوصول إلى تحقيق أهدافهم التي يغلب عليها طابع السيطرة والهيمنة على كل شيء وإلغاء الآخر الذي لا يقر بمعتقداتهم الإرهابية.
وشهدت الأيام الماضية معارك عنيفة حسمت لصالح الجيش واللجان الشعبية بقتل عشرات من عناصر تنظيم القاعدة في العديد من المدن خاصة مدينة لودر التي يحاول الإرهابيون السيطرة عليها دون جدوى.
ويثير توسع نشاط تنظيم القاعدة والمسمى بـ(أنصار الشريعة) في اليمن قلقاً سياسياً وشعبياً كبيراً خاصة في ظل الفراغ الأمني الذي تعيشه البلاد وعجز الجيش- حتى اللحظة- عن حسم المعارك الدائرة مع جماعة (أنصار الشريعة) التي تتخذ من محافظة أبين معقلاً لها ومحطة لانطلاق عملياتها الإرهابية.
مجلة العولقي
إلى ذلك لم يمنع موت رئيس تحرير مجلة تنظيم القاعدة في اليمن القائمين عليها من اصدار الطبعة التاسعة باللغة الانجليزية على الانترنت، وهي المجلة التي تحمل اسم (إنسباير) ويعني «الإلهام»، وجاء صدور العدد التاسع متزامناً مع الذكرى الأولى لاغتيال زعيم التنظيم أسامة بن لادن في مدينة أبوت أباد الباكستانية في أوائل مايو من العام الماضي.
وكان العولقي، وسمير خان الذي يعتقد على نطاق واسع أنه محرر المجلة، والمدون السابق من ولاية كارولينا الأمريكية قتلا في هجوم في سبتمبر العام الماضي في محافظة الجوف، وليس من الواضح لماذا تأخر نشر مقالاتهم إلى هذا التاريخ.
واعلنت المجلة كعادتها في مقالاتها التحدي باستمرار في نشر «أسوأ كوابيس أمريكا»، وبرز العولقي وهو يمني أمريكي ولد في نيومكسيكو، بوصفه واحداً من دعاة تنظيم القاعدة البارزين، أما سمير خان وهو باكستاني أمريكي، فقد اسس واخرج مجلة (إنسباير) التي تضمنت الأيديولوجيات المشتركة وتعاليم «القاعدة» التي تبرر الإرهاب، إضافة إلى أدلة مصورة حول كيفية «صنع قنبلة في مطبخ امك» و«التفجير بالتحكم عن بعد».
وتضمنت الطبعة التاسعة من المجلة النصيحة الأكثر تفصيلاً من رجل الدين المتطرف الراحل العولقي حول كيفية شن هجمات ضد الدول الغربية، ففي مقال من خمس صفحات بعنوان «استهداف سكان البلدان في حالة الحرب مع المسلمين» يبرر العولقي قتل النساء والأطفال إذا كانوا «بين المقاتلين» واستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، بالإضافة التفجيرات والهجمات بالأسلحة.
وأصبح تأثير العولقي- بحسب محللين- من خلال كتاباته في المجلة وأماكن اخرى واضحاً في عدة قضايا إرهابية في أوروبا والولايات المتحدة، ويقول العولقي انه: «لا ينبغي استهداف النساء والأطفال عمداً، لكن إذا كانوا من بين المقاتلين فإنه يجوز للمسلمين مهاجمتهم».
وتابع قائلاً: يجوز استهداف سكان البلدان التي هي في حالة حرب مع المسلمين من خلال التفجيرات أو الهجمات أو اطلاق النار أو اشكال اخرى من الهجمات التي تؤدي بشكل لايمكن تفاديه إلى وفاة غير المقاتلين».. وكتب العولقي في المجلة ان استمرار الجهاد له الأولوية عن كل اعتبار آخر، والهجمات بالسلاح مثل تلك التي شنها مسلحون باكستانيون ضد اهداف مدنية في مومباي عام 2008م كانت مشروعة، مضيفاً انه: «يجوز للمهاجم اطلاق النار عشوائىاً على الحشود»، وقتل أكثر من 150 شخصاً في هجوم استمر ثلاثة أيام حول فنادق واماكن اخرى في مومباي بالهند.
ويقول العولقي: «يجوز استخدام السموم من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية ضد المراكز السكانية، وهذا أمر يوصي به نظراً لتأثيره الشديد على العدو».. ثم يقتبس من علماء الدين تبرير مثل هذه الهجمات، ويخلص إلى أن: «أقوال العلماء تبين انه يجوز استخدام السموم وغيرها من أساليب القتل الجماعي ضد الكفار الذين هم في حالة حرب معنا».
وفي جزء آخر من المقال يتحدث العولقي عن حياته في أمريكا بعد هجمات سبتمبر 2001م ويقول: «إن 11 سبتمبر كان يوم الثلاثاء. وبحلول يوم الخميس كان مكتب التحقيقات الفيدرالي يطرق بابي».. وتابع ان «الأسئلة كانت تدور حول الهجمات.. كما زاروني مرة اخرى لكن هذه المرة كانوا يطلبون مني التعاون معهم، وهو أمر أوضحت لهم انهم لن يحصلوا عليه».
وظهرت مجلة «انسباير» للمرة الأولى على الانترنت في يوليو 2010م وعمدت على تجنيد المتطرفين المحتملين في الولايات المتحدة وأوروبا، وعمل محللوا الاستخبارات إلى دراسة مقالاتها وافتتاحياتها لإلقاء نظرة عن كثب على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي كان العولقي زعيمه الأيديولوجي والتنظيمي على حد سواء، وفقاً لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وثائق بن لادن
وعلى صعيد متصل نشرت «ويست بوينت» (الأكاديمية العسكرية- مركز مكافحة الإرهاب) على موقعها الخميس الماضي مجموعة مختارة من الوثائق التي قالت إنها اختارتها من الآلاف من الوثائق والملفات التي اخذتها من بيت زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن بعد مقتله العام الماضي.
وكشفت الوثائق ان بن لادن خطط لاغتيال باراك أوباما والجنرال ديفيد بترايوس، حيث كان قائد القوات الأمريكية في افغانستان، وأصدر أوامر بإنشاء وحدتين واحدة في باكستان والأخرى في قاعدة باغرام قرب كابول من استهداف الطائرات التي تحمل القادة الأمريكيين.
وكان بن لادن يعتقد أن قتل أوباما سيؤدي إلى صعود نائبه جوزيف بادن الذي يراه غير جاهز للمواجهة معه، كما أن مقتل بترايوس سيكون ضربة موجعة للجيش الأمريكي.
لكن بن لادن طلب عدم استهداف روبرت غيتنس وزير الدفاع، أو مايك مولين قائد هيئة الأركان المشتركة أو ريتشراد هوكبروك المبعوث الخاص لباكستان وافغانستان دون إبداء أي سبب.
وتظهر عدة وثائق أن بن لادن كان قلقاً من الخلافات داخل الحركة ومن «الاخطاء التي ارتكبت» أي قبل اشهر من مقتله..
كما تظهر بعض الوثائق مخاوفه من أن الحركة فقدت الكثير من شعبيتها في العالم الإسلامي بسبب الأخطاء التي ارتكبتها القيادات المحلية «الاخوة» في بلدان بما في ذلك اليمن والعراق، ولهذا كان بن لادن يحاول إعادة الحركة إلى مسارها الأول وأيديولوجيتها التي بدأت بها.
كما كان بن لادن يشعر بإحباط من هجمات جماعة القاعدة على المدنيين ومن المبادرات الإعلامية المتعجلة، وتردد هذه الحركات من تركيز جهودها لضرب أمريكا بدلاً من العمليات ذات الطابع المحلي.
وكشف عن 17 وثيقة في 175 صفحة ومؤرخة ما بين سبتمبر 2006م وأبريل 2011م، وارفقتها الحكومة الأمريكية التي تريد استثمار نجاحها في اغتيال بن لادن في الثاني من مايو 2011م بتقرير يقدم ملخصات لها، ويقول التقرير انه لاتوجد أي أدلة عن دعم واضح تلقته القاعدة من الحكومة الباكستانية.
وينظر للوثائق المختارة على أنها محاولة من إدارة أوباما جعل انجازاته في مجال مكافحة الإرهاب مركز حملته الانتخابية.. وتضم مجموعة الوثائق التي أخذتها من أبوت أباد حيث كان مسكن بن لادن 100 فلاش «درايفر» و«دي في دي»، إضافة إلى ذاكرة خمسة أجهزة كمبيوتر وآلاف الأوراق ومذكرات ورسائل احتفظ بها زعيم القاعدة.
|