إقبال علي عبدالله -
كلما اشاهد مجاميع من الشباب في بعض مديريات بعض المحافظات الجنوبية ومنها مدينة عدن، وهم يجوبون الشوارع حاملين أعلام ما كان يعرف بالجنوب قبل الوحدة المباركة التي تحققت في الثاني والعشرين من مايو 1990م ويرددون صرخات مطالبة بـ»عودة الانفصال» أي «تشطير الوطن شمالاً وجنوباً» - كلما أشاهد هذا المنظر المقرف والذي بدأ يتكرر كثيراً هذه الايام وخاصة منذ افتعال أحزاب اللقاء المشترك ومنها الحزب الاشتراكي الذي كان ابان التشطير يحكم المحافظات الجنوبية والشرقية.. هذا المنظر المتكرر لا يبعث في نفسي سوى الحسرة والندم على هؤلاء الشباب الذين لا يتجاوز أكبرهم العقد الثالث من العمر.. أي أنهم عند تحقيق الوحدة كانوا أطفالاً لا يعرفون كيف كان الوطن يعيش قبل الوحدة المباركة، كيف كانت الحياة تسير خاصة في المحافظات الجنوبية، وكيف كان الحزب الاشتراكي يحكم الجنوب بالحديد والنار وتكميم الأفواه !!
كل ما يعرفونه اليوم هو ترديد ما يملى عليهم من عناصر معروفة بحقدها على الوحدة ومنجزاتها العملاقة بل حقدهم الاعمى على محقق الوحدة وإعادة لحمة الوطن.. ولهذا ارتبطت شعارات هؤلاء الشباب المغدور بهم بشعار بدأ أولاً «ارحل» ثم امتد حسب طلب من يقودونهم ويمولونهم إلى «محاكمة الرئيس وعائلته».
إنني كلما أشاهد تجمعاً لهؤلاء الشباب الذين يدارون بالريموت كنترول أشعر بالحسرة والندم، على جهلهم بتاريخ وطنهم خاصة تاريخ وماضي المحافظات الجنوبية.. حسرة وندم على الضياع الذي يعيشونه اليوم وعدم ادراكهم بخطورة ما يرددونه من شعارات ويقومون به من أعمال أقل ما يمكن وصفها بـ» القذرة» لانها أعمال تخريبية تضر بالوطن والمواطنين .
إن تجمعات هؤلاء القلة من الشباب لا تخيفنا على الوحدة التي كشفت زيف من يقودون هؤلاء الشباب بانهم أول من دعا إلى الوحدة حتى تحققت وفقدوا مصالحهم في السيطرة على الجنوب وثرواته، انقلبوا بل شنوا صيف 1994م أي بعد أربعة أعوام فقط حرباً على الوحدة التي حماها الشعب كله بقيادة الزعيم علي عبدالله صالح.. لا خوف على الوحدة خاصة وأنها تحققت بإرادة شعبية وليس قيادات (الاشتراكي) خاصة الهاربة خارج الوطن.. لا خوف على وحدة كتب اسمها على كل شبر من أرض الوطن من صعدة إلى المهرة وصارت كالدم الجاري في الجسم.. لا خوف على الوحدة لان الزعيم ومعه ابناء الشعب أمنوها من اصدقائها قبل اعدائها.. لهذا لا خوف من المسيرات الطائشة التي تنطلق هنا وهناك تدعو الى الانفصال.. ولكن فقط علينا وفي المقدمة المؤتمر الشعبي العام حزب الاغلبية، مراجعة التعامل مع التعليم ومناهجه خاصة هذا التعليم الذي أفرز هذه النوعية من الشباب الجاهل بوطنه وتضحيات أجداده وآبائه.. شباب ما كان لهم أن يصرخوا اليوم لولا الحرية التي منحتها الوحدة لهم..
إن غياب المؤتمر الشعبي العام خاصة في عدد من مديريات المحافظات الجنوبية عن مثل هؤلاء الشباب وعدم الاحتكاك بهم هو السبب في ما وصلوا إليه من ضياع وفقدان التمييز بين ما هو وطن وبين المطالب المشروعة والحق في التعبير عنها..