نجيب علي -
يوم 22 مايو هذا العام صادف أول أيام شهر رجب، انه لا يذكرنا بدنو رمضان الكريم بقدر ما يشير إلى ما حصل في أول جمعة له العام الماضي.. إذ تم استهدaاف حياة رئيس الجمهورية -حينها- الزعيم علي عبدالله صالح وكبار مسئولي الدولة عبر زرع وتوجيه (11) عبوة ناسفة وقذيفة إلى جامع النهدين في دار الرئاسة وفي وقت واحد اثناء تأدية صلاة الجمعة.
الجريمة كانت محاولة إبادة جماعية لقيادات الدولة والمؤتمر الشعبي العام، فجعت قلوب المواطنين ولاقت استنكارهم واستياءهم من المتورطين في التخطيط والتمويل والتنفيذ واحتفاءهم بسلامة الرئيس علي عبدالله صالح والمصلين في المسجد بفضل الله المنعم على عباده بالصحة والعافية.
إعلام أحزاب اللقاء المشترك كان أول من أعلن وفاة الجميع في النهدين دار الرئاسة وحقق السبق في ذلك قبل ساعة من وقوع الانفجارات وتصاعد الدخان.
تناسينا الالتزام والاعتراف بحقوق الملكية لإعلام المشترك وملكية اسلحة التفجير لبعض قياداته ومازلنا نسخر من جهود تمويهها وتمييعها لملف القضية، لا تعتبرها جريمة غير مسبوقة في تاريخ اليمن وإنما مجرد حادثة وكأن الأمر لا يتعدى انفجار اسطوانة غاز منزلي في مسجد النهدين، لطالما تم الاعلان والتوعية حول مخاطر هذا النوع من الاهمال، والدليل ان 9 شرائح سبأفون استخدمت للاتصال بخطيب الجامع لتنبيهه بضرورة احكام اغلاق اسطوانة الغاز قبل الصعود إلى المنبر.
جهابذة قيادات المشترك لم تلتزم بسيناريو جريمة أول جمعة رجب من ناحية القول فقط وحرصت بأنها ليست غبية إلى حد الجنون، فبالتأكيد هي جريمة بشعة كتب لها الفشل في اغتيال رئيس الجمهورية وهو نفسه الذي دبر كل ذلك لكسب تعاطف الشعب، لكن الشعب تعاطف مع قيادات المشترك لأن حماقاتها اصبحت مستعصية ولا يمكن علاجها.
يفتخر الشعب اليمني بنفسه وتاريخه وان اليمنيين أول من دخلوا الإسلام في جمعة رجب وتفردوا عن غيرهم بحقيقة تحدث عنها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم «الإيمان يمان والحكمة يمانية»..
نهمس في آذان الانقلابيين إضافة إلى ذلك بأن إفهام من لا يفهم حرام.. حكمة اليمنيين هي التي اسقطت المؤامرات الشرسة والمتعددة الجوانب للاستيلاء على السلطة وتقاسمها فيما بين تجار الدماء والدمار والحروب عقب جريمة النهدين في دار الرئاسة وانتقال الرئيس وكبار المسئولين إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج.
حكمة الشعب اليمني منعت جرائم عدة قبل وقوعها، رغم أن الفرصة كانت سانحة أمام اعداء اليمن، إلاّ أن الشعب ظل صامداً وواقفاً إلى جانب زعيمه علي عبداله صالح في غيابه وفي وجه أولئك المتآمرين.
تراب الفتنة
ذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.. تأتي في ضوء معطيات جديدة فرضت وجودها على أرض الواقع تأسف لموت وبروز طوفان الأنانية في الحياة وانعكست تأثيراتها على كل ما يحيط بنا.. في الزمن.. عام ونصف تأزمت وتنفرج الآن ببطء ممل لا مبرر له.
في الحظ السيئ تتقدم صنعاء على بقية المدن اليمنية في الترتيب، صحيح أن رغبة المواطن في الحياة حراً كريماً متساوياً مع غيره أياً كان في الحقوق والواجبات ومستنداً إلى دولة النظام والقانون - تغلبت على مئات الأعمال القذرة والممارسات الإجرامية لاجباره على التخلي عن هذه المبادئ السامية والدستورية.
اغلب المواطنين أعادوا تصليح منازلهم التي تضررت وسدوا فراغات قاتلة احدثتها طلقات الرصاص على الشبابيك والجدران وشيعوا جثامين شهداء لهم عزيزين على قلوبهم ساهمت أياديهم في دفنهم وتماسكت في إهالة التراب على عيون فتنة لا يمكنها أن تستيقظ وقد كانت على وشك.
خرجت اليمن من الأزمة بالاتفاق على تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة، وها هو المؤتمر الشعبي العام يشد على أيادي كل الشرفاء من أبناء الوطن الواحد الموحد ويدعوهم لتوحيد طاقاتهم واطلاقها في جهود البناء والتعمير والمحبة والتسامح بدلاً من اطلاق الرصاص والتخريب..
علينا مغادرة التجبر والتمترس في خندق العداء وإزالة المتاريس ونقاط التقطع والتفتيش ومحو خطوط الانقسام الوهمية في شوارعنا وتوافقنا الوطني وايقاف آلة نشر ثقافة الحقد والكراهية والتعبئة المحرضة على استمرار العنف والفوضى في أوساط المجتمع اليمني.
وعلينا الوفاء للشهداء والحرص بمحاكمة المجرمين وفقاً لردع من تسول لهم أنفسهم استمرار قتل النفس التي حرم الله.. وفي الأخير نؤكد أنه لا تفريط بالدماء مهما كان التجبر والارهاب.