< أحمد مهدي سالم -
< أحسبُ أنَّ معارضتنا اليمنية لم تستوعب مضمون المثل الروسي القائل: «إذا أعطيت الأحمق خنجراً أصبحت مجرماً»؛ وإلا لما وضعت أسلحة الموت في أيدي كثير من المتخلفين ثقافياً وحضارياً، وربما قرأت جيداً من بلد كرستيانو رونالدو والسن كويك المثل الذي يقول: «عندما تتكلم النقود.. يصمت كل شيء».
مقروناً مع البيت العربي الشهير:
هي اللسان لمن أراد فصاحةً
وهي السلاح لمن أراد قتالاً
فضخّت إلى الشوارع والحارات، مليارات الريالات لتنفيذ أجندتها الخاصة، ولتصنع لها ممرات آمنة الى بوابات السلطة الفارهة مهما كانت جسامة التضحيات، وأياً كانت فظاعة التخريبات وقوة التشظيات على أكثر من صعيد.
اليوم تتقاذفنا حزمة من الأزمات الجديدة المستعصية التي أُضيفت الى الأزمات السابقة، فأثقلت كاهل المواطن الذي أصبح وجعه وجعين، وصار القلب في نارين ولا وين أنا لاوين كما قال الفنان اللحجي.
لندع المكابرة واصطناع التضليل ولنعترف أن حركات التغيير لم تسفر سوى عن مزيدٍ من التدمير.. الاوضاع سيئة، والثورة بحاجة الى ثورة أو هذه الثورة تحتاج الى جبهة إنقاذ بثورة أخرى، وأحياناً نسمعهم يحذرون من انفجار الثورة المضادة.. والله كأننا في حلبة ثيران، صار هناك هوس بالدماء، وقطرة دم بريئة طاهرة.. تسقط أمامها ملايين الدولارات لو كانوا يفهمون ولاحظوا أننا لم نستشهدْ بحرمةِ الكعبة حتى لانحرج المتفيقهين، وتباً لسلطةٍ دينيوية زائلة.. جسر الوصول اليها.. مصنوع من جماجم الضحايا مصبوغة بألوان حمراء ونقوشٍ أرجوانية.
وبعد ما سميت ثورات الربيع العربي، وما هو بربيع.. لم تشهد بلدانها «ليبيا، مصر، اليمن، سوريا» انفلاتات أمنية فحسب بل مروقات أخلاقية، واختراقات قيمية، وكوارث اقتصادية، وأزمات اجتماعية، وصراعات أثنية وصدامات عرقية، وأحياناً مساساً بمحرمات أو مقدسات، أو أشياء ثابتة في بنيان الوعي الجمعي، وذلك عبر الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية، ومن خلال الصحافة الالكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي التي معها مئات المدونين، صحفيين مقتحمين بلاط صاحبة الجلالة، مستفزين وعي المتابع - المواطن البسيط بإفرازاتهم النتنة والقبيحة الا ما ندر، و«إذا كثرت الديوك .. عطل الصبح»، وضاعت الحقيقة، وعمي عن الصواب باختلاق معارك هرائية وهمية لصرف الانظار عن القضايا الحساسة ذات الصلة بمعيشة المواطن الذي لا يهمهم سوى هتافه أو دمائه، أو اعتصامه في الميادين أو رميه في الزنازين.
قسماً لن نتنازل عن دمك يا شهيد، نعاهدك أننا عن دربك لن نحيد، لابد من تنفيذ الأهداف التي ... الشهيد، لن نخون دماء الشهداء، حتى تتحقق كل الاهداف.. الخ.
هذه نماذج من شعارات أو مقولات..يزايد بها البعض لتحسين شروط التفاوض، أما الدماء التي سالت فهي دماءٌ طاهرة زكية سفكت في سبيل هدف سامٍ، وإن دُفع ببعضهم دفعاً الى مجالها لكن الكثيرين ينتقدون المتاجرة بها، والمبالغة وفرض التعجيز.. بهدف الانقضاض على كل الوطن والثروة والسيادة باسم الشهداء مع إهمال لأسرهم وأولادهم، أو اسقاطٍ لهم الفتات مقابل الاستئثار بالمليارات، وقد يصبح الشهداء في مواضيع يصرفون فيها على المقاولين الأحياء.
لقطات
< خلال عام وقليل.. تجرع المواطن اليمني من الويلات أكثر مما يتلقاه الطبل ليلة العرس.
< بالنسبة لهم.. المبادرة تسعى إلى التحسين من الأوضاع، وليس تحصين اليمن من الأوجاع، وتجفيف بؤر الصراع.
< تعجبني قناة «العالم» عندما تقلق وتنزعج وتحذر من «مخاطر التدخلات الأجنبية في اليمن»!! قيل: يكاد المريبُ يقول خذوني.. هنا مؤكد، وليس يكاد.
< في معظم بلدان الضاد: الانتخابات القادمة.. مزورة.. طيب.. كيف حكمت عليها مع وجود مراقبة محلية وعربية ودولية؟! نعم إنها مزورة في حالة فشلك.
< قال أحد المحللين اليمنيين: إن تاريخ اليمن كله إقصاء في إقصاء، وأضيف له: وأيضاً إخصاء في إخصاء.
< بشائر نجاح جميلة لخطوات منتصرة متعقلةٍ لمحافظ أبين الجديد.
< ليس الإشكال أن الخطر قادم، بل الإشكال أنه قائم، وعلى الرؤوس.. حائم.
آخر الكلام
بزينبَ الممْ قبلَ أن يرحلَ الرَّكبُ
وقلْ إنْ تملِّينا فما ملَّكِ القلبُ