امين الوائلي -
أن يذهب وزير ويأتي آخر، فتلك مسألة روتينية وعادية، تشبه ذهاب ومجيئ أشياء أخرى، دون ضجيج أو استثنائية تذكر: الليل والنهار، الأيام والأشهر والسنوات.. الخ. المهم في حالات كهذه هو: ما الذي تركه الوزير السابق، وما الذي يحمله الوزير الجديد. > وفي يقيني أنه يجدر بالوزيرين السابق واللاحق في هذه الأثناء، التفكير العميق في معنى ودلالة الوضع الجديد: على الأول أن يحدِّث بنعمة الله عليه، في تخليصه- أخيراً- من جسامة البلاء وأمانة المسئولية التي ناءت بها السموات والأرض والجبال، وحملها الإنسان.. »ظلوماً جهولاً«. وعلى الثاني التفكر في حجم وجسامة »الورطة« التي قادته إليها المقادير وامتحانات الأيام والشهور، وبالتالي التأهب لأداء الأمانة، بما يخلَّد له ذكراً حسناً يبقى في الناس بعد أن يغادر الوزارة- والحياة بكل تأكيد- ويشار إليه بـ»الوزير السابق«. > الجميع يؤكد ويردد: إنها أمانة، وإنها مغرم لامغنم.. والجميع- تقريباً- يسعى إليها ويطلبها لنفسه، بالحال وبالقال.. وأيضاً بالاتصالات الهاتفية والوساطات و»قوارير السمن والعسل البلدي« والقات الهمداني والعيدان »الضلاعيات« الحسان!! ولايكاد أحدهم يتذكر، أو يفهم، معنى »إنها مغرم« إلاَّ عشية مغادرته المكتب الوثير والكرسي الدَّوار، حين يكون آخر ينتظر عند الباب ليأخذ محله، ويبدأ بدوره رحلة »المغرم« التي تختلط، غالباً، بالمغانم وأشياء أخرى- قصداً أو سهواً! لا أفهم، لماذا يحنق البعض إذا غادر المنصب، وكأنه نسي أن من جاء قبله غادره ليحل هو فيه.. والجميع مغادرون، في النهاية، ليس من المناصب فحسب.. بل ومن الدنيا بأجمعها: »كلُّ ابن أُنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلةٍ حدباءَ محمولُ« > وإذا كانت المسئولية والأمانة، هي هي.. في سائر المناصب والوزارات والوظائف والمسميات الإدارية والفنية.. فإن المرء على قدم المساواة في أيها حل أو ارتحل.. والشخص المسئول.. بين خيارين، دائماً، وعند أية وظيفة أو مسمى: إما أن ينجح أو يجمح.. والذي يؤمن بالنظام والقانون، سوف يلتزم إيمانه ذاك، سلوكاً، سواءً في وزارة »السمك« أو وزارة »الكرة« أو »الزلط« أقصد أنه »مافيش فرق«.. أليس كذلك؟! > أما نحن.. سندعو للجميع بأن يجوز الامتحان وينجح في اختبار الأمانة والمسئولية.. ونذكِّر أصحاب المعالي الوزراء- الجدد- بألاينسوا، للحظة واحدة خلال فترة وزارتهم الحالية، أنهم الآن »وزراء«، وغداً.. أو بعد غد لن يعودوا كذلك، بل »الوزراء- سابقاً«.. وها نحن نتطوع- مجاناً.. ولوجه الله- بتذكيرهم بإحدى العشايا اللواتي سوف يغمرهم شعور بالرهبة والحزن، وربما التحسر، مع صدور قرار جديد بتشكيل حكومة جديدة.. عندها تقفز إلى الذهن والواجهة تلك الجملة المؤدبة »مغرم.. لا مغنم«.. فتذكروها الآن.. خير لكم، ولنا، وللوطن. > هناك فساد، ينبغي محاربته ومكافحة أفراده وأشكاله وفواحشه.. وقد وجه رئىس الجمهورية الوزارة الجديدة في اجتماعها الأول بأن تشن »حرباً شعواء« ضد الفساد والمفسدين.. والظن الحسن يجبرنا على افتراض أن الجميع- من الوزراء ورئيسهم- قد فهموا الرسالة.. وننتظر منهم ما يصدِّق، أو يكذِّب، صحة الفهم من عدمه.. والله يمهل ولايهمل. شكراً لأنكم تبتسمون