حاوره: عارف الشرجبي -
أكد المحامي محمد سيف الشرجبي أن جريمة جامع دار الرئاسة تعد من الجرائم الدولية التي يجوز إحالتها الى القضاء الدولي.
وقال في حوار مع «الميثاق» إن القضاء اليمني أثبت عجزه حتى الآن عن تحقيق أي قدر للعدالة في هذه القضية، وأنها مازالت تراوح في دهاليز القضاء دون تقدم وهو ما يعطي لأولياء الدم والمجني عليهم الحق في طلب إحالتها الى محكمة الجنايات الدولية لضمان الحصول على حقهم القانوني في محاكمة الجناة الذين يتعذر على القضاء الوطني إحضارهم ومحاكمتهم كونهم من الشخصيات النافذة.ودعا المستشار محمد سيف الأطراف السياسية للبدء في الحوار بهدف تحقيق أعلى قدر من المصلحة للوطن..
< بداية كيف تقرأ المشهد السياسي على ضوء الإعداد والتحضير للحوار الوطني؟
- الحوار الوطني يعد ضرورة وطنية ملحة ولابد أن يتم بين كافة الاطراف والقوى السياسية دون استثناء وإن كنت أرى أن المشهد السياسي يعتوره نوع من الضبابية وأن هناك سحباً سوداء في سماء الوطن ومع ذلك أجزم أن حكمة اليمنيين سوف تتغلب وتنتصر وتنقشع تلك السحب، إذا كان الحوار سيكون تحت سقف الوحدة وبعيداً عن أي شروط مسبقة، أما إذا كان هناك من يريد الدخول في الحوار وفقاً لقناعات وشروط مسبقة، فإن تلك السحب ستظل تلبد سماء الوطن..
نحن مع الحوار الوطني وعلى كافة الاطراف الاسهام الجاد في إنجاح الحوار للخروج من هذه الأزمة الطاحنة التي تكاد تعصف بالوطن على أكثر من صعيد..
إعاقة للحوار!
> هل تعتقد أن الاشتراطات التي تطرحها بعض الأحزاب ستعيق الحوار؟
- بكل تأكيد الاشتراطات المسبقة من بعض القوى السياسية ستعيق الحوار وخاصة إذا كانت تنطلق من منظور شمال وجنوب أو لها أجندة مذهبية ومناطقية فسوف تعيق الحوار بشكل كبير.. فمثل هذه الشروط اعتقد أنها تهدف الى إفشال الحوار بل وسوف تعصف بالوطن أكثر من أزمة.. الوطنيون يفهمون أن الحوار هو من أجل انقاذ الوطن وتقديم التنازلات من أجله والحوار هو أن يأتي المتحاورون ويضعون قضاياهم ورؤاهم على طاولة واحدة ليتمكن الجميع من حلحلة الوضع والعمل على حل أية قضايا سواء المشاكل التي تطرح من قبل البعض في المحافظات الجنوبية والشرقية أو التي تطرح من معارضة الخارج أو غير ذلك.. واعتقد أن الحوار لن يقتصر على حل القضايا السياسية إنما حل كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمظالم من أية جهة أو طرف من الاطراف في الساحة.. واتصور أن كافة الاطراف ستكون في خندق واحد وعليهم ان يتحملوا المسؤولية الوطنية في معالجة الاخطاء التي رافقت الفترة الماضية.. إن وضع الوطن والمواطن لا يحتمل مزيداً من الاعباء والمشاكل ولذلك أدعو كافة الاطراف الابتعاد عن المناكفات والمماحكات السياسية والمصالح الحزبية الضيقة، بل العمل على تحقيق المصالح العليا للوطن وفي مقدمتها تحقيق الامن والاستقرار والسكينة العامة.
< هناك من يطرح ضرورة الحوار مع الجماعات الارهابية.. كيف ترى ذلك؟
- هذا الطرح- من وجهة نظري- لا يتوافق مع المعطيات التي لمسناها خلال الفترة الاخيرة، وهذا الطرح سمعته من الاخ عبدالوهاب الآنسي أمين عام حزب الاصلاح عندما قال- مؤخراً- بأن الحوار مفتوح مع الجميع بما فيه تنظيم القاعدة شرط تخليه عن السلاح كما قال: وأنا أتساءل هنا.. كيف نتحاور مع من سفكت يديه دماء الابرياء من أفراد الجيش والأمن وعامة الشعب وهل يعني قول الاخ عبدالوهاب الآنسي أن الحوار يجُب ما قبله.. أم أنه تغافل بأن الاعمال الارهابية مجرمة قانوناً وأن من ارتكب تلك الافعال لابد أن يحاكم ويقتص منه تنفيذاً لقوله تعالى: «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب» اعتقد أن ما طرحه الاخ الآنسي هو زلة لسان فقط لأنه يدرك تماماً أن الارهاب لا دين له ولا وطن ولا يمكن اعتبار تلك الدماء الزكية التي سفكت جزءاً من الماضي كما أني لا اعتقد أن من ارتكب تلك الاعمال الاجرامية يمكن أن يستفيد من قانون العدالة الانتقالية المطروح على فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، أما شرط التخلي عن السلاح من قبل عناصر القاعدة للدخول في الحوار ليس كافياً ما لم يكن مصاحباً له اعتراف من القاعدة أو ما يسمى بأنصار الشريعة في أبين يندرج تحت طائلة القانون الدولي باعتبار تلك الجرائم جرائم دولية، ناهيك عن انها مست أمن المجتمع اليمني والمؤمنين بشكل عام، فكل ما كانت الجريمة تمس أمن المجتمع فإنها تندرج تحت طائلة القانون والمساءلة الدولية.. فالجرائم المرتكبة من قبل تنظيم القاعدة في أية دولة تعطي الحق لمحكمة الجنايات الدولية محاكمة مرتكبي تلك الجرائم بدليل أن الكثير من قادة تنظيم القاعدة مطلوبون دولياً، إضافة الى أن تنظيم القاعدة أخذ في انتشاره وجرائمه طابعاً دولياً، وبالتالي فإن أي فعل يُرتكب منها يكون قد مس أمن المجتمع الدولي.
المثول أمام القضاء
< لماذا في تصورك يريد البعض إدخال القاعدة في الحوار المرتقب؟
- بالتأكيد الجميع يهدف الى إيجاد الامن والاستقرار للوطن ويستشعرون المسؤولية تجاه ذلك لكن كان يفترض على من يدعون لذلك ان يتحاوروا مع القاعدة ويقنعونها بالاعتراف بالأخطاء والندم على ما ارتكبوه من تلك الجرائم ويتعهدوا بترك السلاح وعدم الخروج على القانون واستعدادهم المثول أمام القضاء.. في هذه الحالة يمكن النظر في مسألة الحوار من عدمه شرط أن لا يكون في صفوف القاعدة التي تقاتل في بلادنا أي عنصر أجنبي ويترافق مع ذلك قيام القاعدة بتسليم العناصر الاجنبية للقضاء والسلطات اليمنية المختصة للنظر في أمرهم.
< منذ أكثر من عام وجريمة جامع دار الرئاسة تراوح في دهاليز القضاء ولم يبت فيها حتى الآن.. لماذا في تصورك؟
- حقيقة القضاء اليمني يمر في مرحلة عصيبة مثله مثل بقية المؤسسات الاخرى في الدولة، وباعتبار جريمة دار الرئاسة ذات طابع دولي والكشف عن خيوطها بالكامل سيمس بالكثير من الشخصيات النافذة في بلادنا وطالما أن القضاء اليمني يمر بظروف عصيبة يجب علينا أن نعترف بأن جزءاً من هذا القضاء يقع تحت تأثير العديد من المتنفذين ولذا ظلت هذه القضية تراوح مكانها في دهاليز القضاء دون البت فيها، ولذا لابد من الاشارة الى أن من حق المجني عليهم أن يختاروا بديلاً آخراً لتحريك تلك القضية وهو اللجوء للقضاء الدولي باعتبار ان القضاء الدولي لا يستطيع أن ينظر القضية الا في حال تقاعس القضاء الوطني عن تقديم الجناة للعدالة أو ان القضاء الوطني غير قادر على اكتشاف مرتكبي الجريمة كونها تحتاج الى تقنيات وقدرات كبيرة وحديثة وكما حدث في جريمة الحريري في لبنان، والثابت أن القضاء الوطني إما أن يكون قد تقاعس أو غير قادر على تقديم الجناة للعدالة لعدم امتلاكه للتقنيات لمعرفة مرتكبي الفعل الاجرامي وفي هذه الحالة فإن محاميي المجني عليهم هم من لديهم القدرة على معرفة هل يمكن السير في القضية في بلادنا أو طلب إحالة الامر الى القضاء الدولي.. ولذا على فريق الادعاء المكلف بمتابعة الترافع في هذه القضية بضرورة عقد مؤتمر صحفي دوري ليبينوا الحقيقة للشعب اليمني كون جريمة دار الرئاسة لا ينحصر ضررها على المجني عليهم، بل يمتد الى كل مواطن يمني ولذا فمن حق المواطن معرفة مسار هذه القضية والى أين وصلت حتى لا تضيع في دهاليز القضاء أو يطويها النسيان.
جريمة ذات طابع دولي
< قد يقول البعض ان اليمن ليست موقّعة على اتفاقية إنشاء محكمة الجنايات الدولية وانه ليس من حقها رفع القضية اليها.. فكيف ترد على ذلك؟
- سواء أكنا موقعين أو غير موقعين على إنشاء محكمة الجنايات الدولية فإنه يحق لنا رفع القضية الى القضاء الدولي لأننا نعرف أن جريمة دار الرئاسة ذات طابع دولي وأن مرتكب ذلك الفعل يقع تحت طائلة القانون والمساءلة الدولية ومن ثم من حق المجني عليهم إذا تقاعس القضاء الوطني عن تقديم المتهمين للعدالة الوطنية أن يتقدموا بطلب رفع القضية الى محكمة الجنايات الدولية، بل إن من حق القضاء اليمني إن عجز عن اكتشاف الفاعل والأداة المستخدمة في الجريمة ان يطلب المساعدة الدولية من أجل الوصول الى حقيقة كيفية ارتكاب ذلك الفعل وتقديم الجناة للعدالة الدولية وخير شاهد على ذلك ما حدث في جريمة اغتيال رفيق الحريري.
< كيف تنظر لعملية الاقصاء المستمرة من قبل بعض أطراف حكومة الوفاق لكوادر المؤتمر في العديد من المؤسسات والوزارات وهل ذلك يقع ضمن المبادرة؟
- مسألة الإقصاء مرفوضة شكلاً ومضموناً، لأن الإقصاء استحواذ طرف على الحكم ومفاصل الدولة، وثانياً أننا في مرحلة انتقالية مدتها عامان يجب أن تظل الامور على ما هي عليه ولا داعي لأي إقصاء.. وما يحصل من إقصاءات يعد خروجاً على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة.. وهذه المبادرة والآلية تتضمن تشكيل حكومة وفاق وطني لتسيير أمور الدولة ولم تعطِ المبادرة الحق للحكومة بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة أو الإقصاء مطلقاً بالمحاصصة والشراكة.. المبادرة أكدت فقط على المناصب الوزارية دون غيرها، وهي واضحة ولا لبس فيها، لذلك تعمل بعض الاحزاب للخروج بمظاهرات أو ما يسمى «ثورة المؤسسات» لتشرعن لنفسها عملية الإقصاء والإحلال وهذا بالفعل يجب أن يرفض من كل القوى الوطنية والاحزاب لأنه خروج على مبدأ الوفاق والتوافق وعن المبادرة وآليتها المزمنة.
خطاب متشنج
< لوحظ أن الخطاب السياسي والاعلامي لبعض أعضاء المشترك في الحكومة متشنج ولا يحمل أية دلالة للوفاق.. ما خطورة ذلك؟
-هذا الخطاب في حقيقة الامر لمسناه من بعض القيادات في المشترك ولا يعبر بالضرورة عن رؤية أحزابها لأن ذلك الخطاب المتشنج لا يخدم الوطن بل إنه يؤجج الصراع والأزمة ويخرج على روح المبادرة والوفاق الوطني.
< أشار فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي مؤخراً الى انفلات الاعلام الرسمي ووجه بترشيده .. هل لاحظتم أن الاعلام التزم بتلك التعليمات أم لا؟
- المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية يمتاز كما سمعنا عنه أنه هادئ الطبع ويعلم جيداً أن الخطاب المتشنج من أي طرف لابد أن يجر البلد الى ما لا يحمد عقباه، لذلك وجه بالتهدئة لأن تحقيق الاهداف التي تخدم الوطن لا يمكن أن تتحقق من خلال الخطاب المأزوم بل من خلال الحوار الهادئ والبنّاء الذي تغلب فيه المصلحة الوطنية، فأصحاب الخطابات المتشنجة يهدفون الى إثارة الفوضى ومن ثم تحقيق مصالحهم على حساب الوطن ولو فكر كل متشنج بمصلحة الوطن ولو للحظة وغلّب مصلحة الوطن لارتد على عقبيه، وأنا أؤكد أن الشعب اليمني لن يغفر لأي من تلك القيادات التي تريد استمرار الاحتراب والاقتتال، بل إن التاريخ سوف يحاكم أولئك وسيكون الحكم قاسياً والمسار عسيراً، وعلى ضوء ذلك أدعو الاعلام الرسمي للتهدئة كونه إعلاماً ملكاً لكل أبناء الشعب وليس ملكاً لهذا الطرف أو ذلك ولابد أن اشير الى أن الاعلام الحزبي والاهلي هو الآخر- كما يبدو لي متشنجاً ولابد أن يراجع القائمون عليه أنفسهم ويسعون للتهدئة ولا مانع من الشفافية وتناول أوجه الفساد بحيادية باعتبار أن الفساد أمراً واقعاً وملموساً ولا يمكن إنكاره، على شرط أن يكون تناول القضايا يهدف لتحقيق المصلحة الوطنية ولا يستهدف أحداً أو إثارة أية نزعات وغيرها.
قوانين نافذة
< يطرح البعض ان المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية قد عطلت الدستور وجعلت اتخاذ القرارات توافقياً بما فيه التصويت على مشاريع القوانين التي لا تتعلق بتنفيذ المبادرة .. كيف ترى ذلك من ناحية قانونية؟
- ما سارت عليه الأمور منذ التوقيع على المبادرة وآليتها التنفيذية سواء فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية أو فيما يتعلق بتنفيذ المبادرة يمكن القبول بعملية التوافق وعدم إخضاعه للقوانين وأي تعارض بين ما ورد في المبادرة وبين القوانين النافذة فيؤخذ بما ورد في المبادرة كانتخابات الرئاسة.
وما عدا ذلك فإني أجزم وأؤكد أن الدستور اليمني والقوانين الوطنية النافذة مازالت سارية ويجب التقيد بها وتنفيذها، ومسألة التصويت في البرلمان على مشروع أي قانون لا يتعلق بتنفيذ المبادرة ويجب ألاّ يأخذ الشكل التوافقي على الاطلاق، فالتوافق منحصر فقط فيما ورد في المبادرة والآلية الخاصة بها.
< باعتبارك أحد ناشطي منظمات المجتمع المدني.. ماذا تتمنى على مؤتمر الحوار الوطني القادم؟
- أتمنى أن يضع المتحاورون مصلحة الوطن نصب أعينهم وأن يكون الحوار الوطني تحت سقف الوحدة الوطنية.. ولو كنت متحاوراً معهم لطرحت فكرة تقسيم اليمن الى خمسة أقاليم تتمتع بحكم محلي واسع الصلاحيات بعيداً عن أي مشاريع تجزئة أو صغيرة لتظل اليمن موحدة وعاصمتها صنعاء العاصمة السياسية ومدينة عدن عاصمة اقتصادية، فهذا من وجهة نظري هو المخرج الأمثل والذي يمكن له قطع الطريق على أصحاب المشاريع الصغيرة.
حوار بلا شروط
< أشرت الى ضرورة أن يكون الحوار بدون شروط في الوقت الذي يضع البعض شروطاً تمس وحدة الوطن للدخول في الحوار.. ما ردك عليهم؟
- لابد أن يكون الحوار بدون أي شروط والا كيف نسميه حواراً وان كنت تقصد من سؤالك من يشترط فك الارتباط للدخول في الحوار، فأنا أرى من وجهة نظري يجب أن يرفض بشكل قاطع، وهذا الطرح جاء على لسان علي سالم البيض الذي صمت دهراً ونطق كفراً وطرحه هذا يتعارض مع كل أبناء الشعب في عموم المحافظات ومن ينادي بفك الارتباط فقد تجرد من الوطنية لأنه لم يعد ينظر للوحدة اليمنية التي ضحينا من أجلها بآلاف الشهداء والجرحى، أما الذين يضعون شروطاً أخرى لا تمس الوحدة فيمكن القبول بها وعلينا السماع له والحوار معه لأن حراكه ومطالبه مشروعة في سبيل تحقيق مصالحه أو رد مظالمه التي حدثت خلال مسيرة الوحدة، وهنا لابد من رد المظالم سواء في الارض التي نهبت أو إعادة بعض الكوادر التي اقصيت وهي قادرة على العمل لصالح الوطن وهذا حق مشروع وان كان الكثير من أبناء الشعب في كل المحافظات يعانون من المظالم والتهميش والاقصاء الا أن ما حدث لأبناء المحافظات الجنوبية كان ملفتاً وتجاوز حدود العدالة، والقاعدة الفقهية تقول: إن المساواة في الظلم عدل.. ولذا علينا أن نفرق بين من يطالب بفك الارتباط ومن ينادي بإعادة الحقوق ولابد من المساواة في توزيع المناصب وغيرها من كل المحافظات وليس البعض هذا إذا كنا نريد لليمن الاستقرار والامن والسكينة.