أمين الوائلي -
< يحاول البعض أن يجد له وظيفة ما، تبقيه قريباً من السطح حاضراً في أفق الرؤية.. حتى لو اضطره الأمر إلى العمل- كنائحة مستأجرة، حيناً، وحيناً »قُفَّازاً« خشنة توزِّع أذاها وفُحشها، نيابة عن آخرين، في كل اتجاه.. وتتفاوت الحِدَّة والجرأة في فحش القول وفساد المقصد، بتفاوت المقامات المستهدفة، أو الضحايا المحتملين- كما تتفاوت، أيضاً، تبعاً لتفاوت ونوعية الحافز أو الدافع..
> ناهيك عن حسابات شخصية بحتة، واحباطات ومرارات ذاتية متراكمة.. تتراكب في صورة أحقاد وعُقد على نسيج الشخصية، وتحمَّل أشخاصاً بعينهم المسئولية عما آلت إليه من انكسار وبطالة مقنعة.. وفي أول مناسبة تسنح أمامهما، تبادر إلى تلويث البيئة بعوادم القرف والنفاق والتملق، وأشكال مختلفة من البذاءة والإفك الرخيص، وإن ظهر مغلَّفاً بالدعاوي العريضة والإدعاءات التي تتمسَّح بالأخلاق والوطنية وجوع الرعيَّة.
> بات رائجاً، بصورة ملحوظة، أن من لاعمل له، ويبحث عن أقصر طريق لبلوغ مطمع أو غاية في نفسه- الأمارة بالفجور والجور- فإنه أسرع، وأسهل، ما يتحول إلى »شتَّام« يعرض خدماته على كل عابر طريق، أو قاطع طريق، أو منخذل في الطريق.
> وقد رضي هذا البعضُ لنفسه أن ينحدر مع الأيام.. حتى لم يعد يحجزه شيء من حرمة أو احترام أو تعفف أو نظافة يد ولسان عن الوقوع في الأعراض والحرمات، والإيغال في البذاءة، ومحاكمة شخوص ومقامات ووظائف واعتبارات الأفراد، على أساس استعدائي بحت وادعائي محظ.
> وفي الغالب الأعم هناك طبع يغلب التطبُّع، وهناك خذلان ثقيل يتمظهر- تالياً- في أشكال فاحشة من القول والعمل.. وليس التفرغ للشتم والقذف والتقذيع إلاَّ واحدة من مفاسد البطالة والهوى.. ونتائج اليأس عن بلوغ مطمع في النفس للاستحواذ على وظيفة ما- تُدرُّ غِلَّة وتشفي الغُلَّة- وهكذا يتحول اليأس أو الخذلان إلى بطولة كرتونية مزيّفة.. تروِّج للذات وتبحث لنفسها عن موضع قدم- ولو من باب اكتفاء الشر واتقاء السفهاء- عبر التشهير والاسفاف والإسراف في الانحطاط بلغة الرأي والخطاب إلى حد الغثيان.
> لن يعجزك البحث، أو العثور على من يأخذ لنفسه جانباً من الطريق.. ثم هو يلقي الحجارة على العابرين.. ولا مشكلة لدى زُرَّاع المكيدة أن يستخدموا كل وسيلة وسلاح غير مشروع ولا أخلاقي: التكفير، التفسيق، التخوين، وما إلى هنالك من أساليب الدس والنميمة والتهالك على العداوة وفجور الخصومة.. مقابل انتفاخ كذاب في تزكية الذات واستدرار عطف وإعجاب البسطاء، وأبعد من ذلك استدرار عطية ما، من جهة ما، تكون كافية لاشباع النهم وإسكات الفحيح (..)
> البعض، لايفهم في السياسة وشئون الدولة والحكم إلا كما يفهم الجائع النهم كيف يخدع الجميع للحصول على شيء من خيرات المائدة! وأغبى الغباء أن يعتقد المرء- الشتَّام- أنه قادر، بطريقة ما، على تخريب الثقة وإفساد العلاقة وزراعة المكيدة بين رجال الدولة ورموز الحكم.. أو بين الرجل الأول في الدولة وبين موظفيه وعمال دولته وإدارته.. هذه أمان بائسة وآمال يائسة.. يائسة بالمرة! لأن الدولة عقل وقيم ومسئولية.. ولأن رجال الدولة لا يأخذون بنصائح وتخاريف عمَّال »المزاد العلني«!
شكراً لأنكم تبتسمون..