د. محمد النهاري -
خاب العدوان الاسرائيلي على لبنان وخسر وارتكس هذا العدوان ارتكاسة مشهودة.. وأبرز ما خسره هذا العدوان، هذه الاسطورة التي بنتها بشكل أكثر صفاقة بعد عدوان ٧٦م وهي أن اسرائيل لا تقهر.. فتحطمت هذه الأسطورة، فالجيش الذي أعد لدحر وهزيمة كل الجيوش العربية مجتمعة، هزمه حزب مرتين، مرة عند تحريره لأرض الجنوب قبل أعوام، ومرة ثانية عندما لقنه دروساً تاريخية مريرة، إذ أحال أرض فلسطين المحتلة الى حريق أجبر المحتلين الغزاة الى لاجئين في المخابئ ويعيشون هلعاً ورعباً، كما أحال أرض لبنان الى مقبرة لعشرات المحتلين الغزاة.. ودبابات »الميركافا« الى خرد من الحديد المصهور.. كما دحر لأول مرة سلاح الجو والبحر الاسرائيليين، وهو ما لم يفعله أحد مع اليهود من بداية الصراع العربي الاسرائيلي!! أما الخيبة الأكثر مرارة فإن إسرائيل هدفت من وراء هذه الحرب التي أعدت لها العدة من قبل أسر يهوديها المحاربين الى ضرب الوحدة الوطنية اللبنانية فلقد فكرت وفشلت اسرائيل كيف قدرت أن ضربها لبنان وتدميرها، سوف يحدث صراعاً بين اللبنانيين وتفكيك وحدتهم الوطنية، فظهر لبنان كياناً قوياً وصرحاً وطنياً يتحدى المؤامرة.. لقد أجبرت المقاومة اللبنانية العالم على أن يعيد صياغة مشروعه في مجلس الأمن، بمن في ذلك العالم العربي، الذي ولاشك كان لذهابه الى نيويورك دور فاعل في تعديل مشروع القرار.. ولم يسع العالم إلاّ أن يتفرج على خيبة الكيان الاسرائيلي. أرادت اسرائيل تفكيك الوحدة الوطنية بغزوها الحاقد للبنان، فانقلب السحر على الساحر، واذا بالاسطورة تنكسر أمام حزب وليس أمام دولة.. مما يزرع في كل عربي إرادة جديدة. لقد غيرت هذه الحرب الخارطة العربية وأعادت الجيل العربي الى نطاق رومانسية ايجابية، بإمكانها أن تنفض الخيبة التي لحقتها من زمن بعيد. تحية للمقاومة، ورحمة للشهداء وعزاء للبنان القادرة على حياة جديدة. وقفة تأمل