فائز بن عمرو -
ما شهدته اليمن من أزمة لم تكن أعمالاً عبثية ومفاجأة، بل جاءت ضمن خطة شاملة وكاملة للتغيير للمنطقة وإعادة إسقاط ورسم الخرائط التي كانت محفوظة في مراكز الاستخبارات والتي شيدتها مراكز الدراسات الغربية والتي توصف بالاستراتيجية . فهذه الحملة الثورية والتغييرية للمنطقة اعتمدت الإعلام ووسائل الحرب النفسية ركيزة أساس في الترويج لنجاحها ومكنها من النجاح سببان رئيسان- في رأيي- الأول تمكن من غلبة العاطفة والتفكير السطحي لأمتنا الضاربة الأمية في اطنابها، والسبب الثاني وسائل إعلام تقليدية حكومية لا هم لها إلا تقديس الحكام وتمجيدهم والتطبيل لهم . هذا الجو الإعلامي الضعيف والمتفكك ساعد في انتشار الدعاية الإعلامية الموجهة والحرب النفسية وغير الأخلاقية التي اجتاحت الوطن العربي وساهمت في تمزيقه وتشتته وتفريقه .
في اليمن نال المؤتمر الشعبي العام القسط الأكبر من هذه الحملة الإعلامية التي عملت بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لإسقاطه وخلق الصراع بين أفراده وكوادره وأنصاره ، وقد ارتكزت هذه الحرب الإعلامية الموجهة والحرب النفسية على الآتي :
- تحميل المؤتمر الشعبي الحاكم تبعة الحقبة الماضية دون التفريق بين الدولة والحزب مع العلم بأنهم يوقنون بأن الحزب لم يكن يوما حاكما أو متفردا بالحكم .
- نشر الكذب والإشاعات وصناعة التقارير والأخبار الكاذبة لهز المؤتمر من الداخل .
- الهجوم العسكري المباشر على اللجنة الدائمة واغتيال كثير من القيادات.
- الاستهداف الإعلامي الشخصي لكثير من القيادات والكوادر المؤتمرية.
- العمل على حضر الحزب الحاكم أسوة بمصر وبعض دول الربيع العربي.
- خلق صراع وخلاف بين قيادات المؤتمر.
- استهداف إعلاميي المؤتمر وشن الحروب غير الأخلاقية واللفظية عليهم .
- خلق كيانات وهمية وإعلان انها انشقت من المؤتمر .
كثير هي مظاهر الحرب الإعلامية التي شوهت المؤتمر أو حاولت تصفيته وتفريخ أحزاب اسمية وشكلية باسمه، ولكن اثبت الحزب بأنه حزب متماسك صاحب بنية تنظيمية متماسكة وشجع على هذا النجاح النشأة التوافقية للحزب ، الديمقراطية داخل الحزب وان كانت بشكل عشوائي بمعنى ان المؤتمر اعتاد سماع والقبول بالرأي الآخر ، والأهم التسامح الفكري والأخلاقي مع المخالف عكس الأحزاب الأيديولوجية والشمولية والفاشية والتي لا تقبل إلا برأيها وتفرضها دينا ومنهجا ومن خالفه يساق للجحيم في الدنيا والآخرة ..يواجه المؤتمر الشعبي العام بعد تجاوزه الفترة الصعبة والحرجة من تاريخه وتاريخ الأزمة اليمنية وهو يطفي الشمعة الثلاثين من تاريخه الحافل والمتسامح والوطني مصاعب حقيقية، والواقع والمتغير الداخلي والإقليمي والدولي يفرض على المؤتمر اتخاذ إجراءات ثورية وحقيقية لمواكبة المرحلة القادمة والمتسمة بسرعة التغيير والتكيف مع الواقع الداخلي والخارجي ، ويمكن حصرها في الآتي :
* تغيير البنية الداخلية للتنظيم وتوزيع السلطات مع المحافظات والفروع ، فاليمن تتجه نحو الفيدرالية ، وهذا يتطلب توسيع القرار والمشاركة فيه .
* إعادة هيكلة المؤتمر والاعتماد على الوحدات التنظيمية الكبيرة والواقعية ، فالاعتماد على الجماعات التنظيمية ثم المجموعات ثم المراكز كأصغر وحدة تنظيمية كان قاصرا ؛ لأن كثيراً من الوحدات وهمية ولم تكن موجودة ، كما ان المجموعات وغيرها تستعمل في التنظيمات السرية وغير العلنية . فالأفضل الاعتماد على المراكز الانتخابية أو الجغرافية كأصغر وحدة تنظيمية، هكذا إلى ان نصل إلى الفروع .
* إسقاط الربط بين العمل التنظيمي والعمل الإداري والسياسي ، ففروع الجامعة والهيئة التنفيذية يجب ان تلغى وتزال .
* تعد عملية الاتصال الركيزة الأساس لعمل الأحزاب ويفضل ان يكون التنظيم يتكون من مستويين قيادات مركزية وفروع توزع السلطات بين القيادة والفروع ، وأي تنظيم وسط بين المستويين سيضعف الحزب ويعمل على تشتت عملية الاتصال والتواصل .
* تفعيل المراكز البحثية والتثقيفية ، فالأحزاب السياسية تتكون من مدخلات ومخرجات وهي عملية متكاملة فأعضاء الحزب يتم استقطابهم وتثقيفهم وصقل مهاراتهم لمواجهة العمل السياسي .
* الاعتماد على المؤسسية ورفض العمل الفردي ، فالألفاظ مثل الرمز والقائد ونحوها مصطلحا أو سلوكا أو ممارسة سيضعف التنظيم ويجعله يجتر أخطاء الماضي.
* إعادة الهيكلة الإعلامية للمؤتمر ورسم أهداف إعلامية واضحة تتواكب مع المرحلة القادمة.
* الاعتماد على الكيف وترك الكم ، يمثل أعضاء المؤتمر بالجمهورية أكثر من مليوني عضو ومناصر ، وهذا عدد كبير ومبالغ فيه ، لا يمكن التعامل معه حزبياً وتنشئته ثقافيا وسياسيا.
* القبول بالاختلاف والتغاير والتمايز داخل الحزب مما يسمى بالديمقراطية داخل الحزب ، فالاختلاف وتباين الأقوال تعتبر قوة للحزب وليس ضعفا كما يظن البعض .