تحقيق فاروق ثابت - - العلم مفتاح التنمية«، والبحث العلمي صباحها المشرق.. كسب الرهان بقوة مهاتير محمد عندما راهن على العملية التعليمية والبحث العلمي في بلاده قبل حيناً من الزمن حتى وجد ماليزيا اليوم مزدهرة بفضل النجاحات العلمية المواكبة لعصر المعلومة ومثلها اليابان وكوريا وكوبا ودول عدة في المعمورة حتى في القارة السوداء.. في اليمن: أساتذة بلا بحوث ومؤتمرات بلا استفادة تذكر سوى اهدار الملايين وما وجد منها يسيراً هو في عداد التنظير لم يجد طريقه الى التنفيذ بعد!!
في بلادنا الآلاف المؤلفة من الاساتذة اليمنيين قابعين في كوة من التخلف العلمي والأكاديمي سببه الافتقار للبحث العلمي وغيابه بل وانعدامه وصل الى المستوى الباعث على الأمن اهدار للعقول والعلم والتعليم والباحث والاستاذ الجامعي في اليمن عندما لا يستفاد من علومه وبحوثه التي لم تظفر بنصيبها المالي لاخراجها على الواقع العملي وتنفيذها ما جعل البحث العلمي في الجمهورية اليمنية في مهب الريح..
عميد كلية العلوم الإدارية بجامعة عدن: في مسألة البحث العلمي لا يمكن لنا أن نقوم بهذه الوظيفة اذا لم يكن لدينا رؤية وخطة استراتيجية ماذا نريد من البحث العلمي؟
ويضيف الدكتور فؤاد: الحقيقة أن المنطلق الأساسي لإحداث تغيرات شاملة في المجتمعات المختلفة كان أساسه البحث العلمي، وبالتالي اذا لم نضع رؤية مستقبلية ماذا نريد من هذا البحث وكيف يجب أن نربطه في خدمة المجتمع وكيف أن يسهم كافة القطاعات بما فيها القطاع الخاص في ربط النتاجات البحثية والعلمية لمنتسبي المراكز البحثية والجامعات وبالتالي أيضاً ليس فقط استجابة المجتمع وإنما الباحث ذاته والمؤسسات البحثية ينبغي أن تبحث بما نسميه عن تسويق لإنتاجها العلمي في البحث بما يؤدي فعلاً الى خدمة المجتمع واستفادة كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية.
ويخلص عميد كلية تجارة عدن الى القول: التعليم مفتاح التنمية والبحث العلمي عمودها.. غير أن العلم في اليمن ثمة ملاحظات عليه عدة فيما غاب البحث عن الباحثين وما وجد غيبه انعدام الدعم عن التنفيذ!
الدكتور صالح باصرة -وزير التعليم العالي والبحث العلمي يعلق على ضآلة الدعم للبحث العلمي وتهاون بعض الاساتذة في الاهتمام بالبحث وعدم الاستفادة من قبل بعض المؤسسات الخاصة:
- ثمة دعم وإمكانات للبحث العلمي في بلادنا لكن ليس بالحجم الذي نريده.. لدينا مركز البحوث والتطوير التربوي لديه باحثين، لديه دراسات لمعالجة قضايا تربوية تتعلق بقضايا المدارس وقضايا المناهج وقضايا المدرس والمعلم.. الخ.. وعندنا مركز للبحوث الزراعية في ذمار.. إلاّ أنه حتى الآن مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص غير مستفيدة من بعض البحوث وبعض الندوات، الاساتذة في الجامعات ما يهمهم الآن من وضع البحوث ليس معالة مشاكل المجتمع بل يهمهم الترقية والوصول الى درجة استاذ وحينما يصل الى هذا المستوى يرى في نظره أنه وصل الى نهاية العلم!
ويضيف: صحيح أن البيئة غير متوافرة ٠٠١٪ لايجاد وتهيئة البحث العلمي ولكنها موجودة بنسب ضئيلة.. الإنسان لا يطمح الى ما هو أكبر من امكانات بلده.. فبالإمكان أن يطمح ويحاول لكن اذا لم تتوافر الامكانات، فعليه أن يعمل ويبحث أو يشتغل في حدود الممكن.
إهدار وإهمال
وحول الاهدار المادي والعلمي لنتائج الندوات والمؤتمرات يقول باصرة:
- نحن الآن نصرف مئات الآلاف والملايين على المؤتمرات والندوات لكن هل نستفيد من نتائج المؤتمرات والندوات؟ هل تتحول الاستنتاجات العلمية الى إجراءات تنفيذية؟ نادراً ما يحدث ذلك وأحياناً الصحيح أنه بشكل عام لا يحدث ذلك.
مثلاً الاطاريح العلمية التي يطرحها بعض الطلاب للحصول على درجة الماجستير والدكتوراة في الداخل والخارج بمجرد أن يحصل الطالب على الشهادة هل يعمل الطالب على ترجمة اطروحته مثلاً من الانجليزية الى العربية؟ هل يعمل على نشرها؟ هل ثمة جهة تساعده؟ هل يصنع الطالب لهذه الأطروحة ملخص؟ هل الجهة التي ارسلته بإمكانها التواصل معه لاستفساره حول النتائج لهذه الدراسة؟
ويؤكد: الشيء الأهم هو الدولة التي تلعب دوراً مهماً في ايجاد البحث وتهيئة المناخ المناسب له، فلا يمكن اصلاح المجتمع إلاّ بالتعليم والبحث العلمي مفتاح الاصلاح.
البحث العلمي والتعليم هو عقل الدولة فكل كائن بشري -والدولة كائن بشري- لديه عقل يفكر من خلاله ويعرف هل بالإمكان عمل هذا العل أو لا يعمل؟
نحو إدارة علمية سليمة
ونوه الوزير: فالدولة عقلها مؤسساتها العلمية والتعليم.. فموضوعات المشاكل الاقتصادية والتجارة والزراعية والادارية لا يمكن حلها البتة إلاّ بالاهتمام بالتعليم والبحث العلمي والاستفادة منه لحل هذه المشاكل.
فتجربة اليابان التي خرجت من الحرب العالمية محطمة باللجوء الى التعليم كانت ناجحة ومتفوقة بكل المقاييس أيضاً.. ماليزيا »اهتمت على التعليم والبحث العلمي فكسبت الرهان بقوة.. بالاضافة الى دول كثيرة لا مجال للحصر منها دول افريقية.
مؤكداً: صحيح أننا نعاني من سوء الادارة في اليمن خاصة في بعض مؤسسات التعليم الأمر الذي يعيق العملية التعليمية والبحث العلمي على حد سواء ويكون له اثار سلبية.. فالادارة من الذي يديرها؟
- خريج النظام التعليمي الصحيح..
انعدام ثقة
الدكتور محمد الصوفي -رئيس جامعة تعز:
- غياب الثقة بين المؤسسات الخدمية والانتاجية وبين المؤسسات البحثة هو سبب رئيسي في مسألة إحجام هذه المؤسسات ربما عن التمويل نتيجة لغياب آلية للربط بين المؤسسات الخدمية والانتاجية من جهة والمؤسسات البحثية من جهة أخرى بحيث أن المؤسسات الخدمية والانتاجية تعرف ما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسات من حل لمشكلاتها أو تفسير الظواهر التي تحيط بها أو تزويدها بمعرفة من أجل عملية التطوير والتحديث والتجديد.. أيضاً القطاع الخاص يسعى للكسب السريع والعاجل أو الربح السريع والعاجل ولا ينظر الى مردود البحث او البحوث العلمية التي ليمكن أن تتم على المدى البعيد.. ثمة من الدول تصرف ربما مليارات الدولارات على قضايا بحثية كالجينات مثلاً ولا تكسب منها بشكل سريع وهي تعلم بأن المردود سيأتي متأخراً وما أقصده هنا أن رفع الوعي بدور البحث العلمي وأهميته في عملية التطوير ومعالجة المشكلات قضية مهمة الى جانب أن يكون ثمة آلية ربط بين المؤسسات البحثية والمؤسسات الخدمية والانتاجية.. وعلى سبيل المثال اذا ما أخذت رأي مؤسسة من المؤسسات البحثية قد لا تجد أن ثمة ميزانية مخصصة في ميزانيتها السنوية لعملية البحث والتطوير عدا بعض الوزارات أو المؤسسات أو الجهات التي لها مراكز بحثية ملحقة لها وقد لا تأخذ أيضاً بالقضايا التي تبحث أيضاً المنشغلين بقيادات هذه المؤسسات لا يطرحون المشكلات التي تواجههم على هذه المؤسسات والطلب منها لأن تتصدى لهذه الدراسة أو هذا البحث.
ويتابع رئيس جامعة تعز: ثمة فجوة بين مؤسسات المجتمع الخدمية والانتاجية وبين المؤسسات البحثية ينبغي أن تعالج وتملأ واعتقد أن وزارة التعليم العالي لديها خطة ولديها استراتيجية لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي تحاول أن تعالج مثل هذه القضايا وأمامنا مصفوفة خطة العمل التنفيذية للعام الجاري ٧٠٠٢م، ومنها قضايا كثيرة كإنشاء الهيئ اليمنية العامة للبحث العلمي هذه كمؤسسة يمكن أن تقوم بمهام وضع سياسات عامة للبحث العلمي وخلق الوعي لدى المؤسسات وربط البحث العلمي بالقرار والتوعية بأهميته أو بضرورته.. أيضاً ثمة دراسة لأولويات البحث العلمي في البلد تتضمن كافة المجالات ضمن خطة الوزارة ومن ضمنها أيضاً عمل الجامعات لهذا العام هو أن تقوم بإعداد خطط بحثية.
خلاصة
ويختتم الصوفي حديثه: المسألة مرتبطة إذاً بالربط بين المؤسسات الخدمية والانتاجية والمؤسسات البحثة وتقوية الثقة.
حلول ناجعجة
وزير التعليم العالي يقترح حلولاً يراها ناجعة في نظره بالنسبة لمحدودية الامكانات الخاصة بدعم البحث العلمي لخصها بقوله:
- حتى نخرج من هذه المعضلة لابد أن يكون ثمة موازنة في كل محافظة وفي كل مؤسسة ـــ البحث العلمي بما يرتبط بتطوير المؤسسة بنفسها ونشاطاتها فمثلاً على وزارة المالية العمل من أجل توفير رصيد لدعم البحث العلمي الذي يعالج مشاكل المالية والنظام المالي في البلد بسلبياته وايجابياته الى جانب أن على وزارة المالية أيضاً أن تنظر للمؤسسات العلمية بنظرة مختلفة عن الوزارات الأخرى بمعنى أنه يجب على وزارة المالية ألا تتعامل مع وزارة التعليم العالي والجامعات التابعة لها بموازنة نمطية فبنود دعم الجامعات وموازناتها ليست منمطة على تمويل بناء مبني أو جسر مثلاً أو صهريج أو نفق مثلما تحتاج ميزانية لدعم حاجياتها في مجالات عدة كالكتب والمناهج والمطبوعات مثلاً بأنواعها وأقسامها المختلفة، بحاجة الى التطوير بشراء الأجدد مع مرور الوقت خاصة في المجالات والكليات العلمية قد تحتاج الجامعات أيضاً الى دعم مالي في مجال توفير مختبرات مثلاً، وفي مجال دعم بحث علمي ما.
الشاطر يكسب!!
ويؤكد: للأسف أن إعداد هذه الموازنة يتم على طريقة »أنت شاطر« في نقاش أنت فيه طرف مع وزارة المالية ينتهي بمن سيكون الأشطر أنت أم وزارة المالية!
لكن اذا تم النقاش لأن تعطيك المالية مثلاً موازنة أداء وليس موازنة تشغيل لمشروع ما أريد تمويله.. بمعنى أنه الذي مثلاً مشروع انشاء مختبر للطلاب لدراسة العلوم وايضاً مختبر للبحوث ما يجب على الطرف الآخر هو اعطاء التمويل يتضمنت كلفة البناء والتجهيز وتوفير المواد لمدة ثلاث سنوات.. بعد ذلك يرصد في الموازنة قيمة هذا المشروع من قبل المالية ونحاسب بعد نهاية ثلاث سنوات.. واذا ما انجزنا ينظر في الاجراءات المتفق عليها في العقد.
»وفر« وزارة المالية!
ويتابع باصرة: وبالمثل نعطي مثلاً موازنة أول السنة وتسحب منا بنصفها آخر العام ليقال »وفر«!! هي ليست »وفر« ولكنها استحقاقات للناس.. تريد تقيم ندوة.. يقال لك: »لا يوجد مخصص للندوة«.
إنشاء هيئة وطنية للبحث العلمي
مستدركاً: نحتاج الى وضع حلول مؤسسية، ولهذا نحن الآن في وزارة التعليم العالي تجري تنسيقات لإنشاء الهيئة الوطنية للبحث العلمي بمشاركة المؤسسات العملية للدولة والقطاع الخاص ومهام هذه الهيئة اعداد للبحوث التي تحتاجها اليمن في المجالات المختلفة: »الزراعة، النفط، الاسماك، السكان والأسر، الصحي«.
وهذه المؤسسات تلتزم بتوفير نموذج استمارات ونظام لتمويل البحوث.
|