گتب/ جمال مجاهد - يمثل مؤتمر فرص الاستثمار في الجمهورية اليمنية -الذي بدأ أعماله بصنعاء أمس، وتنظمه الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والحكومة اليمنية واتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي ومجموعة الاقتصاد والأعمال اللبنانية- مساراً جديداً لتعزيز الشراكة والتعاون بين اليمن ودول مجلس التعاون بعد النجاح الكبير الذي حققه مؤتمر لندن للمانحين الذي انعقد منتصف نوفمبر من العام الماضي وحصلت خلاله اليمن على تعهدات تمويلية بحوالي 5 مليارات دولار على شكل منح وقروض نصفها قدمتها دول مجلس التعاون لدعم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ورفع مستوى التنمية البشرية في اليمن لمواكبة اقتصاديات دول المجلس.
وتطمح اليمن من خلال المؤتمر إلى استقطاب استثمارات خليجية وعربية وأجنبية تتراوح بين 7-10 مليارات دولار ترفع من مستوى النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي وتنوع من مصادر الاقتصاد اليمني، من خلال ضخها في مشاريع استثمارية في مختلف القطاعات الاقتصادية تستقطب الأيدي العاملة وتقلص من نسبة البطالة وتعمل بالتالي على التخفيف من الفقر.
وقد جاءت فكرة تنظيم مؤتمر فرص الاستثمار في الجمهورية اليمنية بمبادرة من المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في نهاية عام 2004 في إطار الجهود اليمنية الخليجية لانضمام اليمن إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وفي اللقاء الذي ضم الأخ عبدالقادر باجمال رئيس الوزراء في حينه والأخ عبدالرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون بارك الطرفان المبادرة، ثم تولت الأمانة العام للمجلس تشكيل اللجنة التحضيرية من الجانب الخليجي للإعداد والتحضير لهذا المؤتمر، في حين تولى نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق بتوجيه من رئيس الوزراء تشكيل الجانب اليمني في اللجنة التحضيرية في ديسمبر 2005.
وعقدت اللجنة اليمنية الخليجية المشتركة اجتماعين متتاليين الأول في مدينة الرياض يومي 1 و2 يناير 2006 والثاني في 19 و20 فبراير في مدينة عدن، وخرجت بمحضر اجتماع وقع عليه الجانبان اليمني والخليجي شمل عقد مؤتمر فرص الاستثمار في الجمهورية اليمنية بصنعاء تحت شعار "من أجل مصالح مشتركة دائمة"، وتحديد أهدافه المتمثلة في تعزيز وتشجيع القطاع الخاص الخليجي للاستثمار في اليمن في كافة قطاعات الاقتصاد اليمني، ودعم التكامل الاقتصادي والإنتاجي بين اليمن والخليج، وتنويع مصادر الدخل لدى كل من اليمن والخليج، بالإضافة إلى تعريف رجال الأعمال والمؤسسات المالية وصناديق الاستثمار بدول مجلس التعاون الخليجي بفرص الاستثمار في اليمن.
كما أقر الاجتماع محاور المؤتمر الرئيسية وهي ستة تتضمن، الاستثمار بين مجلس التعاون واليمن- الواقع والطموح، وقوانين وأنظمة الاستثمار في كل من اليمن ودول المجلس، وواقع البنى التحتية، وكذلك الجوانب التمويلية والتجارية ذات العلاقة بالقطاعات المختلفة، واستعراض أفضل تجارب الاستثمار المشترك بين اليمن ودول المجلس، وفرص الاستثمار المتاحة في الجمهورية اليمنية. وقد أقرت اللجنة التحضيرية أن تكون صنعاء مقر انعقاد المؤتمر الذي يشارك فيه نحو 500 مستثمر خليجي ويمني بالإضافة إلى حوالي 70 شخصية مرموقة وممثلي الصناديق والمؤسسات الدولية.
تحضيرات وترتيبات
وتولت وزارة الصناعة والتجارة إثر التعديل الوزاري في نهاية شهر فبراير 2006 ملف المؤتمر بوصفها الوزارة المعنية مباشرة بالاستثمار. وتم إجراء تعديل على قوام الجانب اليمني في اللجنة التحضيرية لتضم 9 أشخاص يمثلون كلاً من وزارة الصناعة والتجارة ورئاسة الوزراء ووزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة الخارجية والهيئة العامة للاستثمار والاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية ومجلس رجال الأعمال والمستثمرين اليمنيين وبرنامج مدن الموانئ. وقد عقدت اللجنة اليمنية الخليجية المشتركة بعد إجراء هذا التعديل ستة اجتماعات منها اجتماع استثنائي في صنعاء، أنجزت خلالها عدة خطوات وإجراءات منها تسمية أعضاء اللجان الفرعية وهي اللجنة العلمية واللجنة الإعلامية واللجنة الفنية واللجنة التنظيمية ولجنة العلاقات العامة والسكرتارية بالإضافة إلى تحديد مهامها. وتحديد الالتزامات على الجانب اليمني والمتمثلة في استضافة نحو 70 شخصاً من الجانب الرسمي لدول مجلس التعاون والأمانة العامة، وتحديد سقف المشاركين من القطاع الخاص بدول المجلس بنحو 200 _ 300 مشارك، وعلى أن تتحمل الشركة المنظمة للمؤتمر ترتيب مشاركتهم بصورة كاملة.
وقام الجانب اليمني في اللجنة التحضيرية المشتركة بتسليم خمسة أشرطة مدمجة تحتوي على أكثر من 40 فرصة استثمارية إلى الجانب الخليجي في اللجنة، وعلى أن تتولى الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية تسليمها إلى منظمة الخليج للاستشارات الصناعية لإبداء الرأي الفني إزاءها. كما تم الاتفاق على إقامة فعاليات للترويج للمؤتمر في دول المجلس قبل انعقاد المؤتمر.
وأوضح تقرير حول الإعداد والتحضير للمؤتمر -حصلت عليه »الميثاق«- أن اللجنة التحضيرية من الجانب اليمني قامت بالتنسيق مع المؤسسات الدولية الرئيسية كالبنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والهيئة الاستشارية للاستثمار الأجنبي لدخولهم شركاء في المؤتمر وبما يشجع المستثمرين الخليجيين والعرب والأجانب للاستثمار في اليمن. حيث وافق البنك الدولي على إرسال خبرائه لمساعدة اللجنة في التحضير والإعداد لهذا المؤتمر، وتم الاتفاق مع كل من البنك الدولي والهيئة الاستشارية للاستثمار الأجنبي ومؤسسة التمويل الدولية على متطلبات مشاركتهم ومساعدتهم والمتمثلة في إرسال فريق فني للقيام بتحليل فرص الاستثمار التي سوف تعرض على المؤتمر وتقييمها واقتراح العرض الفني الملائم لها في المؤتمر، ومساعدة الجانب اليمني في اللجنة التحضيرية في استخلاص مصفوفة تطوير الاستثمار في اليمن على النحو الذي يساعد الحكومة اليمنية على إصدار القرارات المناسبة وتطبيقها.
تطوير بيئة الاستثمار
وأشار التقرير الذي أعدته وزارة الصناعة والتجارة إلى أن الجهات الدولية المشاركة في المؤتمر أكدت ضرورة تلازم مسار فرص الاستثمار ومسار تطوير بيئة الاستثمار كشرط ضروري لنجاح المؤتمر.
وقد أعدت مصفوفة تطوير بيئة الاستثمار استناداً إلى الأجندة الوطنية للإصلاحات، ومصفوفة مقومات الاستثمار التي وضعتها المؤسسات الدولية عن اليمن، بالإضافة إلى مقترحات القطاع الخاص. وقد صنفت المصفوفة مقومات الاستثمار والإجراءات اللازمة لإزالة المعوقات إلى ثلاثة مستويات من حيث الزمن "قصيرة الأجل، ومتوسطة الأجل، وطويلة الأجل".
ولفت التقرير إلى تنظيم حوار المائدة المستديرة في 5 نوفمبر 2006 حول مصفوفة تطوير بيئة الاستثمار، والتي ضمت شركاء التنمية الثلاثة الحكومة والقطاع الخاص والجهات المانحة، والتي جاءت متزامنة مع انعقاد اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون واليمن في صنعاء بهدف بعث رسالة قوية وواضحة بأن اليمن جادة تماماً في تأمين أفضل المناخات للمستثمرين الخليجيين. وانعقد الحوار برئاسة رئيس الوزراء وحضور عدد من الوزراء والمحافظين ورؤساء الهيئات والمصالح الحكومية المعنية، بالإضافة إلى ممثلي القطاع الخاص والمنظمات الدولية. وخرج حوار المائدة المستديرة بمجموعة من التوصيات والمقترحات، والتي ترجمها مجلس الوزراء إلى مجموعة من القرارات وتشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية لمتابعة التنفيذ بما يعكس مصداقية الحكومة تجاه المستثمرين والتزامها بتطوير بيئة الاستثمار.
وكان رئيس فريق البنك الدولي وصل صنعاء في 29 أكتوبر 2006، كما توالت بعثات مؤسسات البنك الدولي كان آخرها في مطلع ابريل بمجيئ خبير تنظيم المؤتمرات والمعارض في البنك، والذي قام بمراجعة وثائق وأدبيات المؤتمر والتحضيرات الفنية واللوجستية والتنظيمية.
وفي 24 فبراير الماضي تم التوقيع على عقد لتنظيم المؤتمر بين الحكومة اليمنية والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والشركة العربية للصحافة والنشر والإعلام (مجموعة الاقتصاد والأعمال) بمدينة الرياض، بعد أن التزمت الشركة بتنظيم المؤتمر في الموعد المحدد وضمان دعوة كبريات الشركات الخليجية للحضور مع عدد من الراعين الرسميين، بالإضافة إلى تحمل كافة المسئوليات الإدارية واللوجستية والتنظيمية وتأمين نفقات الضيافة لكافة المستثمرين المدعوين، مع نفقات عشرين شخصاً تحددهم اللجنة التحضيرية، وعلى أن يكون التمويل من خلال عوائد الرعاية.
كما قامت الشركة بإعادة إطلاق وتحديث الموقع الإلكتروني للمؤتمر والترتيب لإجراءات عقد المؤتمر، بالإضافة إلى ترجمة الفرص الاستثمارية إلى اللغة الإنجليزية وتنفيذ المطوية الإعلانية (بروشور) باللغة الإنجليزية، وإنجاز الخرائط الخاصة بقاعة المؤتمر والمعرض المصاحب.
وقد وزعت الشركة المنظمة رسائل ودعوات عبر البريد الإلكتروني والفاكسات لما يقارب من عشرة آلاف شركة ورجل أعمال في دول الخليج العربية وخارجه.
كما وجهت وزارة الصناعة والتجارة بالتنسيق مع الشركة المنظمة دعوات لحوالي 520 مشاركاً لحضور المؤتمر منها 65 _ 70 دعوة رسمية لوزراء وشخصيات رسمية من دول مجلس التعاون وآخرين، بالإضافة إلى نحو 20 شخصية اقتصادية واعتبارية مهمة، وتتولى الشركة المنظمة ترتيبات الاستضافة.
وأكد تقرير وزارة الصناعة والتجارة أنه تم خلال الفترة الماضية تكثيف اللقاءات في المملكة العربية السعودية مع كبار المستثمرين ومجلس رجال الأعمال السعودي اليمني والغرف التجارية فيها ومع الجالية والمستثمرين ومع السفارات والقنصليات اليمنية في الخارج.
وفي مطلع ابريل بلغ عدد رعاة المؤتمر 16 راعياً، وعدد الشخصيات الموافقة على حضور المؤتمر 250 شخصية.
ومؤخراً تم إنشاء غرفة عمليات في وزارة الصناعة والتجارة تتولى تنسيق العمليات التنظيمية واللوجستية والأمنية، وتضم الغرفة في عضويتها مختلف الجهات المعنية بالمؤتمر.
برنامج المؤتمر
وتم الاتفاق على برنامج المؤتمر مع الشركة المنظمة والأمانة العامة لمجلس التعاون بما يحقق أهداف المؤتمر ويتوافق مع نمط المؤتمرات العالمية المماثلة. ويشمل البرنامج جلسة افتتاحية بحضور راعي المؤتمر وجلسة ختامية في شكل حوار مفتوح مع الفريق الاقتصادي للحكومة اليمنية برئاسة رئيس الوزراء. ويدار المؤتمر بطريقة الحوار المباشر المتبعة في المؤتمرات العالمية المماثلة بحضور الوزراء ورؤساء المصالح ذات العلاقة وحسب الموضوعات. وتشمل الفعاليات المصاحبة للمؤتمر معرضاً للفرص الاستثمارية، وحواراً مفتوحاً، وعروضاً فنية من محافظات أمانة العاصمة وعدن والحديدة وحضرموت ينظمها القطاع الخاص.
وحتى يوم 14 ابريل الماضي بلغ عدد الشركات الموافقة على المشاركة في المؤتمر 166 شركة منها 130 شركة أجنبية و36 شركة محلية، في حين بلغ عدد المؤكد مشاركتهم حوالي 310 مشاركين منهم 228 من رجال المال والأعمال في الخارج و82 مشاركاً من الداخل. ويمثل المشاركون 19 دولة. وأشارت التوقعات إلى استمرار تلقي الموافقة على الحضور في الأسبوع الأخير لموعد المؤتمر بحيث تصل المشاركات الخارجية إلى أكثر من 500 مشارك بمن فيهم شخصيات رسمية من الخارج، حيث تواصلت متابعة الشركات الخارجية لحفزها للمشاركة في فعاليات المؤتمر بالتنسيق مع الشركة المنظمة وسفارات بلادنا في الخارج.
|