كامل الخوداني -
ثلاثون عاماً مرت منذ تأسيسه في الرابع والعشرين من اغسطس 1982م ومازال هو التنظيم الذي يتصدر الساحة اليمنية كرائد أول للديمقراطية كما يعد المؤسس للأحزاب والتنظيمات السياسية التي وجدت بمباركته ودعمه وتأييده فلم يكن اعلان تأسيسه لخدمة توجهات معينة سواء مذهبية أو مناطقية أو فكرية لم تكن اهدافه ورؤيته مستوردة ولااعلان تأسيسه وتوجهه مستنسخة من برامج واهداف احزاب عربية كانت او دولية كحال الكثير من الاحزاب بل استقاها من التاريخ الحضاري اليمني ونبض المواطن ليخرج بميثاق وطني بأفكار يمنية خالصة اقتضتها المرحلة محتوياً على منهاج سياسي وتنموي شامل لبناء اليمن شاركت في صياغته واعداده نخبة من السياسيين والمثقفين والكتاب والأدباء، جاعلين منه حزب وطن ومستقبل يضم كل اليمنيين بمختلف توجهاتهم وافكارهم ويستوعب الجميع ويمثل الكل ..
لن نبالغ ان قلنا إن فكرة انشاء المؤتمر الشعبي العام كإطارٍ سياسي حاضن لكل القوى السياسية منذ تأسيسه وحتى قيام دولة الوحدة كان بمثابة اعلان ميلاد الديمقراطية والتعددية والحرية السياسية والفكرية واللبنة الاولى للبناء الديمقراطي والحضاري لليمن فقد كان له الفضل بإعلان التعددية السياسية بل انه دعم الاحزاب والتنظيمات السياسية عقب اعلان دولة الوحدة العام 1990م لتصبح اليمن من اوائل الدول العربية التي جعلت من التعددية والديمقراطية الطريق الوحيد للوصول الى كرسي الحكم عبر الانتخابات التنافسية الحرة والنزيهة..
لقد استطاع المؤتمر الشعبي العام منذ تأسيسه أن يقود الوطن بحكمة وعقلانية ووسطية متبعاً نهج وشعار حزب الكل لا حزب العضو، محققاً الانجازات الكبيرة الواحدة تلو الآخرى، حاملاً شرف التوقيع على اعلان قيام الجمهورية اليمنية كطرف رئيسي.. وكان له الفضل في تحقيق الوحدة بتقديمه التنازلات، جاعلاً مستقبل اليمن وتقدمها همه الاول، مجسداً حكمة قياداته التاريخية التي صنعت اعظم الانجازات للمستقبل بصمت..ومثلما كان للمؤتمر الشعبي العام شرف توقيع واعلان دولة الوحدة كان له شرف الحفاظ عليها وترسيخ ثوابتها ومبادئها وتعميق قدسيتها في نفوس الاجيال وابناء الوطن الواحد، متصدياً لكافة المحاولات التي قادتها أيادٍ داخلية وخارجية وما انفكت تحاول إعادة عجلة التاريخ الى ماقبل مايو 90م .
المؤتمر الذي تأسس على اساس القبول بالآخر واستيعاب الجميع واشراكهم في دفة الحكم، حرص على عدم الاستفراد بالحكم وبالقرار رغم أحقيته بذلك ولأكثر من دورة انتخابية بموجب الثقة التي منحت له من الشعب.. بتبوُّئه المراكز الاولى في كل انتخابات تنافسية لكن ذلك لم يمنعه من اشراك الآخر في الحكم وتلك خاصية تميزه عن سواه.. مبتعداً عن سياسة الاقصاء والاستبعاد والتفرد والتي تنتهجها الكثير من الاحزاب وعلى ادنى المستويات الادارية والقيادية..
التنازلات والقبول بالآخر لأجل الوطن مبدأ انتهجه المؤتمر وطبقه منذ اعلان نشأته وكان آخرها عام 2011م، ولولا تعامل المؤتمر وقياداته بحكمة جاعلين مصلحة الوطن فوق مصلحة اعتلاء كرسي الحكم رغم الاحقية والشرعية الممنوحة لهم التي استخدمت لقضت على كل معارضيهم، إلا ان العقلانية التي تعاملت بها قيادات المؤتمر وحرصها على الدم اليمني جعلتهم يؤثرون مصلحة أمة واستقرار بلد على مصلحتهم.. مبادرين بتقديم التنازلات والتخلي عن كرسي الحكم الذي يتلهف الوصول اليه الطرف الآخر بموجب مبادرة أُعدت وصيغت بواسطة عقول وأيادٍ مؤتمرية كانت هي المخرج من أزمة عاصفة استمرت لعام ونصف كادت ان تهوي بالوطن..
وعلى الرغم من التآمر الحاقد والمحاولات المستمرة لتدمير المؤتمر وتمزيق تماسكه نجد أنه الحزب الوحيد الذي قدم الكثير للوطن والمواطن على عكس بقية الاحزاب الاخرى والتي منذ تأسيسها وحتى اللحظة نجدها تأخذ ولاتعطي تطالب ولاتمنح لا للوطن ولا للمواطن.. وهذا مايجعل المؤتمر الشعبي العام هو الرائد بالحصول على أعلى مؤشرات الثقة لدى المواطن اليمني..
نبارك لقيادات المؤتمر وكافة اعضائه وانصاره ذكرى مرور (30) عاماً من العطاء والانجازات..
وعقبال (500) عام قادمة زاخرة بالانجازات رمز عزتها وكرامتها وفخر اجيالها الخيل المعقود بنواصيها الخير..