أحمد الرمعي -
< منذ خمسين عاماً من اليوم كان الوطن اليمني يعيش في قبوٍ مهجور.. طريقه غامضٌ وهواه ملتبسٌ.. تاريخه نصف تاريخ وإنسانه نصف إنسان حتى أشرقت شمس الحرية في الـ26من سبتمبر عام 1962م.. آنذاك أعلن اليمنيون للعالم أجمع بأنهم شعبٌ لا يقبل الضيم والمهانة والخنوع.
في ذلك اليوم سطر الرجال من أبناء شعبنا اليمني ملحمة تاريخية عظيمة عندما اقتلعوا أعتى وأخبث نظام سلالي رجعي متخلف لا يفقه سوى لغة القتل والسحل وتكريس سياسة التخلف والتجهيل.
في الـ26 من سبتمبر انتصر اليمنيون لإرادتهم فكانوا بحق أحفاد عمرو بن معديكرب الزبيدي والسمح بن مالك الخولاني وسعد بن عبادة وسعد بن معاذ وغيرهم من عظماء هذه الأمة اليمنية الخالدة التواقة للحرية والتحرر من الأغلال التي نسجها الطفاءة والتي عادت حمماً وبراكين ووبالاً عليهم.
قالوا لهم: حسبكم ظلماً وعدواناً وجبروتاً، صارخين بصيحة المبصر في الزمن الأعمى عبدالله البردوني.
«لماذا لي الجوع والقصف لك
يناشدني الجوع أن أسألك
أأغرس حقلي وتجنيه أنت
وتسكر من عرقي فنجلك
لماذا وفي قبضيتك الكنوز
تمد الى لقمتي أنملك
أتقتات جوعي وتدعى النزيه
فهل أصبح اللص يوماً ملك»
وقالوا للوطن:
لك المجد لا أحدٌ غيرك يستحق الثناء .. دماؤنا ترخص لك يا وطني.
كان هدف ثوار سبتمبر 1962م سامياً.. فقد ثاروا لأجل الانسان اليمني الذي حاول أحمد بن حميد الدين سلبه كرامته وإنسانيته.. لأنهم كانوا يؤمنون بأن الوطن هو الانسان وبدونه يبقى الوطن عبارة عن أشجارٍ وأحجار.. لذلك قدموا أنفسهم قرابين من أجل هذا الشعب ولسان حالهم يردد:
«سيدي الشعب: أي القصائد تقرأ
أي المواويل تشتاق
ضاق بنا الصحو يا سيدي والمنام»
تلك كانت ثقافة آبائنا من الثوار وذلك هو ديدنهم حين قاموا بثورتهم المجيدة.
فلهم منا التحية والإجلال والإكبار على ما قدموه لنا وسنظل نحمل لهم الجميل الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
إن خمسين وردة على جبين هذا الوطن مرت لا يعرف قيمة ما تحقق فيها من منجزات الا من عاصر الحكم الكهنوتي البغيض لآل حميد الدين الذين تعاملوا مع اليمن وكأنه ضيعة مملوكة لهم ورثوها أباً عن جد.
إن المطلوب اليوم ممن مازال على قيد الحياة ممن شاركوا في قيام ثورة الـ26من سبتمبر ومن الباحثين والمختصين هو الكشف عن الحقائق وتوضيحها للشباب لكي يعلموا كيف كان الوطن قبل ثورة الـ26 من سبتمبر 1962م، ووضع الانسان اليمني حينها تحت حكم الفرد الواحد، وأعتقد أن توضيح الحقائق للناس التزام أدبي وأخلاقي لأنه ليس من حق أي كان احتكار الحقيقة وعدم إيضاحها للناس..
فثورة السادس والعشرين من سبتمبر هي ملك جميع أبناء الشعب اليمني، ومن حقهم معرفة كل المراحل والخطوات التي على ضوئها تفجرت ثورة سبتمبر الخالدة.