عبدالحفيظ النهاري - - ارتفاع شعور بعض الأنظمة العربية بمركب الحكمة ونظرتها الدونية إلى نبض الشارع واعتبار حكمتها فوق حاجة وأولويات الشعوب العربية وبعيدا عن نبضها جعلها تبدو كاريكاتورية بشكل مضحك ،تماما مثلما يبدو الأطرش بين المتحدثين.
فصاروا يتحدثون عن السلام في زمن الحرب ،وعن الأمن في ظل الخوف، وعن التعايش في زمن الصراع ،وعن الحرية في زمن الاحتلال، وعن الأرباح في زمن الخسارة ،وصاروا يبكون في العرس ويضحكون في الجنازة ،الأمر الذي جعلهم يبدون خارج الزمان والمكان.
- إلا أنهم لايزالون يصرون على حكمتهم ويراهنون عليها مقابل ما يتصوروا أنه جهل الشعوب بسير الأحداث وبالتعقيدات الإقليمية والدولية.ويشككون بالمزاج والحاسة الشعبية التي هي في الأصل ترمومتر القرار السياسي ومرجعه من منظور الحكمة والديمقراطية في كل زمان ومكان ، وخاصة حين يتعلق الموضوع بقضاياها المباشرة .
- الموقف الرسمي العربي من العدوان الإسرائيلي على لبنان لم يتأخر فقط وإنما قرأ منذ البداية الحدث بالمقلوب وبالتالي جاءت النتيجة خاطئة ولا يغفر لها الهبة الشكلية المتأخرة إلى بيروت ونيويورك.
إذا قسنا الموضوع بميزان الفعل فإن العرب في كل ما يدور هم خارج الفعل أي خارج الزمان والمكان ،والمخجل أنه ليس من قلة أو ضعف وإنما من عجز وجبن يريدون إقناعنا بكونه حكمة.بالطبع أتحدث عن فعل الأنظمة لا فعل المقاومة لأن المقاومة هي الفاعل الوحيد من طرفنا.
- تغضب الأنظمة العربية (ولا أقول العرب) حين يكون وزير الخارجية الإيراني أول من يصل بيروت ،ولا تستحي أنها آخر من يصل إلى بيروت ،وتغضب لأن أوراق المقاومة العربية أصبحت بيد إيران ،ولا تستحي أنها ترغب في الإجهاز على ما بقى من المقاومة لحيازة الرضى الأمريكي والإسرائيلي أو درء شرهما.
- وخلال غياب النظام الرسمي العربي طيلة شهر من الحرب كان المجتمع الدولي مشغولاً بمناقشة الحرب اللبنانية - الفلسطينية - الإسرائيلية ،والتعاطي معها حسب رؤاه ومصالحه ، وبعد انتهائه من صياغة موقفه في قرار خارج مصلحة الطرف العربي يهب العرب في الوقت الضائع ،فما الذي منعهم عن الهبة الأولى غير خطأ القراءة وغياب الاستراتيجية القومية وسوء الحساب والخاتمة.
وحتى هذه اللحظة وبعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 1701 والنظام العربي الرسمي يقرأ الحدث بالمقلوب وغير قادر على تقدير النتائج بنظرة استراتيجية.
باختصار يبدو النظام العربي خارج نطاق الخدمة |