موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
مقالات
الميثاق نت - <br />

السبت, 13-أكتوبر-2012
أحمد الحبيشي -
شهد تاريخ الإسلام والمسيحية واليهودية أنواعاً مختلفة من التطرف والغلو ما زالت آثار بعضها حاضرة بأشكال متنوعة في العديد من البلدان والمجتمعات. ولا ريب في أنّ ظواهر التطرف والغلو بدون استثناء ارتبطت بالسياسة ، وعبرت عن مصالح ومواقف سياسية معينة منذ ظهور الأديان السماوية ، وقد تورط كثير من الحكام والمتنفذين في العالم الاسلامي ، وملوك وأباطرة أوروبا المسيحية وكنائسها في رعاية واستخدام المذاهب المتشددة والحركات والجماعات المتطرفة ، بهدف تحقيق أهداف سياسية ومصالح سلطوية دنيوية في العصور الغابرة والعصر الراهن تحت غطاء الدين ، بهدف إضفاء الشرعية على نظم الحكم وصراع المصالح . حدث ذلك في القرون الميلادية الأولى والوسطى ، ثمّ تكرر في العصر الحديث سواء في مرحلة ظهور القوميات ونشوء الأمم والدول القومية والوطنية المعاصرة ، أو في مرحلة الصراع على اقتسام الأسواق والنفوذ في المستعمرات ومداخل البحار والمحيطات خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وصولاً إلى مرحلة الحرب الباردة خلال القرن العشرين المنصرم ، حيث وظفت المخابرات المركزية الأمريكية ومخابرات دول حلف الناتو كلاً من الأكليروس المتشدد في الكنيسة الأرثوذكسية بشرق أوروبا ، والغوغاء والمتطرفين البوذيين في جبال التبت في الصين، والمنظمات اليهودية في شرق أوروبا وجماعات الإسلام السياسي المتطرفة في العالم العربي والإسلامي، لخوض معارك مباشرة بالنيابة عن الغرب ضد الاتحاد السوفيتي والصين في إطار الحرب الباردة التي سادت خلال النصف الثاني من القرن العشرين بين الشرق الاشتراكي والغرب الرأسمالي.

يقيناً ان القاسم المشترك بين جميع الأفكار المتطرفة في أوساط أتباع الأديان المختلفة ، هو نزوع أصحابها إلى الإقامة الدائمة في الماضي البعيد ، والقطيعة مع العصر ورفض قواعد العيش الجديدة في الحياة الإنسانية المعاصرة والمتميزة بأبعاد كونية تتناقض مع الأفكار المتطرفة التي تضفي صفة القداسة الدينية المطلقة على نماذج حياة الأسلاف والنظم الامبراطورية القديمة ، وترفعها إلى مقام العقيدة الدينية الخالصة ، وتصر على تلوين حياة الأمم والشعوب والمجتمعات بتلك النماذج الماضوية ، دون أدنى مراعاة لتأثير تطور العلوم والتكنولوجيا والمجتمعات والأفكار والاقتصاد والسياسة ونظم الحكم والإدارة والثقافات والحضارات والعَلاقات الدولية على وعي وحياة الإنسان !!

في هذا السياق لا يجوز إخراج العقل الإنساني ورصيده الحضاري من دائرة المعطيات الحاسمة التي سيتقرر على ضوئها حسم التدافع الدائر بين القوى الفاعلة التي تساهم في صنع الحضارة الحديثة، وتسعى إلى التأثير على وجهة تطورها.. فقد أسهم تطور العلم في اثراء رصيد المنجزات العقلية للبشرية بأسرها ، فيما ساعدت منجزات الثورة التكنولوجية المعاصرة على تكوين أنماط جديدة من التفكير والسلوك إزاء مشكلات البشرية من منظور وحدة المصير الإنساني للبشرية في عالمنا الواقعي الذي يتسم بالترابط والتكامل والتنوع .
الثابت أن صورة العالم شهدت تغيرات واسعة تحت تأثير الدور المتعاظم لمجتمع الدول المتحضرة في ميادين الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية والروابط الاقتصادية والتجارية البنيوية بين مختلف قارات ودول وشعوب العالم ، بالإضافة إلى التأثيرات المتسارعة لمنجزات العلوم التطبيقية وثورة المعلومات الانفجارية . وما من شكٍ في أنّ كل هذه التحولات غيرت أيضاً رؤية الناس من مختلف الأديان والثقافات لهذا العالم الجديد.

لقد أصبح العالم اليوم أكثر ترابطاً وتكاملاً وتناقضاً وتنوعا ً في آنٍ واحدٍ.. ولأنّه كذلك فإنّ الحوار وليس الصراع بين الأديان والثقافات والحضارات يُعد ضرورة تمليها حاجة العالم الى السلام القائم على التسامح والتعايش والترابط والتعاون .. وبوسعنا القول إنّ جميع هذه الاحتياجات الملحة لا يمكن بلوغها بدون التخلص من نزعات الهيمنة والاستعلاء والاستبداد في العَلاقات الدولية ، وهي نزعات متطرفة بامتياز . لأنّها تتجاهل الفرق بين العدالة والظلم ، وتخلط بين الحق والباطل، ولا تميز بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للاحتلال والعدوان والاستيطان .. الأمر الذي ينذر في نهاية المطاف بمخاطر جدية تهدد حضارتنا الحديثة وعالمنا الواحد من بينها خطر التطرف والإرهاب.

تجديد الخطاب الديني

تأسيسا ً على ما تقدم لا يختلف إثنان حول حاجة الأمة العربية والاسلامية لصياغة خطاب ديني مستنير، وتقديم صورة مشرقة للإسلام وشريعته ونظامه القيمي والأخلاقي . ومن نافل القول إنّ الخطاب الديني الذي أقصده، لا يعني النص الديني المقدس سواء أكان قرآناً كريماً أو حديثاً نبويا ًشريفاً ً.. والمقصود بهذا الخطاب هو أقوال الفقهاء والدُعاة والخطباء وأهل الإفتاء والمفكرون الإسلاميون، حيث يلعب هذا الخطاب دوراً حيوياً في تقديم صورة الإسلام إلى المتلقين من المسلمين وغير المسلمين.

حين يقدِّم الخطاب الديني صورة مشرقة للإسلام، تكون النتيجة صورة مشرقة للتدين على مستوى السلوك الفردي والجمعي، الأمر الذي يؤدي إلى إعلاء مكانة نظام القيم الإسلامي في العَلاقات الإنسانية، سواء بين أفراد المجتمع الإسلامي أو بينه وسائر المجتمعات والأمم والشعوب في العالم الإنساني، وما يترتب على ذلك من توظيف إيجابي للتنوع في المعتقدات والثقافات بين البشر لصالح إعلاء مكانة القيم الانسانية المشتركة ، وحماية حقوق الإنسان ودعم قيم الحرية والعدالة والتعاون والتسامح والسلام بين الشعوب، وهي من أهم مقاصد الدين الإسلامي الذي أنزله الله رحمة بالعالمين.

إنّ أخطر ما يهدد الخطاب الديني باعتباره أهم مصادر المعرفة بأصول الدين هو تسلل الهوى والأغراض السياسية والحزبية والمذهبية ، وغياب البصيرة وسطوة الغلو والتعصب، ما يؤدي إلى إيجاد فهم مشوّه للدين، وإنتاج سلوك منحرف من قبل بعض الذين يقعون ضحية للانحرافات والتشوهات في الخطاب الديني .

في هذا السياق تبلورت على أيدي العديد من علماء الدين والمفكرين الاسلاميين المستنيرين توجهات نقدية تجسد نهج الاعتدال في الدعوة والإرشاد ، وأهمها الحرص على نقد ما يسود الخطاب الديني لبعض الدعاة من إصرار على تسييس المساجد وتحويلها إلى محاكم تفتيش تصدر الاتهامات والادانات الجاهزة ، وصولاً الى استخدامها كمنابر لعرض وجهات النظر السياسية وخوض الصراعات الحزبية، وتداول الإشاعات المغرضة وإطلاق حملات الدعاية الانتخابية ، وتكفير وتفسيق الخصوم السياسيين ، والتحريض ضد المثقفين والمفكرين المسلمين من حملة الأقلام والأفكار والآراء المخالفة ، وغير ذلك من الأمور التي تسيىء إلى بيوت الله وتمزق صفوف المسلمين!!
ينتقد المستنيرون المسلمون إصرار بعض الدعاة على الدعوة بالترهيب والتخويف بدلاً من الترغيب والتيسير، فالرسول -عليه الصلاة والسلام -كان يدعو الناس إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يلاحقهم بالاتهامات والإدانات والتحريض والتخويف والوعيد ، وغير ذلك من الأساليب التي تملأ النفوس بالذعر والتوتر، وتحول بينها وبين الهدوء والسكينة.

لا فائدة من خطابٍ يستهدف إقناع الناس بقبول الدعوة وهم مذعورون وخائفون ومتوترو الأعصاب ، لأنّ الحضارات والأوطان والمجتمعات الحرة والمتقدمة لا تُبنى بعقول وسواعد وأعصاب مذعورة وخائفة ومتوترة.. وما أحوجنا اليوم إلى خطاب كهذا الذي نقرأه في دراسات ومحاضرات و مقالات بعض الفقهاء والمفكرين المستنيرين الذين يدعون الى تجديد الخطاب الديني . حيث نجد تأكيداً على أهمية التيسير ورفع المشقة والحرج . وكل ذلك يحمل معنى الرحمة والمغفرة من الله الرحيم الغفور القائل : ((ولا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعاً))الآية .. وبالقدر ذاته ما أحوجنا إلى خطاب لا يُغالي في التشدد والتضييق واختيار أعسر الأمور وأجلبها للمشقة وادعاها إلى وقوع الحرج في ظل وجود البدائل التي تيسر ولا تعسر.. ((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) الآية.

لا يغفل هؤلاء المستنيرون مقاصد الدين ولا يميلون إلى الأخذ بظاهر النصوص . وبوسع من يتابع الداعين الى تجديد الخطاب الديني أن يلاحظ تأكيدهم على ضرورة الاجتهاد في التجديد واستخدام العقل بدلا من النقل في فهم النصوص وتفسيرها، واستنباط الأساليب الواقعية لتطبيقها في الظروف المتجددة والأوضاع المتغيرة.. فحين تنفصل الأحكام عن غاياتها والتكاليف الشرعية عن مقاصدها يقع الناس في العسر والحرج ، ويدخلون في دوائر الأزمات والمعضلات.

استدعى انتباهي في بعض كتابات الداعين الى تجديد الخطاب الديني تمسكهم بنقد بعض الأفكار الخاطئة التي تحاول حصر الإسلام في عصور معينة من ماضي التاريخ، وما ينجم عن ذلك من تصورٍ خاطئ بأنّ الإسلام هو تاريخ تلك الحقبة فقط .. ولذلك يؤكد هؤلاء بأنّ الإسلام هو دين الله حتى تقوم الساعة.. أما الماضي فهو ليس من صنعنا ، وأمجاده لا فضل لنا فيها . ناهيك عن أنّه يشتمل على الحق والباطل، والهدى والضلال ، والعدل والظلم . فيما يؤدي الاستغراق في الماضي إلى انشغالنا عن الاهتمام بالحاضر والمستقبل، في عالم تتطور فيه العلوم والمعارف والمنجزات التقنية بإيقاع متسارع لم يعرفه أسلافنا الأقدمون.

يرفض الداعون الى تجديد الخطاب الديني إفراط بعض الدعاة المتطرفين في التفسيق والتكفير. ولا يتفقون مع الأفكار المتطرفة التي تزعم بأنّ الإسلام يحث المسلمين على قتال كل من لا يدين بدينهم، وتقدم تعريفاً مشوهاً للثقافة الإسلامية على نحوٍ لا يسمح بوجود مجال للاختلاف والتعايش مع غير المسلمين في عالم تسوده قيم الحوار والتفاعل والتعاون والسلام.. كما يرى الداعون الى تجديد الخطاب الديني أنّ ثمة مجالاً للاختلاف في الرأي والفكر بين المسلمين أنفسهم، وبينهم وغيرهم من أهل الديانات السماوية والمعتقدات الأخرى . فالمسلم ليس وصياً على مسلم آخر عاقل، أما غير المسلمين فيجب مجادلتهم بالتي هي أحسن، والبر بهم والقسط إليهم والعيش معهم بسلام . فلا إكراه في الدين، ولا مندوحة لقتال غير المسلمين إلا دفاعاً عن النفس أو الأرض أو المال أو العرض . أو لدرء خطر عدوان بائن على ديار المسلمين . والله من وراء القصد .
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)