لقاء/ توفيق الشرعبي -
دعا النائب البرلماني عبدالعزيز كرو حكومة الوفاق الوطني الى الانتباه لمشاكل الشباب وابعادهم عن جهات لفضها الشعب وتستغلهم في أعمال العنف والفوضى.
وحذر كرو من ان استمرار الوضع على ما هو عليه يهدد الوطن ووحدته، لافتاً الى ان الظروف فرضت على الشرفاء التزام الصمت على ما يكرهون.. وطالب النائب البرلماني في حواره مع «الميثاق» بمشاركة جميع أعضاء مجلس النواب في الحوار الوطني المرتقب باعتبارهم ممثلي الامة اليمنية بشكل عام.
وقال ان الحوار غير ممكن في الوقت الحالي وفيما يخص الدكتور ياسين سعيد نعمان فإنه يغالط نفسه..
الى التفاصيل :
كيف تقرأ المشهد السياسي اليوم؟
- المشهد عائم تماماً ومازلت أنظر له كنظرتي للأيام الاولى للأزمة.. بعين المتشائم.
لماذا؟
- لأن من يدَّعون الرغبة للتغيير نحو الأفضل يمارسون نفس الأخطاء وأفظع وأشنع مما كان عليه الوضع من سابق..
اليوم الفساد يستشري في مفاصل الدولة.. ولم يعد هنالك وجود للحرص على المال العام.. وهناك من يصرخ ويسعى جاهداً لتمزيق الوطن وتفتيت وحدته.
رؤية مستقبلية
ما الحل إذاً؟
- أن نلتف خلف القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي ونضع رؤية واضحة للمستقبل لأن وضعنا الراهن بحاجة ماسة الى الإحساس بمشاكل الوطن واقتراح الحلول الناجعة لها.
ماذا عن القضية الجنوبية؟
- هناك رؤوس كثيرة تتحدث باسمها وهي منهم براء باعتبار ألا أحد منهم مخول بالحديث بلسان أبناء الجنوب.
من المخول إذاً؟
- أبناء المحافظات الجنوبية لديهم وسائلهم للتعبير عن همومهم وقضاياهم ولديهم قنواتهم للتحدث وإيصال آرائهم لمن يريدون.
قادرون
باعتبارك من قيادات المؤتمر الشعبي العام.. ما الدور الذي يمكن أن يلعبه المؤتمر لحل القضية الجنوبية؟
- بإمكان المؤتمر الشعبي العام أن يبادر بعقد لقاءات داخلية مع قياداته من أبناء المحافظات الجنوبية وأن يناقش القضية الجنوبية داخل أطره التنظيمية.. وأنا على ثقة بأن كوادر المؤتمر من أبناء المحافظات الجنوبية قادرون على تشخيص الوضع وقراءة المشاكل في الجنوب قراءة صحيحة والإسهام في اقتراح الحلول المناسبة.
حينها يستطيع المؤتمر من خلال هذه اللقاءات وما ستخرج به من رؤى استعراض الحلول المقترحة ووضع رؤية عامة وواضحة للقضية الجنوبية أمام الآخرين لاستيعاب القضية، ونوعها وما هي المقترحات الصحيحة للحلول بعيداً عن أولئك الذين يبنون نظريات ليست من صالح الوطن.
وعود زائفة
ما مدى حضور التيار الرافض للحوار والداعي لفك الارتباط في المحافظات الجنوبية؟
- من لفظهم الشعب في وقت من الأوقات عادوا في الوقت الراهن ليركبوا موجة الشباب تحت سن 22 عاماً ممن لم يعاصروا الفترة السابقة أي قبل تحقيق الوحدة المباركة.. أولئك الشباب يدورون في حلقة مفرغة من الوعود بمعيشة أفضل ومستقبل آمن ومزدهر واستيعابهم في الوظائف فيما لو حصل فك الارتباط.. وطبعاً الظروف الاقتصادية والبطالة التي يعيشها معظم الشباب تجعلهم ينجرون وراء هذه الوعود الزائفة والخروج في مسيرات وفوضى وهتافات وكأن ما يدور مطلب جماعي.
حل جذري
تقصد أن ما يحصل من دعوات مجرد استغلال لطاقة الشباب وظروفهم؟
- بكل تأكيد، ولو أدركت الحكومة ذلك وعملت على حل المشاكل حلاً جذرياً لقطعت الطرق أمام دعاة فك الارتباط ولانفض الشباب من حولهم، وحينها سيجدون أنفسهم منبوذين كما كانوا سابقاً.
هل نستطيع القول بأن أصحاب دعوة فك الارتباط يمثلون تهديداً للوحدة؟
- إذا استمر الوضع الحالي كما هو عليه فهم يمثلون خوفاً على الوحدة، باعتبار الشباب العاطل والمغرر بهم نسبة لا يستهان بها وطاقة مفعمة بالحيوية قادرة على التمرد على كل شيء ما دامت الوعود بالمستقبل الافضل مغرية لها..
ألا ترى أن كثيراً من المواطنين الشرفاء يلزمون الصمت إزاء ما يحدث في المحافظات الجنوبية؟
- الظروف فرضت عليهم السكوت والصمت على ما يكرهون..
إلامَ تعزو الاختلالات الأمنية الحاصلة في كثير من المحافظات الجنوبية؟
- الى المستفيدين من هذه الاختلالات والانفلات الأمني.
فصائل معقدة
التحركات المكثفة للقيادات الجنوبية العائدة من الخارج.. هل تخدم القضية الجنوبية أم تزيد من تعقيداتها؟
- تعددت الفصائل وكل فصيل لديه رؤية خاصة تتبع الممول لهذا الفصيل.. وبالتأكيد أن هذه الفصائل تزيد من تعقيدات القضية بسبب تعدد الاطروحات بالنسبة للمشاكل وايضاً وضع الحلول لها.. ومن البدهي أن تباين الآراء والتعصب في الطرح يزيد الخلاف حتماً.
إعلام استفزازي
تقييمك للدور الاعلامي تجاه القضية الجنوبية؟
- الاعلام بشكل عام لم يوضح للناس ما يدور في البلاد بأكملها شمالها وجنوبها شرقها وغربها.. الاعلام ينجر وراء الاحزاب ويسعى للإثارة وكأن صوت أنين المواطن لا يعنيه.. هناك ممارسات سيئة الى أقصى حد في كثير من المناطق والمحافظات أثرت على حياة المواطنين لم يلتفت اليها الاعلام.
حقيقةً.. كان الاعلام سبباً رئيساً في تفاقم الأزمة ولايزال يمارس استفزازات مؤثرة على الحياة الطبيعية التي يطمح اليها المواطنون.
ليسوا قِلة
وكيف تنظر الى حكومة الوفاق ودورها في الدفع باتجاه حل الأزمة؟
- حقيقةً كنت أتمنى على من خطط للمبادرة الخليجية أو من ساهم في وضع آليتها التنفيذية ألا يكون اختيارهم لرئيس الحكومة وأعضائها من قوائم الاحزاب.. كنت أتمنى أن يلتزم هؤلاء بالاتفاق على شخصيات وطنية مستقلة- وهم ليسوا قِلة- وتمكينهم من إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية للمبادرة الخليجية باستقلالية تامة وألا يطرح التقاسم الحاصل اليوم.
ولِمَ لا تكون من الأحزاب؟
- نحن اليوم أمام واقع يقول بأن نصف الحكومة القادم من الشارع لم ينسَ أنه أتى بفضل ضغوط الساحات فلاتزال التصرفات تأتي باتجاه محاولة إرضاء هذا النصف لمن فرضوه، والنصف الآخر المتمثل بالمؤتمر وحلفائه يحاول أن يتجنب الوصول الى المواجهة مع النصف القادم من الشارع المتمثل بالمشترك وشركائه حتى لا يقال عنه إنه معرقل للمبادرة الخليجية في وضع إعلامي متحيز الى أقصى حد مع الطرف القادم من الشارع.
تشريعياً.. فقط
باعتبارك عضواً في مجلس النواب.. ما موقعكم من المبادرة الخليجية؟
- للأسف المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وضعت اعضاء مجلس النواب خارج نطاق المبادرة فيما يتعلق بالمشاركة الفعلية في تنفيذها ما عدا الجانب التشريعي.. لقد غاب عن الكل ممن اقترح أو ساهم أو شارك في وضع المبادرة .. ان أعضاء مجلس النواب هم الممثلون الحقيقيون للشعب بصورة عامة ولدوائرهم الانتخابية بصورة خاصة قبل أن يكونوا ممثلين للاحزاب.
هل سيكون منكم ممثلون في مؤتمر الحوار الوطني؟
- يجب أن يكون أعضاء مجلس النواب مشاركين أساسيين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل باعتبارهم ممثلين عن الأمة اليمنية بشكل عام.
الأمان قبل الإيمان
أتعتقد أنه آن الأوان للبدء بالحوار الوطني الشامل؟
- برأيي الشخصي يستحيل الاجماع على نقاط لوضعها على طاولة الحوار في ظل الظروف التي نعيشها والتنازعات الموجودة على مستوى الوطن بأكمله، لكن الانسب الآن- باعتقادي- أن نسعى جميعاً الى استقرار الوضع الامني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.. الخ في عموم محافظات الجمهورية وأن نعزز دور المحافظات في اختيار قيادات قادرة على إدارة شئونها، وعلى المركز أن يسهل الاجراءات المالية وفقاً لاحتياجات كل محافظة لنعطي تلك القيادات فرصة بأن تسهم في استقرار محافظاتها حتى نصل الى تهدئة لكل النفوس.
يجب أن نفكر بالحوار بعد أن يكون لدينا استقرار كامل في جميع المجالات ونعرف ما الذي تريده البلاد من حوارنا..
فلا يعقل أن نتحاور ونحن لا نأمن على حياتنا كمواطنين، فالأمان قبل الايمان فما بالك بالحوار..
يعني أن الحوار غير ممكن في ظل الظروف الراهنة؟
- إذا توافر الاستقرار في مختلف المجالات يمكن طرح الطاولة حينها ستجد الآراء متقاربة والحلول للمشاكل ممكنة.. أما حوار في ظل الوضع الراهن فستكون الأفكار متضاربة والحلول مثلها..
خرج ولم يعد؟!
الاسبوع الماضي ألقى الدكتور ياسين سعيد نعمان محاضرة ألمح فيها الى أن الحزب الاشتراكي هو الممثل للجنوب.. ما رأيك؟
- مع احترامي للدكتور ياسين إلا أنه يغالط نفسه.. ففي عهد هذا الحزب لم يكن أحد يستطيع أن يعارض أو يعطي رأياً مخالفاً للحزب الاشتراكي، وإذا فعل صار في خبر كان.. ومن حق أي أحد أن يحسب كم هي الوجبات التي راحت فيها دماء المواطنين في المحافظات الجنوبية من 67 - 1990م، وإذا بحثت عن سبب استقرار الوضع في المحافظات الجنوبية أيام حكم الحزب الاشتراكي فستجدها في نظرية «خرج ولم يعد»!!
ولهذا يستحيل أن يقبل أبناء المحافظات الجنوبية أن يكون الحزب الاشتراكي ممثلاً لهم تحت أي مسمى، ولولا الوحدة لكان هذا الحزب سيواجه نفس المصير الذي واجهه الاشتراكيون في الدول التي كانت مجاورة للاتحاد السوفييتي.
الاستقرار.. أولاً
هناك من يطالب بفك الارتباط وهناك من يريد وحدة اندماجية وآخرون فيدرالية والبعض اتحادية وغيرهم كنفدرالية.. من وجهة نظرك ما الخيار الاقوى مما سبق؟
- وفّر استقراراً في مختلف مجالات الحياة في عموم أنحاء الوطن وبعد ذلك ابحث عن الخيارات الاقوى أو المناسبة وستجد أن اليمنيين لهم رأي واحد لا غير ناضلوا وقدموا من أجله قوافل من الشهداء!!
ما الحلول التي تراها مناسبة لحل القضية الجنوبية والتي يجب أن تُطرح في مؤتمر الحوار الوطني؟
- حل القضايا والمشاكل حلاً جذرياً .. تكافؤ الفرص.. معيشة كريمة.. مواطنة متساوية.. استقرار الاوضاع .. حينها ستجد المواطنين متماسكين وملتقين حول وطن واحد كما هم ملتقون حول رب واحد..
يمن جديد
كلمة أخيرة؟
- أشكر صحيفة «الميثاق» على اهتمامها بقضايا الوطن الكبير والغالي على نفوسنا.. وأتمنى من كل الاطراف السياسية والقوى الوطنية استشعار المسؤولية تجاه الوطن الموحد وأن نتكاتف ونعمل بروح الفريق الواحد في سبيل استقرار وطننا ومكافحة كل الظواهر السلبية من أي طرف كان، وأؤكد أنه إذا تم ذلك فإننا خلال سنة سنجد يمناً جديداً يمد يد العون للآخرين، لا يمد يده طلباً للعون..