محمد أنعم -
الذين يذهبون الى المطالبة ببناء الدولة المدنية في اليمن يحملون طموحات كبيرة وصعبة المنال ان لم يكن تحقيقها الآن من المستحيلات..
ونعتقد أن حشر مؤتمر الحوار الوطني في قضية بناء الدولة المدنية قبل الاتفاق على تعزيز مقومات أركان الدولة اليمنية أولاً، سيجرنا الى متاهات كثيرة.
لا نريد أن نكون طوباويين ولا باعة أوهام، بل لابد أن نكون واقعيين حتى نستطيع حلّ قضايانا، الأمر الذي يتطلب من الاحزاب والتنظيمات السياسية وكل القوى الوطنية أن توجه قضايا مؤتمر الحوار الوطني صوب تعزيز بناء الدولة اليمنية أولاً وبسط نفوذها على جميع أراضي الجمهورية اليمنية وإنهاء التمردات التي تهدد بتقويض الدولة وتمزيق البلاد، وكذلك تفعيل عمل المؤسسات التي يمكن أن تؤسس اللبنات الأولى لبناء الدولة المدنية الحديثة..
بصراحة نشعر بقلق كبير على مؤتمر الحوار الوطني عندما ينبري الجميع للتقليد ولا يراعون الواقع.. ويضطر البعض للمجاراة حتى لا يقال إن له مواقف رجعية أو انه يقف عائقاً أمام عجلة التطور والتقدم.
وعلى الجميع أن يدركوا أن عجلة التغيير يمكن أن تتوقف بمسمار صغير أو صخور حادة خصوصاً عندما ندرك أن أهمية تعزيز بناء الدولة اليمنية أولى في هذه المرحلة وضرورة بالغة الأهمية لبناء الدولة المدنية التي ننشدها، لأن مقومات بناء الدولة المدنية كلها مرتبطة أصلاً بقوة حضور الدولة وتماسكها.. لكن أن يجري الحديث عن شعارات وأحلام وأوهام سيحصدها الشعب من مؤتمر الحوار، فذلك سيقودنا الى مأزق خطير جداً.
حقيقة نحن مع ما يطرحه الدكتور محمد المتوكل وما يتطلع اليه الاصدقاء والاشقاء بهذا الخصوص.. لكن هل المطلوب أن نطبق نظريات الزنداني أو اليدومي أو صادق الاحمر أو عبدالملك الحوثي أو الحراك في بناء الدولة المدنية.. وإذا كانت هذه النماذج غير صالحة وتتعارض مع أبسط مقومات بناء الدولة المدنية المتعارف عليها في العالم.. فهل من الممكن لمؤتمر الحوار تجاوز هذه المتاريس والألغام وكوابح التغيير ومعوقات بناء الدولة المدنية دون مخاطر تهدد بتفكيك الدولة في حال نجح المتحاورون وتمسكت هذه القوى برؤيتها للدولة المدنية على طريقة «حصبستان وارحبستان وقمستان» بنموذج صعدة؟
أعتقد أن الاجماع الدولي والتشديد على ضرورة أن يكون الحوار تحت سقف الوحدة، فهو تأكيد واضح على تعزيز بناء الدولة اليمنية أولاً.. كخطوة أساسية لبناء الدولة المدنية التي يتطلع اليها اليمنيون.. وهي رؤية واقعية ولا بد أن تكون أيضاً أكثر واقعية.