مطهر الاشموري -
ربطاً بانتخابات 2006م فإنه حدثت ملاسنة أو خلاف مواقفي بين اليمن ومصر أو صالح ومبارك. علي عبدالله صالح كان رفض ترشيح نفسه لدورة رئاسية جديدة فيما مبارك رد «أنا مش عايز حركات نصف كم».. والموقف سار في تداعيات أكثر من ظاهر وظواهر.
رد مبارك أو ما طرحته معارضة المشترك -آنذاك- يعني أن رفض ترشح صالح كان تمثيلية لإخراج مظاهرات تجبره على الترشيح، فحتى لو كان الأمر كذلك فإلى أي حد كان مبارك قادراً على اخراج المظاهرات من أجل أن يرشح؟!
بالنسبة لي فإني لا أعتقد أن علي عبدالله صالح بما صار فيه هو سيناريو وتمثيل أو تمثيلية، ولكنه قرار غير كامل أو غير حاسم وترك خط رجعة للتراجع أو المراجعة.. علي عبدالله صالح كان يعي أن عدم الترشيح هو لصالحه أو أفضل له ولكن أموراً وحسابات تعنيه كانت تمثل بعض الضغط، وذلك ما جعله يواجه حزبه المؤتمر بنصف أو ثلاثة أرباع قرار وضغط خصومه السياسيين كأثقال ليرشح ويبقى كانت الأكثر تأثيراً من مظاهرات المؤتمر.
حوار 2008م الذي أفضى الى تأجيل الانتخابات كأنما أهم ما أكده وجهان بحقيقة واحدة في التغاضي أو كمعطى وهو أنه لابديل متوفر لصالح لحكم ولا بديل توفر للمشترك كمعارضين.
فأي انتخابات يقاطعها المشترك ليست ديمقراطية أو من الديمقراطية وذلك يعني أن المشترك كان يضغط بورقة أنه لا بديل له كمعارض وعندما يرفض صالح الترشيح ولا يدفع ببديل للترشيح من حزبه فهو يضغط بورقة اللابديل ليس فقط على حزبه المؤتمر وانما على المشترك المعارض أيضاً.
استخدام الديمقراطية للصراعات ومتراكم الصراعات على الحكم خلقت بالتوافق والتلقائية أزمة بديل النظام والحاكم تحديداً أو أزمة بديل المعارضة وبالتالي فالاصلاح بعد انتهاء الحاجة لشراكته ذهب ليرسي من خلال المشترك ومنع الاشتراكي تحديداً من تحالف أو شراكة مع المؤتمر للتعامل مع استحقاق أو حقيقة أنه لا بديل للمشترك في أي انتخابات.
الفترة التي أمضاها مبارك كحاكم في مصر أو بن علي في تونس كأنها تؤكد الوصول الى واقعية أنه لا بديل للحاكم في مصر أو تونس من تلقائية استقراء كما اليمن. لاعطاء ذلك واقعية أو صبغة بالديمقراطية كصيغة أو تصويغ بمدى واقعية وجود حقيقة مقابلة.. «لا بديل لمعارضة».. كحزب أو تكتل.
مثل هذا لم يحدث وزج بالاسلاميين في مصر ومعهم الشيوعيون في تونس ولم يكترث مبارك في آخر انتخابات حتى بأحكام للقضاء حول التزوير..اما أن التجربة الديمقراطية كانت أفضل بأي قدر أو أن الانتصار بالاخوان في حروب المناطق الوسطى فرض مرونات ومستوى واقعية القبول بالآخر والتعامل معه بما يمثل ديمقراطية بأي قدر والطريق التي تمت بها الوحدة اضافت لأوزان أو توازنات الصراعات ما هو من الديمقراطية يحس به بما لم يحس في تونس أو مصر.
ما دمنا وصلنا الى الأزمة الوجهين «بديل الحاكم» و«بديل المعارضة» فذلك يعني أن علي عبدالله صالح بدوره برع في استخدام ديمقراطية الصراعات أو في صراعات الديمقراطية وما حدث هو استعمال الزعيم علي عبدالله صالح 2006م للصراعات ديمقراطياً كورقة والمشترك مارس ذات الاستعمال 2008م ولكن من وجه انعدام بديله.في العقد الأول للوحدة ظل الاشتراكي يراهن على سقف وأهداف الصراعات اقليمياً لأهدافه ومواقفه فيما المشترك انتقل تدريجياً في النصف الثاني لعقد الوحدة الثاني في الاعتماد والرهان على أحداثية متغير يمثل خطاً في اطار خطة للقوى الأقوى والفاعلة عالمياً.
صالح ونظامه بات مهدداً بالتغير الذي لا يعيه ولا يعلم به ولا يستشفه أو يستشرفه وكذلك بقية الحكام بغض النظر عن واقعية اخطاء كل نظام أو واقع تجريب ديمقراطي أو غيره.
اذاً سيناريو محطة 2011م صمم لإقصاء أنظمة أو حكام فالمعارضات هي المستفيدة وكون أفضلية المحطة أو هدفها «الاخوان» فالحل السياسي للفترة الانتقالية اختلف في تونس ومصر فيما حدث التوافق ديمقراطياً بإيصال الاخوان للحكم.
واقع اليمن لا يقبل حلاً للفترة الانتقالية لا كما تونس ولا كما مصر، ولكن «الاخوان» هو الطرف الوحيد الفاعل الى حد الاستئثار بانتهازية في السطو على المواقع وفرض السيطرة على الواقع ولا ندري ماذا سيفضي اليه الحوار الوطني ولا تقدير نتائج الانتخابات ان تمت في وقتها 2014م.
أجنحة الاشتراكي كانت تتصارع على الحكم ولا تتنافس من أجل أفضلية للواقع والاخوان صارعوا ويصارعون من أجل الوصول للحكم، وهم ظلوا النظام أو ثقله في الواقع طوال فترة حكم الزعيم علي عبدالله صالح «فهم كانوا كرته بقدر ما هو كرتهم».
مثلما محطة 2011م بسقف واسناد قوى عالمية دفعت المعارضات للانقلاب على الأنظمة كثورات أو من مسماها فالصراعات الاقليمية ربطاً باليمن هي التي دفعت الاشتراكي للتصعيد الى حرب 1994م قبل أو فوق خطايا نظام.
وبالتالي فهذه الصراعات السياسية على الحكم اختزلت بعد الوحدة أما الى انفصال كتمزيق لليمن أو الى اقصاء صالح كنظام وأي قضايا في الواقع أو اخطاء أو خطايا تستعمل سياسياً بهذا السقف والأهداف ولا تواجه واقعياً أو لانهائها كإصلاح في واقع..ذلك ما فرض على الزعيم علي عبدالله صالح والنظام أولوية منع اقصاء وخلق قدرات الممانعة بانقلاب للتغيير أو من خلال المتغير.
ولهذا فالنظام حين محطات مثل 1994م أو تحرير الكويت 1991م أو محطة 2001م كان يعي ما في المتغير من انقلاب عليه أو ما يحمله من دعم لمثل هذا الخط فكان يعد ويستعد بشكل افضل اذا ما نظرنا الى ما في محطة 1994م من صعوبة ومن خطر.
محطة 2011م هي فاجأته حقيقة والاستشعار المتأخر بها من حالة وأحداث تونس لا يتيح لعمل ذا تأثير، ومن ناحية أخرى فمحطة 2011م، يصبح رحيل الحاكم هو أقل ما تنجزه وقد لا تقبل به كإنجاز والمشكلة في سوريا لم تعد في رحيل بشار الأسد أو المناورة برفض الرحيل في تقديري ولكنها فيما تريده اثقال محطة 2011م، أكثر وأبعد من مجرد رحيل بشار في واقع سوريا.
ها هي محطة 2011م، بصالح الحاكم والمشترك المعارضة قدمت عبدربه منصور هادي بديلاً بنجاح لصالح من وضع الواقع وتموضع وتداعيات الأزمة، والمحطة لا يعنيها مشكلة أخرى صوغت أو تراكمت كما بديل المعارضة.
لو أن الزعيم علي عبدالله صالح أقرن رفضه للترشيح بتقديم الاخ عبدربه منصور هادي المرشح من حزبه كبديل لكان أفضل له أو أفضلية من وضع الصراع وتموضعه مع التطورات والمتغيرات، وضغوط أثقال في المشترك والأخوان تحديداً هي التي دفعته للتراجع والقبول.
ليس ذلك فحسب بل ان تصميم المشترك على تأجيل انتخابات 2008م والتمديد لعامين للنظام ثم الموافقة والتوقيع على اتفاق 2010م للحوار هي مما لم يعرف عن المشترك كسلوك أو مواقف وكل ذلك كان مناورات توطئة لمحطة قادمة ومن خلال معلومة.
لو مارست روسيا والصين ازاء الحالة السورية موقفاً غاب وتوارى منذ انتهاء الحرب الباردة وذلك ما فرض صمود النظام في سوريا ويفرض واقعية التوازن بأي قدر في الحل السياسي ولكنه قبل وغير ذلك فإنه لم يستطع أي حاكم مواجهة المحطة وواقع التثوير بحنكة علي عبدالله صالح ومن وضع التفاجؤ ووقع المفاجآت.
اذا هو رفع شعار «الوحدة أو الموت» في محطة 1994م، فهو في محطة 2011م، جسد شعاراً لم يقله كمسلك وممارسة وهو «موت أفضل من موت».
صدام حسين وحين تفاوض وعروض ما قبل غزو العراق كان يمارس مفاضلة الموت والحياة التي باتت تطرح له أو عليه هي الأسوأ من الموت وموته يمثل أفضلية عن القذافي أو مبارك «الحي».
فالزعيم علي عبدالله صالح وصل الى مفاضلة للموت وأن ظل له بقاء ضمن خلال خيار الموت «اطلبوا الموت توهب لكم الحياة».
علي عبدالله صالح يشاهد الموت ليلعب سياسة وينجو بأعجوبة ويصحو من غيبوبة ليلعب سياسة.. اذاً الموت خيار للآخرين فليأتِ ان تمكنوا وهو من خلال الموقف يختار الموت فيكون خياراً وان كتبت له الحياة فلن تكون إلاّ من خياره.
علي عبدالله صالح بات الرحيل قراره منذ 2006م وهو حسمه مع أحداث تونس وعند القياس التاريخي ومن وضع وتموضع حكام وأنظمة المنطقة فهذا الاستعداد لرحيل سلمي ومن خلال حل سياسي يتمنى مجيئه أو القبول به من أكثر الحكام خطايا أو أسوأهم ديكتاتورية ونحوها ومثل ذلك يمثل الخطوة الأهم لنقل أي واقع لشروع في الديمقراطية أو البدء في مشروعه ولو أن محطة 2011م تمنع قمع كل الأنظمة فكل الشعوب تريد التغيير.
قيمة خطوة الزعيم علي عبدالله صالح توضع في حقيقتها واستحقاقها من مثل هذه الصورة أو التصور وعلى اطراف واثقال المراجعة من أوعيتها وأطراف وأثقال أخرى أن تراجع وعيها ولوعيها من المنظور التاريخي -غير الصراعي- للخطورة وللمحطة!