الميثاق نت/فتحي الباشا - من يتابع التراشقات الإعلامية بين جماعتي "الإخوان، الحوثي" يخيل له أن حرب داحس والغبراء جديدة وبمواصفات القرن الواحد والعشرين ستندلع بين الفريقين لتلتهم قضهم وقضيضهم وتشعل البلد من مران حتى شحن ومن الخشعة حتى باب المندب ، إلا أن التدقيق في انسحابات ذلك التراشق على صعيد الأداء السياسي والعملياتي للجماعتين يكشف أن كل ذلك اللغط الإعلامي الذي يتبادله الطرفان يدار على طريقة المثل القائل : "نسمع جعجعة ولا نرى طحينا".
وللمتابع الحصيف أن يسأل، كيف يتم هذا التراشق الطاحن والموتور إعلاميا بينما التحالف والتنسيق بين المكونين ما زال قائم على الصعيد "السياسي" تحت مظلة اللقاء المشترك وشركائه، و"الميداني" عبر ما يسمى "الائتلافات الثورية" المشتركة التي تديرها الجماعتين داخل ساحات الاعتصام في أكثر من محافظة بما في ذلك العاصمة صنعاء ، و"إعلاميا" بالاستمرار في تبني الخطاب التصعيدي الذي يستهدف المؤتمر الشعبي العام ويتعمد الإساءة لقياداته (كخصم مشترك للطرفين مصلحة في إسقاطه) ..وانتهاء بالتحالف الغير معلن تحت سقف تحضيرية الحوار الوطني .
ما يعني، أن التحالف بين الجماعتين قائم وفق أوجه عدة وأن الصراع بين الفكرتين (كما تريد تصويرها الماكينة الإعلامية للطرفين) في حقيقته ليس أكثر من "زوبعة بفنجان" دار وما زال يدور ضمن قواعد اللعبة التي حددها الطرفان مسبقا ضمن ما يمكن اعتباره إستراتيجية لتبادل المنافع أو الأدوار التي ينتهجانها لتتراوح العلاقة بينهم ما بين "التحالف،الاندماج" حينا و"التراشق الإعلامي، الصدام المسلح" حينا آخر وبما يخدم الأهداف النهائية لكليهما في التوسع وفرض مقومات مشروعه في مناطق نفوذه "التقليدية" .."وبما تقتضيها ضرورات ومقتضيات كل مرحلة سياسية " .
فتنظيم الإخوان المسلمين في اليمن (وهو يمثل نظريا الذراع السياسية للحركة السلفية) يريد تقديم نفسه لدول الجوار الإقليمي بكونه حامى البوابة الجنوبية للجزيرة العربية في وجه المد الشيعي وسيفها المسلط على رقاب الرافضة، بينما يريد الحوثي تقديم نفسه لأطراف إقليمية باعتباره حامي المذهب الشيعي في اليمن واليد الطولى للمشروع الإيراني في الجزيرة وأحد أذرع معسكر دول الممانعة في المنطقة ،ولكل من الجماعتين وفق هذه الخارطة مصلحته في وجود هذا التخندق وتنامي قوة أطرافه والدفع بهذا الاستقطاب الحاد الذي تفتح له خزائن الحجاز وطهران لواجهة الأحداث .. رغم انسحاباته الخطيرة على النسيج الاجتماعي في البلد وأمن المنطقة بالكامل .
كما يمكن اعتبار ذلك الاصطفاف بالنسبة للجماعتين بمثابة جزء من التعبئة التنظيمية التي تعمد اليها التنظيمات الدينية بين أعضائها وتقوم على فكرة "صناعة العدو"، بالإضافة إلى أن هذا التراشق والتهويل المتبادل هو جزء من إستراتيجية استنفار الخصم ودفعه للمزيد من الفعل السياسي بهدف تحريك عملية الحشد والتنظيم التي ترتكز على نظرية "الاستقطاب الطائفي" التي يستفيد منها الطرفين بالمحصلة ليبقى الخاسر الوحيد هو النسيج الاجتماعي والوئام المذهبي في البلد.
|