كلمةالميثاق -
تواجه اليوم الأمة العربية والإسلامية أحداثاً خطيرة ازدادت حدتها مع بدء مخطط ما يسمى بـ»الربيع العربي» الذي يحمل تسمية ناعمة وخادعة ..لكنه في الواقع اعصار صهيوني أهوج يسعى لتدمير العرب- أمةً ودولاً وشعوباً.. وتاريخاً وحضارةً.. وحاضراً ومستقبلاً.. فواقع الحال العربي المزري وما يتعرض له اليوم الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة وكل فلسطين من اعتداء صهيوني غاشم هو نتاج لهذا الربيع أو بالأصح الاعصار الأجنبي المدعوم صهيونياً المدمر لإمكانات الامة ومكامن قوتها.. وما هذا الصلف الصهيوني الذي يزداد وحشية الا نتيجة لهذا الواقع العربي الهش الذي اوجده الاعصار الغربي باتجاه رسم خريطة سياسية جديدة تفرض على المنطقة بالقوة.. بعد ان نجح هذا الربيع- الذي يقترن بسفك الدماء وتدمير الأوطان واشعال الكراهية والأحقاد بين أبناء الوطن الواحد- في إخراج العرب من خنادق المواجهة لبناء وحماية مشروعهم الحضاري ووضع المنطقة برمتها أمام مشروع صهيوني غربي متطرف.. إن هذه الحقائق المؤلمة باتت تتحدث عن نفسها في هذه الانتكاسة القاتلة التي نشاهدها في دول ذلك الربيع حيث تجتاحها أعاصير صراعات (فرق تسد) العبثية، مخلفةً الخراب والدمار والفوضى في كل ارجائها، حاملةً معها مشاريع تمزيقية وتفكيكية تسعى إلى تحويل اقطارنا الى كيانات صغيرة ممزقة تكون أشبه بكنتينات ضعيفة وهزيلة لا هوية لها فاقدة القدرة والتأثير حتى في تحديد مصيرها البائس المزري الذي ستؤول إليه.
ولعل ما آلت اليه الاوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والامنية في العديد من اقطارنا العربية- بدءاً من تونس مروراً بليبيا ومصر وصولاً إلى سوريا وبلادنا- تبين الصورة القاتمة لحقيقة ما جرى ويجري في المنطقة من انتكاسة، وهي ليست بعيدة عما يجري في فلسطين تحديداً من عدوان صهيوني بشع وتواطؤ دولي واضح ..وهذا في غياب التضامن العربي وهو يؤكد انه لا مجال للتأويل والتفسير أو التبرير لفظاعة هذا الاعصار الصهيوني المدمر لكيان أمتنا.. ومن يحاولون فصل هذه الأحداث عن بعضها البعض إما انهم جزء من هذا المشروع التآمري أو انهم عميان البصر والبصيرة في قراءة وفهم تداعيات هذه التطورات الخطيرة..
وأمام هذا الوضع العربي والتداعيات الخطيرة ندعو الجميع إلى توحيد الصف العربي وعدم الانشغال في تأجيج الصراعات العربية- العربية، والاتعاظ من دروس تاريخ الحرب العالمية الاولى ونتائجها الكارثية على العرب.. ولا نحتاج هنا للتذكير باتفاقية «سايكس بيكو» سيئة الصيت و»وعد بلفور» ليدرك اولئك الواهمون انهم ليسوا ثواراً بل هم مجرد ادوات يُستخدمون لتنفيذ مؤامرة كبرى ضد أمتنا تسعى بحقد إلى تجزيئ المجزأ لإقامة الشرق الاوسط الكبير الذي جرى عنه الحديث دون مواربة قبل سنوات وبُدئ تنفيذه عسكرياً بذريعة القضاء على الارهاب واسلحة الدمار الشامل ومن ثم الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006م، إلا أنه رغم كل هذا لم يُخلق مشروع الشرق الاوسط الجديد.. وعلى العرب ان يستيقظوا لأنه قد يولد من داخل هذا الاعصار الصهيوني المدمر أو ما يسمى بـ(الربيع العربي) الذي يسعى باستماتة للقضاء على امتنا العربية أو تمزيقها..
والذين يراهنون على الاوهام ومشاريع الاعداء فلن يطلب منهم بعد اليوم ان يبللوا رؤوسهم وانما سيجبرون على ان يحفروا قبورهم ولا خيار آخر أمامهم.. ولهذا لابد من اعادة التفكير في تحالفاتنا العربية وأولها قبل كل شيء علاقاتنا البينية وعدم التفريط بمشروعنا الحضاري.. فالمناصب زائلة، وستكون مصائب من لا يتعظون أعظم اذا لم يستشعروا الأخطار اليوم..