مطهر الاشموري -
بعدما عرفت أو سميت الثورة العربية الكبرى وهي كثورة عربية وكبرى تحالفت مع بريطانيا الاستعمار الغربي ضد بقايا الدولة العثمانية - بعد هذه الثورة كربيع عربي قديم - فإن بريطانيا لم تظلم أشراف مكة كما ندرس في التاريخ بل كرمتهم كثوريين وكبار الثوار فأرسلت فيصل ليحكم العراق.. وما عرف «بحلف بغداد» كان بين عناوين حكمه كما أرسلت بريطانيا «غازي» ليحكم سوريا.
فبريطانيا عندما تعين حكاماً فهي تسقط حكاماً أو أنظمة ومن جانب آخر فبعدما تسمى ثورة عربية كبرى «الربيع العربي القديم» فإن شعوباً تقبل بأن يحكمها حكام تعينهم بريطانيا كتطوير في الاستعمال لما كان يعرف بتعيين المندوب السامي.
بريطانيا مارست الاستعمال للثورة العربية الكبرى كربيع عربي للإجهاض على بقايا العثمانيين ومن ثم تطورت من المندوب السامي كاستعمار الى تعيين حكام كاستعمال و«الربيع البريطاني» أسمي «الربيع العربي» بل والثورة العربية الكبرى.
بريطانيا ظلت بعد الحرب العالمية الثانية، بين ما يعرف بالقوى العظمى ولكنها لم تعد الاقوى في الغرب أو في العالم فأمريكا باتت الاقوى لتتزعم القطبية غربياً والاتحاد السوفييتي القوة الموازية التي تزعمت قطبية الشرق.
ما عرفت بثورات التحرر العربي استفادت من تموضع ثنائية الصراع عالمياً وتداخل أوج المد القومي بالأممي.
< حينما أنذرت أمريكا دول العدوان الثلاثي على مصر 1956م «بريطانيا ، فرنسا، اسرائيل» فإنما لتأكيد زعامتها للغرب فيما يتصل بمنطقتنا وإعادة توزيع المصالح على هذا الأساس.
أمريكا هي الطرف المنتصر في الحرب الباردة وقد مارست مع بريطانيا بشكل أساسي ترتيبات المنطقة منذ تراجع وضعف السوفييت وقبل الوصول للانتصار.
أصبح ذلك ما يحس ويسهل قياسه منذ آخر الحروب وأول اتفاق سلام مع اسرائيل وكل المتغيرات جاءت من المحطات الامريكية.
احداث 2011م كثورات هي ربيع عربي جديد كاستعمال ولكن لأهداف ومشاريع تفرق وتختلف عما كان في زمن الربيع العربي القديم والثورة العربية الكبرى.
فالديمقراطية في واقع بلداننا حتى لو نظمت انتخابات بأعلى نزاهة في ظل تفعيل ما بعد أحداث سبتمبر 2001م ما كانت لتوصل الاخوان المسلمين في تونس أو مصر أو غيرها للحكم فيما تفعيل محطة 2011م أمريكا يجعل الديمقراطية تقبل بهذا.
أمريكا ليست استعمارية وليست الاستعمار ولكنها الاستعمال بشراكة اساسية مع بريطانيا ومن ثم الاتحاد الأوروبي وهي تريد وصول الاخوان للحكم كتجسيد لعلاقة احترام تقيمها أمريكا مع العالم الاسلامي تنفيذاً لتعهد «أوباما» من القاهرة، وبالتالي فهي لا تعين ولكنها تمارس تثوير وإقصاء الحكام ثم تؤثر على الديمقراطية لإيصال الاخوان للحكم.
بعد توقيع أول اتفاق سلام مع اسرائيل باتت بغداد هي عاصمة المقاطعة العربية لمصر وزعيمة ما عرفت بجبهة الصمود والتصدي والجامعة العربية انتقلت الى تونس ومجيئ الثورة الايرانية سبب تصدع وانهيار كل ذلك.
وبالتالي فتموضع إيران الصراعي وتوابعه أو اصطفافه أراه مستوعباً أمريكياً مسبقاً منذ ما عرف بالاحتواء المزدوج حتى وإن تجاوز السقف الامريكي أو الخط الاحمر لأمريكا أو اسرائيل «نتنياهو».
فأمريكا كانت تحتاج لنصف قرن أو أكثر لعدو حقيقي لها لأنها لا تستطيع تأسيس عداء حقيقي في المنطقة كبديل للعداء مع اسرائيل الا من خلال ذلك وما لديها من متراكم ومستجد تموضع وتوغل وقدرات يتيح لألعاب حرة غير نمطية وغير متوقعة وفوق قدرات القراءة والتوقع بالمنطقة.
حروب الجهاد في افغانستان كانت صفقة لرئيس أمريكي سابق «ريجان» كما أوضحت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون حين كانت عمدة نيويورك فيما الجهاد في سوريا يصبح بالإيحاء للفهم أو للإيعاز ولم يعد «أوباما» أو غيره يحتاج لترتيبات وصفقة كما في عهد «ريجان».
إذا الجهاد الاسلامي في حروب افغانستان مجرد صفقة لرئيس أمريكي والثورة العربية الكبرى كانت صفقة مع بريطانيا، واحداث 2011م كثورات سلمية هي حبكة وسيناريو غربي تم اسناده إعلامياً وسياسياً وله بعد ذلك ما يريد بدون حاجة لصفقات أو صفاقات.
خلال الحرب «العراقية - الايرانية» طرح أن سياسة الاحتواء المزدوج التي اتبعتها أمريكا لاحتواء العراق وإيران والحقيقة أن أمريكا لم تمارس أو حتى فكرت في احتواء مزدوج للعراق وإيران، ولكن كل الصراعات في المنطقة وما يتصل بها باتت مزدوجة وكثيرة العقد والتعقيدات.
فالاحتواء المزدوج والاسلحة والأوراق المزدوجة تقترب من ذروة التفعيل في المنطقة فالثورة السلمية والعنف أو الديمقراطية والاسلمة والقاعدة هي أسلحة وأوراق مزدوجة متراكمة.
لا يستطيع واقع أي بلد في المنطقة - وليس فقط الارتقاء - الى مستوى ما تطرحه محطة 2011م من ديمقراطية كواقعية ووعي وقدرات ومرونات، ولذلك فإنه لا يستطيع أي نظام الدفاع عن ذاته والبقاء من خلال التطبيع مع الديمقراطية أو إعادة ترتيب أوضاع كتموضع سريع والتطبيع مع اسرائيل بات أسهل بكل تبعاته واقعياً وشعبياً.
لم يعد أمام أي نظام الدفاع عن ذاته وتطويل عمره أو بقائه الا من خلال أفعال وتفعيل من وفي اصطفاف محطة 2011م من تموضع الاحتواء المزدوج وازدواجية الاسلحة والأوراق والأدوار..دخول الجهاديين والقاعدة سوريا هل كان في معطاه العام الداخلي والخارجي لصالح النظام في سوريا أم في غير صالحه.
هو في صالحه وهذا يأتي من كون آخرين كأنظمة أو تنظيمات تدافع عن نفسها لتحكم كما طرح إمارات وخلافات اسلامية ونحو ذلك أو لتظل في الحكم!
إذا توسعنا وتعمقنا في معطيات ودلالات مشهده كصراع أسلمة سني وشيعي فذلك جانب ووجه من جوانب ووجوه الاحتواء المزدوج كتوجهات وموجهات!